- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
ربا يوسف شاهين تكتب: سورية والزلزال .... حكاية وطن جريح.
ربا يوسف شاهين تكتب: سورية والزلزال .... حكاية وطن جريح.
- 13 فبراير 2023, 8:11:17 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أن تشهد بأم العين وجع وطنك الذي ترعرت وكبرت فيه هو اليتم بعينه، وعلى مدى إثنا عشر عاماً، نعاني من حرب إرهابية كونية. حرباً لم ننتهي منها بعد. ففي أجزاء من وطني يقبع محتلون مجرمون، يسرقون وينهبون، خيرات وثروات بلادي، من نفط وغاز وقمح، وقبل كل هذا نهبوا وسرقوا ودمروا كل ما استطاعوا الوصول إليه، ففاض تراب بلادي بألاف الشهداء والجرحى والمصابين، وهُجر السوري ولا يتوقف المصاب على الجرح الجسدي، بل إلى الجروح النفسية، والهلع والخوف، دمروا البنى التحتية للدولة السورية، فجروا المياه والسدود و سمموها، صنعوا منظمات إرهابية بأسماء خاصة، "الخوذ البيضاء"، لإتهام الدولة السورية باستخدام المواد الكيماوية المُحرمة دولياً، و في أرجاء وطني سورية منعوا الهواء عن الناس، سرقوا المياه من المنبع كما فعلت تركيا في سد الفرات، حاولوا تقسيم سوريا بتوزيع أدوارهم عبر وكلائهم وعناصرهم على الأرض، فاحتل الأمريكي الشمال الشرقي، والنظام التركي الشمال الغربي، وبدؤوا بتقاسم الحصص، واستغلال عناصر ميليشيا قسد الانفصاليين، لتحقيق مخططاتهم في التقسيم سرقوا الآثار السورية ودمروها، واغتالوا العلماء والنخبة في وطني، دمروا الحجر والشجر.
في السياسة نفذوا قرار إبعاد الدولة السورية عن تمثيل نفسها في المجالس والمؤتمرات العربية، كما فعلت ما تسمى "جامعة الدول العربية"، بقرار من دولة "قطر"، والحقيقة أن لا حُكم لهم لأنهم اتباع لأمريكا، وهم يعلمون جيداً أن الإبعاد ليس بالحضور الشكلي على كرسي، ولكن بالبرنامج والعمل الفعلي على الأرض، فسوريا ليست ممن يتكلم فقط، بل دائماً كانت وستبقى ممن يقول ويفعل، ولها في مواقفها من القضايا العربية والدولية والفلسطينية خاصة الدور الكبير.
حكاية وطن لم تنتهي. ففي السادس من شباط لعام ٢٠٢٣، أصاب وطني زلزال كبير وصلت درجته على مقياس رختر إلى 7.7 درجات، وتسبب بكارثة إنسانية كبيرة، تهاوت فيها أبنية في عدة محافظات، حلب وحماه واللاذقية وطرطوس، وأدت إلى استشهاد آلاف الضحايا، وإصابة الآلاف، ونزول ما يقارب ٢٩٣٨٢٩ شخصاً من منازلهم. دُمرت أبنية متصدعة من الحرب الإرهابية، التي ما زلنا نحاول إزالة آثارها سياسياً وعسكرياً ولم ننتهي بعد، وكانت لهذه الحرب الإرهابية وتداعياتها مسبباً لسقوط وتصدع الكثير من الأبنية في المناطق التي طالتها يد الإرهاب، فالتصدع الذي سببته هذه الحرب الإرهابية زاد من أسباب الدمار، وقلص من عوامل المساعدة في تأمين الناجين، فعامل الزمن في عمليات الإنقاذ يُعد من أهم العوامل التي أخرت دور سورية في النهوض، رغم بذلها جهود كبيرة لتحسين ما دمرته الحرب الإرهابية.
وعلى مدى سنوات هذه الحرب والدولة السورية تجابه الأكاذيب والشائعات والتضليلات الإعلامية السياسية منها والعسكرية، وتحاول بعد انتصارها وتحريرها للمناطق المحتلة المطالبة بفك الحصار الاقتصادي، الذي أنهك الشعب السوري، لتقوم بدورها الفاعل في إعادة الإعمار، "فقانون قيصر" الظالم والإجراءات أحادية الجانب والقسرية تجاه سورية، تشكل أحد أكبر الأسباب التي زادت من معاناة الشعب السوري، وجعلت سورية غير مهيئة لمثل هذه الكوارث، لتأتي الإدارة الأمريكية وتعيد اسطوانتها الإعلامية وتنفي عقوباتها التي فرضتها على الدولة السورية، ولكن بفضل الضغط الشعبي والعربي والدولي أجبرت على فضح نفسها مجددا بقرار مضلل بشأن التجميد الجزئي والمؤقت لبعض التدابير القسرية والانفرادية القاتلة، التي تفرضها على الشعب السوري، والتي هي نسخة مكررة لقرارات صورية سابقة تهدف لإعطاء انطباع إنساني كاذب، إذ نصت على استثناءات مزعومة لأغراض إنسانية واثبتت الوقائع زيفها.
وهنا وفي وطني سورية، ورغم الآلام، اجتمعت الأهالي وتعاضدت وساندت وحمت بعضها، فالقيم الإنسانية في وطني راسخة ثابتة و أصيلة، ولا ننسى الوقفة الإنسانية للدول الصديقة والشقيقة التي قدمت المساعدات بكافة أشكالها للشعب السوري. فشكراً دولة العراق ودولة الجزائر ودولة الإمارات والجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة روسيا الاتحادية ودولة الهند ودولة مصر ودولة ليبيا ودولة الأردن ودولة أرمينيا وسلطنة عمان ودولة تونس ودولة كوبا ودولة فنزويلا ودول بيلاروسيا، وكل الدول التي ساهمت بإزالة آثار الزلزال، والكارثة الإنسانية التي ألمَت بوطني سورية، وكما قال الرئيس الخالد حافظ الأسد: "إن الشدائد هي محك لمعدن الشعوب، وامتحان لأصالتها. وكلما ازدادت الأزمة شدة، ظهر المعدن الصافي، وتأكدت الأصالة الراسخة".