- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
دوامة الحرب السورية.. نقطة تحول في الأفق قد تضع حدا للصراع
دوامة الحرب السورية.. نقطة تحول في الأفق قد تضع حدا للصراع
- 27 ديسمبر 2022, 6:37:48 ص
- 425
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ما تزال الحرب الأهلية في سوريا مستمرة بشكل متقطع بعد نحو 10 سنوات، وما تزال الولايات المتحدة تحاول الحفاظ على نفوذها في البلاد عبر 900 عنصر من قواتها، وفي الوقت نفسه تواصل واشنطن حملة العقوبات المشددة ضد النظام، وهو الأمر الذي يدفع ثمنه الشعب بشكل رئيسي.
وماتزال البلاد ساحة لعدد من الجماعات المسلحة الموالية لدول أخرى؛ مما يخاطر باشتعال صراع أوسع في أي وقت. لقد اعتقدت واشنطن أن تصعيد الضغوط سيخلق حكومة صديقة في دمشق بطريقة أو بأخرى، ولكن بدلاً من ذلك توقفت الجهود الغربية للانتقال الديمقراطي منذ فترة طويلة.
وحافظت إدارة "جو بايدن" حتى الآن على الوضع الراهن، وقال الخبير "عبدالرحمن المصري" من مركز "المجلس الأطلسي": "الولايات المتحدة لا تعرف ما تريده في سوريا وليس لديها تصور عن نهاية متماسكة، ومن غير المحتمل أن يتغير هذا بالنظر إلى التحول الدراماتيكي في أولويات أجندة السياسة الخارجية الأمريكية والافتقار الحاد إلى الخيارات الآمنة لإعادة الانخراط في سوريا".
ومع ذلك، حدث تغير دراماتيكي، حيث طرح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" فكرة مقابلة رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، وأعرب الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عن دعمه لهذه الخطوة، وإذا توصل هؤلاء الثلاثة إلى طريقة للتعايش فقد يؤدي هذا لإنهاء الصراع وإعادة دمج سوريا في المنطقة.
ويجب على واشنطن المساعدة في هذه العملية عن طريق التراجع عن العقوبات التي تستهدف الشعب السوري، وتشجيع شركائها في الخليج على إعادة الانخراط مع دمشق.
صراع مهدد بالتفاقم
بدأت الحرب الأهلية السورية في أوائل 2011 باحتجاجات ضد حكومة "الأسد"، وسرعان ما اندلع العنف واجتذب النزاع أطرافا خارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وكانت ساسية واشنطن معقدة بشكل جعلها غير قابلة للتطبيق، حيث سعت إلى القيام بعدة أشياء في وقت واحد، مثل التخلص من "الأسد" وهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" ودعم المتمردين المعتدلين، والتحالف عمليا مع جماعات إسلامية (بما في ذلك تنظيم تابع للقاعدة) والتوافق مع تركيا (التي هاجمت المليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة)، بالإضافة إلى طرد القوات الإيرانية والروسية، فيما ركزت موسكو وطهران ببساطة على دعم حكومة دمشق.
وبعد عقد من الزمان، فشلت الولايات المتحدة في تحقيق كافة أهدافها باستثناء هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية".
وتشمل نقاط الاشتعال الحالية جيب إدلب (الذي تحكمه إلى حد كبير الفصائل الجهادية وتحميه تركيا)، كما إن إسرائيل تضرب بانتظام القوات الإيرانية داخل سوريا، وتستخدم أنقرة المعارضة المسلحة للسيطرة على المناطق التي تتمركز فيها المليشيات الكردية.
وما زال تدخل أنقرة العسكري مستمرًا، حيث يهدد "أردوغان" حاليًا بغزو آخر لشمال شرق سوريا، وهي منطقة ذاتية الحكم يديرها الأكراد السوريون وتستضيف عدة مئات من الأفراد العسكريين الأمريكيين. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اقتربت الضربات الجوية والمدفعية التركية من مواقع الولايات المتحدة، وكانت شكوى مدير وكالة الاستخبارات المركزية "ويليام بيرنز" إلى أنقرة دون تأثير.
وقد يؤدي استمرار تواجد الأمريكيين إلى تفاقم الأمور، فقد تقرر موسكو استغلال ذلك للانتقام من الولايات المتحدة التي تدعم أوكرانيا، كما يمكن أن يسعى تنظيم "الدولة الإسلامية" بعد إعادة إحيائه للانتقام من واشنطن، أما الاحتمال الأكثر خطورة وترجيحًا، فهو أن تحث طهران وكلاءها على تنفيذ ضربات، كما حدث في الماضي.
وبحسب إحصاءات، كان هناك 29 هجوما (بتأثير إيراني) ضد القوات الأمريكية من أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى يونيو/حزيران 2022، ويمكن أن تجد إدارة "بايدن" نفسها في اشتباكات مباشرة محدودة ولكنها مزعجة مع خصوم غير منتظمين.
فشل نظام العقوبات
لا يبدو أن عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة ستحقق أي شئ بالرغم من مناشدات المبعوث الخاص للأمم المتحدة. وتقلل علاقات واشنطن المتدهورة مع روسيا وإيران أي فرصة للتعاون مع الغرب.
