تكبير الخط تصغير الخط

في مشهد محمَّل بالرسائل السياسية والعسكرية، سلّمت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس - اليوم الخميس، الدفعة الأولى من جثث الأسرى الإسرائيليين ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدةً على حجم الخسائر التي تكبدها الاحتلال خلال حربه على قطاع غزة.

جثث الأسرى الإسرائيليين ورسائل المقاومة

تضمنت الدفعة المسلّمة 4 جثث، من بينها الأم وطفلاها من عائلة بيباس، الذين قُتلوا بنيران الاحتلال خلال محاولاته العنيفة لاستعادتهم بالقوة.

وفي رسالة واضحة، وضعت المقاومة الجثث داخل توابيت سوداء، تحمل كل منها صورة وبيانات صاحبها، ووُضعت على منصة تظهر فيها صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هيئة مصاص دماء، مع عبارة تؤكد مسؤوليته وجيشه عن قتل هؤلاء الأسرى بصواريخهم "النازية".

توثيق خسائر إسرائيل وشهداء غزة

على أسطح المنازل المدمّرة في منطقة بني سهيلا بمدينة خان يونس، رفعت المقاومة لافتات توثّق الكمائن التي تعرضت لها قوات الاحتلال خلال المعارك، ومن بينها كمين الفراحين الذي وقع في منطقة الزنة شرقي غزة، والذي وصفته اللافتات بأنه لم يكن "نزهة بل محرقة"، حيث سقط فيه 8 جنود إسرائيليين قتلى.

وأظهرت الصور التي نشرتها المقاومة بعض الأسلحة التي استُخدمت في هذه العمليات، بينما تلا أحد مقاتلي القسام بيانًا مفصلًا حول الهجمات التي نُفذت شرق غزة، والخسائر الإسرائيلية الناجمة عنها.

وسط ساحة تسليم الجثث، عُلّقت لافتات ضخمة تحمل صور التوابيت، وإحصائيات حول العمليات التي نفّذتها المقاومة والخسائر الإسرائيلية، إلى جانب صور توثّق المواجهات المباشرة بين المقاتلين والآليات الإسرائيلية. كما كُتب على إحدى اللافتات:
"عودة الحرب = عودة الأسرى في توابيت"، في تحذير واضح لحكومة نتنياهو بشأن مصير بقية الأسرى في حال استمرار العدوان.

حضور القادة الميدانيين: رسالة أخرى للاحتلال

نقل مراسل الجزيرة عن أحد قادة المقاومة أن القسام نفّذت سلسلة عمليات معقدة ضد قوات الاحتلال شرق مدينة غزة، من بينها تفجير 6 منازل كانت تتحصّن بها القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى تنفيذ 26 عملية استهداف مباشرة، و21 عملية قنص دقيقة، إلى جانب ضرب 20 دبابة إسرائيلية بقذائف "الياسين".

في مفاجأة جديدة للاحتلال، كان قائد المنطقة الشرقية في كتائب القسام هو من أشرف على تسليم الجثث للصليب الأحمر، رغم إعلان إسرائيل مقتله خلال الحرب. كما حضر العملية أيضًا قائد الكتيبة الشمالية، الذي سبق أن حاول الاحتلال اغتياله.

 الاحتلال في مواجهة الفشل العسكري

وضعت المقاومة لافتات ضخمة توثق الجرائم الإسرائيلية، تحت عنوان "النازية الصهيونية في أرقام"، تتضمن أعداد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا خلال الحرب، حيث وصلت الحصيلة إلى 61 ألف شهيد، بينهم 13 ألف ما زالوا تحت الأنقاض.

ورغم التصريحات الإسرائيلية عن عدم وجود مظاهر احتفالية في عملية التسليم، شهدت العملية حضورًا شعبيًا وعسكريًا واسعًا، حيث احتشد المواطنون على أسطح المباني المدمّرة لمتابعة الحدث.

صدمة في إسرائيل وتحقيقات حول أسباب الوفاة

من المقرر أن يتسلّم الجيش الإسرائيلي الجثث داخل نقطة لا تزال تحت سيطرته في القطاع، ليخضعها لمراسم جنائزية يهودية قبل نقلها إلى معهد الطب الشرعي جنوب تل أبيب.

وأفادت مصادر إسرائيلية أن عملية تشخيص أسباب الوفاة قد تستغرق سبع ساعات، تتضمن فحوص الحمض النووي، التصوير الطبقي، وفحص الأسنان، في محاولة لمعرفة تفاصيل مقتل الأسرى.

وتمتلك السلطات الإسرائيلية سجلات طبية لكل الأسرى الذين احتجزتهم المقاومة منذ عملية طوفان الأقصى، مما قد يسرّع عملية تحديد الجهة المسؤولة عن مقتلهم.

في السياق ذاته، نشرت حماس بيانًا أكدت فيه أنها حاولت الحفاظ على حياة الأسرى بكل السبل، متهمة الاحتلال بأنه كان المسؤول عن قتلهم خلال غاراته الوحشية، وأنه فضّل قتل أسراه على استرجاعهم أحياء.

ووجهت رسالة لعائلات بيباس وليفشتس، مؤكدة أنها كانت تأمل في عودتهم أحياء، لكن حكومة نتنياهو اختارت قتلهم إلى جانب 17 ألف طفل فلسطيني.

واختتمت بيانها بالتأكيد على أنها حافظت على كرامة الجثث، في الوقت الذي لم تحترمهم فيه حكومتهم أحياءً، وقتلتهم كما قتلت من قبلهم، بينما يتباكى نتنياهو الآن للتنصل من مسؤوليته عن هذه الجرائم.