د.رعد هادي جبارة يكتب: خصوصيةالمفردة القرآنية (22).. لِيكن القرآن لنا نبراساً

profile
د.رعد هادي جبارة الأمين العام للمجمع القرآني الدولي
  • clock 18 يناير 2025, 3:31:12 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

═[][]﷽[][]═
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ (23)](سورةالحديد)

منذ أن خُلق الإنسان وُجدت معه العوائق والمصاعب {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد:4)ثم تفاقمت وتحولت إلى معاصٍ و مصائب وخلافات {وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ} (طه:121)﴿ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾[الاعراف:22].

وما لبثت الأمور أن ازدادت حدتها حتى وصلت إلى حد التحديات و ارتكاب الجرائم و المعاناة بعد الهبوط من الجنة( قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) }[سورةالمائدة].

واستمر وضع البشرية على هذه الوتيرة لدرجة تثير الحسرة والشفقة عليهم بحيث يقول القرآن{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ}[يس30].

وهذا هو الجانب المظلم والسلبي من الحياة.

لكن في حياتنا جوانب مشرقة وجماليات كثيرة ونِعم وفيرة وإيجابيات عديدة قد يتناساها المرء أحياناً و يغفل عنها وكأنها غير موجودة فيأتيه التنبيه والتذكير بل التقريع والتأنيب من الله ﷻ على شكل استفهام استنكاري. ومن أمثلته الكثيرة في القرآن قوله ﷻ:

{ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَـٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِینَ ٱصۡطَفَىٰۤۗ ءَاۤللَّهُ خَیۡرٌ أَمَّا یُشۡرِكُونَ (٥٩) أَمَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ حَدَاۤئقَ ذَاتَ بَهۡجَةࣲ مَّا كَانَ لَكُمۡ أَن تُنۢبِتُوا۟ شَجَرَهَاۤۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡم یَعۡدِلُونَ (٦٠) أَمَّن جَعَلَ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارا وَجَعَلَ خِلَـٰلَهَاۤ أَنۡهَـٰارا وَجَعَلَ لَهَا رَوَا ٰ⁠سِیَ وَجَعَلَ بَیۡنَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ حَاجِزًاۗ أَءِلَـٰه مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ (٦١) أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰه مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلا مَّا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّن یَهۡدِیكُمۡ فِی ظُلُمَـٰاتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن یُرۡسِلُ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۤۗ أَءِلَـٰه مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَـٰالَى ٱللَّهُ عَمَّا یُشۡرِكُونَ (٦٣) أَمَّن یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥ وَمَن یَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰه مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰانَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰادِقِینَ (٦٤) }
[النَّمۡلِ: ٥٩-٦٤].

وقال ﷻ: {أفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ، لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ، أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ، أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ}
(يس68-72)

وفي الحديث النبوي الذي رواه ابن عباس (رض) قال: قال رسول الله محمد المصطفی ﷺ : (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ).

علينا أن لا نغفل عن نعم الله الكبرى وعندما يسألنا أحد[كيف الحال؟]نسرد له كل ما نلقاه من صعوبات وأوجاع ونفصّل له ماحدث في بيتنا من مشاكل وأمراض ونصيب السائل بالكآبة ونحطّم نفسيته.

يا أخي!

تذكّر ما آتاك اﻟﻟـِْﷻـِْﮭﮧ من نِعَم وما أنت فيه من أمن وصحة وخير وما عندك من أسرة وأبناء وبنات ودفء وجو عاطفي وطقس ملائم وعيش رغيد، ولاتبالغ في سرد المشكلات و توصيف الأمراض و الأوجاع.

إذن:
ينبغي لنا نحن البشر أن لا نتنكر لكل هذه النعم ونبالغ في كل حدث يقع فنصفه بالقول [شوف الكارثة]!!

ولنأخذ نموذجاً من المصائب التي ابتلي بها النبي الخاتم محمد ﷺ وهي وفاة إبنه وعزيزه إبراهيم(من زوجته المصرية ام المؤمنين مارية القبطية رض).في شهر ربيع الأول من العام 10للهجرة،حيث إن النبي حزن وصبر و دمعت عيناه وقال:
(تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون ).
[الوسائل للحرالعاملي ج3 ص280]

وقبله توفي ابنه الأكبر القاسم(من السيدة خديجة ام المؤمنين رض).

بينما نحن المسلمين نعقد لوفاة كل شخص يتوفى منّا المآتم و مجالس التأبين أياماً وليالي وننفق الأموال الطائلة ونظهر الجزع لتلك الوفاة.

فليكن القرآن لنا نبراساًفهو لم يحدثنا بإسهاب عن وفاة أيٍّ من أبناء الرسل سوى وفاة ابن نوح ع غارقاً وهابيل ابن آدم ع قتيلاً على يد أخيه قابيل، وأما قتل يحيى ع فلم يرد في القرآن ولا في السنة الصحيحة للنبي ﷺ خبر قتله، ولا كيفية ذلك بدقة، و عندما توفي ابراهيم ابن نبينا محمد المصطفی ﷺ  و مات قبله ابنه الآخر القاسم (رض) ؛لم يتطرق القرآن إلى وفاتهما مطلقا وأبداً ولم يطلب النبي محمد ﷺ  من أحد أن يرثيه أو يصرخ باكياً عليه او ينشغل الجميع بذلك.

واﻟﻟـِْﷻـِْﮭﮧ  يأمرنا عندما تنزل علينا مصيبة أو عند وفاة شخص منّا فنحزن أن نقول [إنّا لله وإنّا إليه راجعون ] ونصبر و نمضي في الحياة مع أخذ العبرة منها.

إذن؛ 
وفاة ابنا النبي محمد المصطفی ﷺ  لم تكن من المحطات الأساسية في حياة المسلمين أو عقبة في تاريخ الرسالة ولم يبالغ النبي ﷺ في الإهتمام بها واعتبرها قضية شخصيةوعائلية عابرة.

القضية ومافيها هي:
{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}(الأعراف: 34).

الخلاصة:

◇◇هذه سنّة الحياة:
{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ }[الرعد:38].
 

التعليقات (0)