- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
ذا إيكونوميست: التوقعات من لقاء أردوغان والأسد ليست كبيرة
ذا إيكونوميست: التوقعات من لقاء أردوغان والأسد ليست كبيرة
- 20 يناير 2023, 11:13:42 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
التوقعات من اللقاء المحتمل بين الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ورئيس النظام السوري "بشار الأسد"، لن تكون كبيرة، وأي مصالحة بين أنقرة ودمشق التي توصف علاقتهما بـ"العبثية" لن تعني الكثير لملايين السوريين الذين يعيشون في الفقر.
هكذا تحدثت مجلة "ذا إيكونوميست" في تقرير لها حول المصالحة المحتملة بين أنقرة ودمشق، قائلة إن النظامين كانا صديقين في الماضي، وتحديدا قبل بداية الثورة السورية مطلع العقد الماضي، لكن أي محلل نفسي جيد يعرف أن العلاقة بينهما صارت "عبثية"، فقد تبادلا على مدى السنوات الماضية الشتائم، حيث وصف "أردوغان" نظيره السوري بـ"الإرهابي والسفاح وقاتل الأطفال"، بينما رأى "الأسد" أن نظيره التركي "سارق وقاتل وموظف سابق لدى الأمريكيين".
ورأت المجلة أنه يمكن الغفران لكل شيء في الدبلوماسية أو على الأقل نسيانه رسميا، لكن من الصعب الغفران لصديق دعم رجالا أرادوا قتلك، في إشارة لدعم تركيا لفصائل المعارضة السورية.
وبتشجيع من روسيا، تتجه سوريا وتركيا نحو التقارب، إذ التقى الشهر الماضي وزيرا الدفاع ومسؤولو المخابرات من البلدين لأول مرة منذ أكثر من عقد.
وتبع ذلك شائعات عن لقاء قريب بين وزيري خارجية أنقرة ودمشق، وتم تأجيل اللقاء بينهما عدة مرات.
ولدى البلدين أسبابهما للتقارب وهناك أيضا معوقات لهذا التقارب.
وبعد 12 عاما على أول تظاهرة ضده، يمكن الحديث عن "الأسد" بطريقتين، الأولى كـ"ناج" استطاع تجاوز التمرد وظل ممسكا بالسلطة، ويخرج تدريجيا من عزلته.
أما الثانية كـ"متسول" لديه القليل من الأصدقاء ويحكم بلدا محطما.
وتعلق المجلة أن كلا الوصفين صحيح، فهو "ناج ومتسول انتصر في الحرب وخسر السلام".
ومن السهل رؤية السبب الذي يدعو "الأسد" للتصالح مع تركيا التي تسيطر على 5% من الأراضي السورية ويعيش فيها ربع سكان سوريا.
ومن ناحية أخرى، فإن استئناف العلاقات مع تركيا سيكون انقلابا دبلوماسيا، بسبب دعم أنقرة المعارضة ولكونها عضوا في حلف الناتو.
أما "أردوغان" فله أسبابه الخاصة، فوجود 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا أصبح مصدر ضغط، وقضية مفيدة لمعارضيه لاستخدامها في الانتخابات المقبلة.
ويريد حزب العدالة والتنمية (الحاكم) في تركيا، التفكير بأن التطبيع مع نظام "الأسد"، سيحل مشكلة اللاجئين مع أن هذا لن يحدث على الأرجح، وفق "ذا إيكونوميست".
فيما تلعب دول أخرى دورا، منها روسيا التي ساعدت في عام 2015 "الأسد" على تجنب الهزيمة، وتقيم علاقات عميقة إن لم تكن معقدة مع تركيا، حيث سيشعر رئيسها "فلاديمير بوتين"، بالنشوة لرؤية دولة حليفة للغرب تتعامل مع منبوذ للغرب.
وهناك الإمارات الراغبة بلعب دور الوسيط، والتي أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018، ورحبت بـ"الأسد" في أول رحلة لدولة عربية منذ بداية الثورة ضد حكمه في 2011.
كما سافر وزير الخارجية الإماراتي "عبدالله بن زايد" إلى دمشق في 4 يناير/كانون الثاني، حيث عقد محادثات مع "الأسد".
