- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
د. غسان الشامي يكتب: مجزرة رغيف الخبز في غزة
د. غسان الشامي يكتب: مجزرة رغيف الخبز في غزة
- 2 مارس 2024, 3:34:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تتواصل حرب الإبادة الجماعية الإجرامية على قطاع غزة في شهرها السادس، حيث تستمر جرائم ومجازر الإبادة بحق أبناء غزة المدنين العزل الأبرياء، التي كان آخرها ارتكاب مجزرة مروعة بحق العزل من الأطفال والنساء والمسنين الذين ينتظرون المساعدات الإغاثية الإنسانية وبحق الجائعين المحاصرين المحرومين الذين انتظروا طويلا الحصول على الدقيق لإشباع جوع أطفالهم وسد رمقهم في آتون أيام الحرب العالمية الثالثة على غزة.
هؤلاء جاوؤا بعد جوع وعطش وظمأ من أجل الحصول على المساعدات الإغاثية الإنسانية بسبب المجاعة التي ضربت أطناب غزة، حتى أكل الناس -اضطرارا- في غزة طعام (الحيونات) وبذور الطيور والدواب - أعزكم الله- فضلا عن أحوال العطش ونقص مياه الشرب في غزة.
إذ باغتتهم دبابات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة علي شارع الرشيد وحاصرت الآلاف من الجائعين والأبرياء وقامت بإطلاق قذائف عليهم ورصاص بشكل عشوائي على الجميع وبصورة مباشرة، مما أدى إلى استشهاد أكثر من (150) شهيدا فلسطينيا وإصابة أكثر من ( 700) آخرين إصابات بالغة؛ ليصبح طعم رغيف الخبز مغمس بالدماء والأشلاء في جريمة قتل متمعمدة ومباشرة على الهواء أمام كاميرات العالم في تكرار متعمد ومقصود لاستهداف الأبرياء والنازحين والمشردين المتجمعين في انتظار الحصول على الغداء والمساعدات الاغاثية الإنسانية.
فيما تواصل القوات الإسرائيلية عرقلة جهود المنظمات الدولية، ومنع تدفق ودخول المساعدات الإنسانية لسكان غزة، ما تسبب في كارثة إنسانية وانتشار الأمراض ومجاعة حادة، أدت وتؤدي يوميا لوفاة العشرات من المواطنين معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضي.
إن جريمة الاحتلال الإسرائيلي التي أدت إلى قتل الأبرياء والمدنيين وهم يصطفون للحصول على المساعدات الإنسانية ورغيف الخبز جريمة يندى لها الجبين وهي ليست الأولى خلال هذه الحرب، فقد سبقها عشرات جرائم الإبادة خلال هذه الحرب على غزة أبرزها جريمة المستشفى المعمدني الأهلي والكنيسة التي راح ضحيتها أكثر من (800) شهيدا وجرائم قصف النازحين في مدارس الأونروا منها مدرسة الفاخورة ومدرسة أبوحسين في شمال القطاع، ثم جرائم قتل الناس ودفنهم أبرياء في مستشفى كمال عدوان ومجمع الشفاء الطبي ومستشفى ناصر في خانيونس وغيرها من المؤسسات المحمية ضمن القوانين الدولية وحقوق الانسان.
إن الكيان الاسرائيلي في حربه المسعورة وجرائم الابادة الجماعية ضد غزة يضرب عرض الحائط كافة المواثيق والشرائع الدولية والأممية وقواعد القانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومواثيق حقوق الإنسان ويواصل جرائمه وحرب الابادة الجماعية الإجرامية الشرسة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة والقدس المحتلة وكافة أماكن وجوده.
ويذكر كاتب المقال أن أرقام الشهداء حرب الابادة الجماعية المسجلة لدى الجهات الرسمية وصلت حتى كتابة مقالي إلى استشهاد أكثر من (32) ألف شهيد و(8000) مفقود، وإصابة أكثر من ( 150) ألف جريح معظمهم من الأطفال والنساء، ونزوح قسري لأكثر من 2 مليون إنسان، واعتقال أكثر من (4000) مواطن بعضهم أطفال ونساء، والتنكيل بهم وتعذيبهم.
فيما تم تسجيل عدد من حالات الاغتصاب والاعتداء على النساء وتعذيبهن من قبل جنود الاحتلال، كما نتج عن الحرب تدمير أكثر من (80%) من منازل ومنشآت ومؤسسات رسمية وخاصة من ضمنها المستشفيات التي تم إخراجها عن الخدمة، بما جعل غزة منطقة منكوبة وغير صالحة للحياة تنعدم فيه الخدمات الصحية والإنسانية، ويعيش سكانه كارثة ومأساة غير مسبوقة وسط انتشار المجاعة والعطش والأمراض والأوبئة وفقدان الدخل ونقص الأدوية والمساعدات الإغاثية، وانهيار منظومة الخدمات، ما تسبب لسكان القطاع وخاصة النساء والأطفال وكبار السن والمرضي في معاناة إنسانية، وفظائع وأهوال لا تحتمل، أثرت وتؤثر علي حياة ومستقبل سكان غزة، الذين تتفاقم مأساتهم كل يوم، حيث يقتل ويصاب ويتوفي المئات منهم جراء استمرار جرائم وعدوان الاحتلال الإسرائيلي.
