- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
في أمريكا الجنوبية: ترامب يخسر بالفعل الحرب التجارية مع الصين
في أمريكا الجنوبية: ترامب يخسر بالفعل الحرب التجارية مع الصين
- 12 نوفمبر 2024, 10:01:49 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في بيرو، ثاني أكبر مُصدّر للنحاس في العالم، تجد الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب نفسها على الطرف الخاسر في معركة تجارية مع الصين، والتي تُعد جزءًا من إعادة ترتيب القوى في المنطقة الغنية بالموارد في جوار واشنطن. وتستعد بيرو، المستضيفة لزعماء منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) هذا الأسبوع، لاستقبال الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي من المتوقع أن يفتتح ميناءً جديداً شيدته الصين في البلاد. كما سيحضر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن.
وتعكس بيرو تحديات أوسع تواجهها واشنطن في أمريكا الجنوبية، حيث زادت هيمنة الصين بفضل احتياجها الكبير لصادرات المنطقة الرئيسية، مثل الذرة والنحاس وفول الصويا واللحوم ولليثيوم المستخدم في البطاريات، مما جعل الصين الشريك التجاري الأساسي لدول المنطقة مثل البرازيل وتشيلي والأرجنتين، وهو ما أدى إلى تراجع النفوذ السياسي الأمريكي هناك، خاصة مع سياسة "أمريكا أولاً" التي انتهجها ترامب في فترته الأولى واستمر تراجعها في عهد بايدن.
وقال لي شينغ، أستاذ بمعهد استراتيجيات الدولية في قوانغدونغ، إن "الأهمية الاستراتيجية تكمن في أن هذه المنطقة تُعد الفناء الخلفي للولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن ذلك يساهم في موازنة الوجود الأمريكي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والتقليل من مخاطر الحرب التجارية. وأضاف: "لا يمكن للصين البدء ببناء قواعد عسكرية هناك لأنها خطوة حساسة قد تؤدي لتفاقم الصراع مع الولايات المتحدة، لذلك اختارت تعزيز علاقاتها الاقتصادية أولاً."
ويظهر التحول الكبير في بيرو، حيث تفوقت الصين تجارياً على الولايات المتحدة بفارق 16.3 مليار دولار في العام الماضي، وفق بيانات "UN Comtrade"، وذلك بعد أن كانت واشنطن اللاعب الرئيسي قبل عقد من الزمن. وترافق ذلك مع استثمارات صينية كبيرة في مجالات الطاقة والتعدين.
وفي عام 2015، تفوقت الصين على الولايات المتحدة في التجارة مع بيرو، واستمر الفارق بالنمو خلال فترة ترامب بين 2017 و2021، وأيضاً خلال فترة بايدن. وقال إريك فارنسورث، مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية ويعمل الآن في مجلس الأمريكيتين، إنه "ما لم تُول الولايات المتحدة اهتمامًا جادًا بسياسة اقتصادية فعّالة تجاه المنطقة، فستستمر المنطقة بالميل نحو المصالح الصينية."
ولم ترد السفارة الأمريكية في ليما على طلب للتعليق، بينما حذّر مسؤولون أمريكيون مراراً من أن الاستثمارات الصينية قد تكون ذات شروط مرتبطة، مؤكدين أن الولايات المتحدة شريك أكثر موثوقية.
"سنغافورة أمريكا اللاتينية"
من أبرز معالم التغيير في المنطقة ميناء جديد يقع على بعد 80 كيلومتراً شمال ليما في شانكاي، وتبنيه شركة "كوسكو شيبينغ" الصينية المملوكة للدولة، ما سيقلل مدة الشحن إلى آسيا، خصوصاً للصادرات البيروفية والبرازيلية. وأثار الميناء الصيني القلق في الولايات المتحدة بشأن الأمن الإقليمي، لكنه سيساهم في تعزيز الطريق التجاري إلى الصين.
وقال وزير النقل والاتصالات البيروفي، راؤول بيريز رييس، إن الميناء سيوفر مسارات مباشرة إلى آسيا، ما سيختصر مدة الرحلة إلى موانئ الصين بما يتراوح بين 10 و20 يوماً، مضيفاً أنه سيتنافس مع ميناء مانزانيلو في المكسيك وقد ينافس في النهاية ميناء لونغ بيتش في كاليفورنيا. وقال: "هدفنا هو أن نصبح سنغافورة أمريكا اللاتينية."
ويدفع ميناء المحيط الهادئ إلى استثمارات أخرى لتعزيز الربط التجاري، خاصة للمنتجين في البرازيل الذين يسعون لتقليل تكلفة ومدة الشحن إلى آسيا وتجنب المرور عبر قناة بنما. وتعمل الحكومة البيروفية على مشروع سكة حديد بقيمة محتملة تصل إلى 10 مليارات دولار لنقل فول الصويا البرازيلي إلى الصين.
وبالرغم من الترحيب بكل من الصين والولايات المتحدة كشركاء رئيسيين، يعترف المسؤولون بأن الصين تقدم اهتماماً أكبر للمنطقة. وقال مسؤول بيروفي: "بيرو منفتحة للتجارة مع جميع الدول، ولكن الصين تركز استثماراتها في أمريكا اللاتينية وأفريقيا بسبب مواردها الغنية."
ومن المتوقع أن توقع بيرو اتفاقية جديدة مع الصين خلال منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) لتطوير اتفاقية التجارة الحرة بينهما لعام 2009، خاصة في مجالات الملكية الفكرية والتجارة الإلكترونية والإجراءات الجمركية.
"إشارات حماس"
وصف السفير البرازيلي في ليما، كليمنتي باينا سواريس، ميناء شانكاي بأنه دفعة كبيرة لمزارعي فول الصويا في بلاده، حيث سيخفض مدة الرحلات إلى آسيا إلى النصف تقريباً، وطالب بتخفيف العراقيل أمام النقل البري بين بيرو والبرازيل.
وقال خوسيه تام، رئيس غرفة التجارة البيروفية الصينية، إن الصين كانت أكثر نشاطاً في تعزيز علاقاتها التجارية والاستثمارية بالمنطقة. وأضاف تام: "الصين ترسل إشارات واضحة من الحماس في المنطقة."
وأشار ماريو دي لاس كاساس، مدير الشؤون المؤسسية لشركة "كوسكو شيبينغ"، إلى أن التوجه نحو الصين ليس مسيساً، بل تجاري بحت، حيث أن هناك قلة في الاستثمارات الأمريكية. وقال: "دع الولايات المتحدة تأتي لتستثمر، فهي لم تفعل ذلك منذ سنوات"، مشيراً إلى أن بيرو في وضع جيد للاستفادة من التوترات التجارية العالمية. وأضاف: "هنا لا يوجد أصدقاء أو أعداء، بل فقط مصالح."