وتعلق المجلة أن لقاء "أردوغان- الأسد" لو حصل، لن تكون التوقعات منه كبيرة، فـ"الأسد" يريد من تركيا الانسحاب من الأراضي التي تسيطر عليها، وعليه بالمقابل تحمل مسؤولية الحد من نشاطات قوات حماية الشعب الكردية (واي بي جي) التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال- شرق سوريا، وسيكون في وضع ضعيف للحد من نشاطاتهم.
وحتى لو حصل على فرصة صورة مع "أردوغان"، فلن يسحب الأخير قواته.
وتقول "ذا إيكونوميست" إن هذا بات ملمحا دائما حيث يخرج "الأسد" من عزلته بدون أن يكون لديه ما يقدمه.
فمن ناحية كان "الأسد" يأمل من أن تفتح العلاقات مع الإمارات بوابة دخول الأموال للإعمار، لكن الشركات الإماراتية لم تصطف في طوابير لكي تستثمر أموالها وتدعم النخبة الفاسدة.
ولم يساعد أصدقاء سوريا القدامى أيضا، فروسيا لم تستثمر أبدا في البلاد وباستثناء حصولها على امتيازات للتنقيب عن النفط والغاز على الشاطئ السوري والتنقيب عن الفوسفات، فلم تستثمر شيئا، وهذه الاستثمارات هي من أجل تحقيق الربح لروسيا وليس إنعاش الاقتصاد.
ونفس الأمر ينطبق على إيران التي ظلت المورد الرئيس للنفط إلى سوريا، ولكنها في الأشهر الأخيرة باتت تمدها بالقليل منه، وهي تفضل بيع ما تستطيع منه إلى الصين بسعر قريب من أسعار السوق ومقدما.
ونتيجة لهذا، فقد توقفت محطات توليد الطاقة في سوريا هذا الشتاء، وسط انقطاع التيار الكهرباء لما يقرب عن 22 ساعة في اليوم، وتقف السيارات لساعات طويلة من أجل البنزين.
وأعلن النظام في الشهر الماضي، عن عطلة عامة أغلقت فيها أبواب المدارس والمكاتب الحكومية وتوقف فيها النقل العام بسبب أزمة الوقود.
وارتفعت أسعار الخشب وتقوم العائلات بحرق ما يتوفر لديها كي تدفئ المنازل.
وبدون مصادر للعملة الصعبة، تعاني المالية الحكومية من فوضى، وتظل السلعة الوحيدة التي تصدرها دمشق هي مادة الكبتاغون المخدرة.
وفي 2 يناير/كانون الثاني، خفضت الدولة سعر الصرف بنسبة 30% إلى 4.5 ليرات سورية للدولار، وهو سعر أفضل من السوق السوداء التي يباع فيها الدولار بـ6.5 ليرات.
ويقول صندوق الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن 90% من السوريين يعيشون تحت خطر الفقر، مشيرا إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية بنسبة 80% في الفترة ما بين 2019- 2021.
واعتبرت المجلة أن الوضع البائس في سوريا يمثل إشارة لأعداء "الأسد"، بخاصة في واشنطن أن العقوبات ناجحة، فكلما زاد الضغط المعيشي زادت احتمالات الثورة الشعبية.
إلا أن هذه الرؤية لا تحظى بشعبية بين جيران سوريا، وحتى القوى المعارضة للنظام التي تقول إن "تفتيش الناس عن الخشب لتدفئة منازلهم، لا يجعلهم قادرين على قيادة الثورات".
ويثبت هذا الرأي الأخير صحته، فباستثناء تظاهرات في منطقة السويداء لم تشهد سوريا احتجاجات ضد النظام.
وهذا أمر مطمئن لـ"الأسد" الذي وإن لم يعد شخصية غير مرغوب بها في عواصم المنطقة، إلا أنه لم يعثر بعد على شخص مستعد لدفن ملياراته لإعمار البلد المحطم. وحتى لو خرجت سوريا من العزلة هذا الشتاء، فسيكون ذلك مجرد كلمات وصور جوفاء لا أكثر.