ويتساءل كاتب المقال: أين العالم ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي مما يحدث في غزة من مجازر وجرائم إبادة جماعية بدعم أمريكي وبتواطؤ أوروبي ودولي من هنا وهناك؟ حتى ما تسمى محكمة العدل الدولية بين مزدوجين غضت طرفها عن الجرائم ولم تخرج ببيان يطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار ووقف حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وأهل قطاع غزة.
لماذا هذا الصمت والعجز والخذلان من المجتمع الدولي وعدم قيامه بدوره ومسؤولياتها الأخلاقية والقانونية في وقف حرب الإبادة ووقف مجازر القتل والإعدام الجماعي بحق الأبرياء والآمنين في قطاع غزة؟
لماذا تعجز القيم والمبادئ الإنسانية وقواعد القانون الدولي عن الوقوف بوجه الكيان بل ونجدها تساهم في ترسيخ شريعة الغاب وقبول بازدواجية المعايير، وتواطؤ يسمح باستمرار الإبادة الجماعية؟
أين ما تسمى "الأسرة الدولية" والمجتمع الدولي مما يحدث في غزة؟ أما آن الأوان لوقف هذه المجازر وهذه الجرائم بحق أهل غزة؟ لماذا لا توفر الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الحماية للفلسطيين وتوقف هذه الجرائم؟ أم أن هناك تواطؤ من ما تسمى الأسرة الدولي مع الكيان في حربه وجرائمه بل وتدعمه في كافة المؤسسات وتضع له قوانين الغاب وشرائع الإبادة والقتل الجماعي بحق الفلسطيني ومنازلهم ودور العبادة والطرق والأسواق والبنى التحتية والمؤسسات وغيرها من مظاهر حياة وعيش؟
لماذا يغلق المجتمع الدولي أبواب المساعدات ويحاصر غزة من كل الجهات وسط استمرار المجازر المدنيين والتدمير للمنشآت المدنية والتهجير القسري والأوضاع اللاإنسانية الكارثية والمجاعة في غزة؟
أين المنظمات الإنسانية من تدشين جسر بحري وجوي وبري لتدفق المساعدات الإغاثية لكل سكان غزة بدون شروط أو قيود، وتفعيل اليات المحاسبة والمقاطعة وفرض العقوبات علي دولة الاحتلال الإسرائيلي حتي تنصاع لقواعد القانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان وتنفذ تدابير محكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية؟
أين محكمة العدل الدولية والقضاء المائة الذين خلعوا عباءة القضاء وارتدوا البزة العسكرية التي تحمل عمل الكيان؟ لماذا كل جلسات محكمة العدل الدولية وهي لم تدن الكيان الإسرائيلي مرة واحدة وهو يذبح ويقتل الآلاف في كل يوم يقتل الآمنين والمدنيين من النساء والأطفال وينسف المنازل فوق روؤس ساكنيها ويقتل الأجنة في بطون الامهات بل يغتصب النساء الفلسطينيات خلال الاجتياحات البرية، ويقتل وينكل بالشيوخ والمسنين والضعفاء والأطفال؟
أي قانون إنساني يبيح ذلك، وما هي قواعد هذا القانون الأعوج والأعور ياسادة قانون مبادئ وقواعد المجتمع الدولي التي تغض الطرف عن في قتل الأبرياء وذبحهم أمام أعين ما يسمى العالم الحر والضمير الإنساني؟
أين قواعد ومبادئ القانون الدولي في الحروب والقتل الجماعي أمام الكاميرات والصحفيين ووسائل الاعلام والجريمة الحصول على رغيف خبز في مجاعة تضرب أطنابها في قطاع غزة وهو في الشهر السادس لحرب الإبادة الجامعية ضد الانسانية أين ضمير العالم يا سادة وهو يرى جثث الأطفال والنساء أشلاء أمام البشرية جمعاء، أين ضمير الانسانية من مجازر القتل والجوع والموت عطشا في غزة؟
إن الكيان الاسرائيلي وهو يرتكب مجازر الابادة يهدف لجعل غزة حالة من المجاعة مثلها مثل الصومال -كما قال الكاتب شلومي إيلدار- في كتابه غزة كالموت من جعل غزة كالصومال.
غزة الجريحة لمن تشكو إسرائيل؟ ولمن تشكو هذه الجرائم؟ هل تشكو إلى أمريكا الظالمة أم المجتمع الدولي والأمم المتحدة المتواطئة -الذين لم يفلحوا في إدخال شاحنة مساعدات واحدة لقطاع غزة تسد جوع ورمق المدنيين والآمنيين والعزل والمعاقين والضعفاء وجرحى الحرب ومبتوري الأطراف؟
.
إلى متى تتخلّى الإنسانية عن ضميرها الغائب، وتترك شعبنا الفلسطيني لوحده أعزل يُقتل ويُذبح من أجل رغيف خبز، ومن تصل يداه لرغيف الخبز يحصد بالرصاص لتصبح لقمة العيش مغمسة بطمع الدماء والألم، أو قطرة ماء؟
إلى الله الأمر و المشتكى.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إلى الملتقى