- ℃ 11 تركيا
- 19 نوفمبر 2024
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: "الجدول F".. العالم رقعة شطرنح
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: "الجدول F".. العالم رقعة شطرنح
- 19 نوفمبر 2024, 1:10:29 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الحكومة الفدرالية أصبحت زبونا عند ماسك، قالها (بالفُمِ المليان)، عبر حديثه في نشرة بي.بي.أس. نيوز آور: "إن وكالة ناسا ووزارة الدفاع تدفعان مليارات الدولارات سنويًا لشركة سبايس أكس لإطلاق أقمارها الصناعية وأفرادها وصواريخها، فهناك 300 متعاقد في الحكومة الفيدرالية لديه". وكأنهُ يُسجل بطريقة ترامبية متجددة: "إن لم تكن بوسعك محاربة بلطجي، فالاستسلام هو السبيل الأفضل"، جملتين لخصتا العلاقة الثُنائية التي أثارت جدلاً كبيراً بين صاحب أحداث الكابيتول، وصاحب الحوض المطبخي، الذين كانا خصمين، تحولا لصديقين (ترامب الحاكم والحاكم الافتراضي ماسك)، ليصفها جيف بيزوس لعلك لن تُدرج أبداً ضمن أشهر عظماء الصحافيين، لكنك ستعيش لتخوض المعركة في يوم آخر.
إن إعادة تنفيذ أمر ترمب "الجدول F"، الذي يسحب الحماية الوظيفية عن بعض الموظفين المدنيين، تثير العديد من التساؤلات الأخلاقية عن علاقة شركات ماسك بالدولة العميقة، ليكتب ماسك، على منصته: "أخيرا لدينا تفويض لحذف جبل اللوائح الخانقة التي لا تخدم الصالح العام"، ففي مجال الذكاء الاصطناعي، يواجه مشروع "xAI" انتقادات بسبب تأثير منشأته في (ممفيس، تينيسي)، على المجتمعات المحيطة بها، فضلا عن اعتمادها على التوربينات الغازية، ما أثار انتقادات من وكالة حماية البيئة (EPA)، لتأتي الترشيحات بوصف.. "ترمبيون"، أبرزهم تعيين المليارديرين إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي لقيادة "دائرة الكفاءة الحكومية" المستحدثة لإحداث "تغيير جذري" في المؤسسات الحكومية وتمهيد الطريق "لتفكيك البيروقراطية الحكومية، وتقليص اللوائح الزائدة، وخفض النفقات الباهظة، وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية".
إنه هو ورفاقه الشعبويون يتشاركون فكرة أنه إذا قمتم "بإغراق المنطقة بالهراء" فسوف تطغون على قدرة أي شخص على التوسط في نقل المعلومات، وهي الفكرة التي اعتادت تعطيل المجتمعات الديمقراطية لترسيخ أنفسها في الحقائق والواقع على حيساب الأخرين من الشعوب في سلسلة خطة طويلة الأمد من الصهيونبة والأصح الماسونية العالمية، وقد أطلق على هذه التقنية تسمية "العدمية المصطنعة"، ترسيخاً لسياسة "أميركا أولاً"، كاستراتيجية تعزز نبرة ترامب القومية المتشددة في مواجهة القوى الكبرى، كالصين وروسيا، وقد يستمر في تبني سياسات جريئة غير مكترث بالانتقادات أو الضغوط، كما قدم نقل السفارة الأمريكية للقدي، ليأتي مهدياً إسرائيل جزءً من الضفة الغربية، مما سيجعله يظل، كما كان دائماً، موضع جدل واسع ونقاش عميق في الداخل والخارج، بل ومن المتوقع أن يستمر في فرض العقوبات الاقتصادية على الدول التي تعتبر منافسة لأميركا، حيث قد يسعى إلى فرض مزيد من الضغط على الصين من خلال قيود تجارية وتكنولوجية بهدف حماية المصالح الأميركية. وهو الدور الذي يعتبر ماسك وسيطاً فيه كما هو وسيط لروسيا.
لكن الشرق الأوسط في ظل استمرار بعض الأزمات الإقليمية، كعادتها الجنة والثروة الخليجية في أعين أوروبا وأمريكا، سيكون لها أيضاً نصيب من السياسات المثيرة للجدل، باستخدام استراتيجيات اقتصادية ودبلوماسية مختلفة، لتستمر تشدد نهجه القائم على السلام والتعاون الوثيق مع إسرائيل، وفرض عقوبات ترامب على إيران، ومحاولات لتقييد نفوذها في المنطقة، سواء من خلال العقوبات أو الدعم المتزايد لحلفاء واشنطن الإقليميين، والتي تدخل الوسيط (ماسك) مؤخراً في ذلك، إلى جانب محاولات جديدة لحل النزاعات المستعصية.
لقد حذر الخبراء والساسة من تولي ماسك منصبًا رفيعاً، مما قد يؤدي إلى إضعاف الوكالات التنظيمية الأساسية، وتوجهه نحو الإنفاق الفيدرالي، ليصبح قريباً جداً من علاقات أقوى مع إدارة البيت الأبيض، لتكون الاستفادة أكثر مما أنفق على حملة ترامب الانتخابية أضعاف أضعاف عبر عقود ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات وحوافز ضريبية، بالإضافة إلى اللوائح الفيدرالية التي قد تكون لها تأثيرات إيجابية على أعماله.
فعلى الأقل كما استغنى ماسك عن ألاف الموظفين في تويتر سابقاً (x)، التي يصفها البعض بـ"الفوضوية"-، عندما دخل العصفور الأزرق، يحمل حوض مطبخ، يُكررها بعد ساعاتٍ من تأكيد فوز ترمب، ناشراً صورة مزيفة تظهره داخل المكتب البيضاوي - وهو يحمل حوض مطبخ مجدداً! ليُعبر عن سعيه لفقدان 75% من موظفي الحكومة الفيدرالية مناصبهم، وهو ما يراه كثيرون بمثابة "تصريف المستنقع" الحكومي.
إن النسخة المحدثة من ترمب، ليست سوى ظل مشوش وثرثار لظله القادم "ماسك"، ولا شك أنه سيلحق ضرراً بالعالم وأميركا قبلها، ولكن قد يتبين مع مرور الوقت أن ماسك هو الشخص الذي يجب أن نقلق منهُ أكثر؟!!.