وبالرغم من الترويج للعقوبات على أنها أكثر إنسانية من الحرب، إلا إنها بالفعل أكثر تدميراً، ولا يستطيع أحد أن ينسى رد "مادلين أولبرايت" البارد على مسألة قتل العقوبات لنصف مليون طفل عراقي، حين قالت: "نعتقد أن الثمن يستحق".
وقد تم فرض عقوبات متعددة على دمشق، وأكثرها قسوة هو قانون قيصر 2019، والذي يمنع أي كيان أجنبي يتعامل مع المؤسسات الأمريكية من ممارسة الأعمال التجارية في سوريا. وادعت إدارة "دونالد ترامب" السابقة بأن العقوبات "لا تهدف إلى إيذاء الشعب السوري بل معاقبة نظام الأسد". ومع ذلك، تبين خطأ ذلك.
وكتبت الباحثة "ناتالي أرمبرستر": "استراتيجية العقوبات الأمريكية في سوريا لا تعاقب الأسد، إنها تعاقب السوريين، سواء كانوا يدعمون النظام أم لا. حاليًا، يعيش 9 من كل 10 سوريين في فقر، ويواجه 6 من كل 10 خطر الجوع".
وكانت هذه التداعيات واضحة لدى مؤيدي العقوبات، بمن في ذلك الممثل الخاص "جيمس جيفري"، الذي ضلل "ترامب" بشأن وجود القوات الأمريكية من أجل التلاعب به ليحافظ على وجود القوات الأمريكية في سوريا، وعلى الرغم من ضرر هذا على الشعب الأمريكي، فقد لعب "جيفري" دورًا رائدًا في تنفيذ العقوبات.
وبعد إقرار قانون قيصر، أوضح "جيفري" هدفا أمريكيا يظهر أن الشعب السوري كان مجرد وسيلة لتحقيق غرض مختلف، حيث قال: "وظيفتي هي جعل سوريا مستنقعًا للروس"؛ أي أن واشنطن تؤذي السوريين لمعاقبة الروس، ولكن حتى الآن لم تظهر حكومة "بوتين" أي ميل للتخلي عن "الأسد".
ولم يكن "جيفري" استثناءً، فهناك المبعوث الخاص السابق لسوريا "جويل رايبورن"، الذي احتفى بمعاناة السوريين في تغريدة هذا الشهر قائلًا: "اقتصاد الأسد والدولة تنهار: لا وقود. لا كهرباء. لا تجارة. شوارع فارغة. الأسد يطبع المال فقط لدفع الرواتب/الفواتير. والنتيجة: التضخم، ولا يمكن تلبية الاحتياجات الأساسية. وانخفضت قيمة الليرة لتصبح 5900 لكل دولار".
ولكن يبدو أن "جيفري" نفسه بدأ يشك في جدوى هذا المسار، فقد اعترف مؤخرًا بأن الحكومة الأمريكية "مدينة لمواطنيها الذين يتعرض جنودهم في كثير من الأحيان للنيران في سوريا بإجابة عن سؤال: كيف ينتهي كل هذا؟".
آفاق الصفقة المحتملة
قد تكون مبادرة "أردوغان" بشأن لقاء "الأسد" نقطة تحول في المشهد السوري بأكمله. ويشير استعداده لإعادة الانخراط مع سوريا إلى صفقة مدعومة من روسيا، تنسحب بموجبها أنقرة وتسمح لدمشق باستعادة السيطرة على حدودها مع تركيا، ومن شأن ذلك أن يوفر الأمن للأخيرة وينهي تواجدها على الأراضي السورية.
وإذا حدث هذا جنبا إلى جنب مع الانسحاب الأمريكي، فإن هذه العملية سوف تمنح دمشق السيطرة على بقية حدودها. وبدعم من روسيا وتركيا، يمكن أن تقلل سوريا من التوغل الإيراني في أراضيها، مما يقلل من التوترات مع إسرائيل.
وستشجع هذه الخطوة أيضًا دول الخليج والحكومات العربية الأخرى على إعادة العلاقات مع دمشق، ويمكن أن تنهي واشنطن حربها الاقتصادية على الشعب السوري مع الاحتفاظ بعقوبات محددة ضد الأجهزة الأمنية والعسكرية لـ"لأسد"، كما يمكن لجيران سوريا تقديم مساعدة لإعادة الإعمار.
وسيكون هناك الكثير من اللغط في واشنطن بشأن "مكافأة" و"استرضاء" نظام "الأسد". ومع ذلك، فقد خسرت الولايات المتحدة في كل من الحرب والسلام في سوريا.
لقد فشلت الإدارات المتعاقبة في الإطاحة بحكومة "الأسد"، وعاقبت واشنطن الضحايا في سوريا بدلاً من مضطهديهم، ولهذا يجب على صانعي السياسة الأمريكيين الاعتراف بفشلهم وتبني استراتيجية جديدة؛ لأن البحث عن السلام بدلاً من تعزيز الصراع يخدم مصالح أمريكا والشعب السوري بشكل أفضل.
**لقراءة النص الأصلي Ending the Syria war, getting US troops out, and lifting sanctions