- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
رغم التراجع التكتيكي للصدر.. إيران قد تواجه تحديا غير مسبوق في العراق
رغم التراجع التكتيكي للصدر.. إيران قد تواجه تحديا غير مسبوق في العراق
- 14 سبتمبر 2022, 2:59:59 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يبدو أن إيران قررت معارضة "الصدريين" علانية لمنعهم من الإخلال بتوازن القوى بين حلفائها المختلفين في العراق. وجاءت الضربة الأكثر خطورة من خلال جهود منسقة على ما يبدو لترويض التيار الصدري عبر نزع الشرعية عن الزعيم السياسي "مقتدى الصدر".
واكتسب هذا الجهد زخما بعد أن أعلن المرجع الشيعي "كاظم الحائري" (المقيم في إيران والوصي الديني للتيار الصدري) اعتزاله الشهر الماضي. وفي بيان غير مسبوق، طلب "الحائري" من أنصاره اتباع المرشد الإيراني الأعلى "علي خامنئي" كمرجع ديني لهم.
كما وجه "الحائري" ضربة لـ"الصدر" دون أن يسميه من خلال تحذير أتباعه من أي شخص يسعى إلى تقسيم العراقيين أو الشيعة، قائلاً إن البعض قد "يفتقر إلى المؤهلات الدينية اللازمة" حتى لو كانوا ينتمون إلى عائلة "الصدر".
وتتطلب الحركات الشيعية تفويضًا دينيًا يمنحه عادةً "آية الله العظمى" من أجل الانخراط في السياسة. وقد أصبح "الحائري" الوصي الروحي للصدريين بناء على توصية من والد "الصدر" الذي اغتيل عام 1999.
ومع إعلان الشهر الماضي، فقد "الصدر" التفويض الديني الذي منحه له "الحائري"، وأصبح غير مؤهل لقيادة الحركة من الناحية الفنية.
وبالرغم من الإشارة الضمنية إلى أن إيران أجبرت "الحائري" على الإدلاء بهذا البيان، فقد أعلن "الصدر" بسرعة انسحابه النهائي من العمل السياسي.
وبينما يبدو أن هذا وجه ضربة قاتلة لـ"الصدر"، يمكن أن ترتكب إيران خطأ فادحًا. ومنذ الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن كل الجهود المبذولة لإجبار الصدريين على الانحياز إلى الأحزاب الشيعية الأخرى الموالية لإيران جعلت الجماعة أكثر تحديًا.
وفي فبراير/شباط الماضي، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا حكما يقضي باشتراط أغلبية الثلثين لانتخاب الرئيس.
واعتُبر ذلك نتيجة للضغط الإيراني لإجبار التيار الصدري على التخلي عن اقتراح حكومة الأغلبية والعودة إلى صيغة حكومة الوحدة الوطنية التي تعطي جميع الأحزاب الفائزة حصة نسبية في الحكومة، وهو الأمر الذي يعارضه الصدريون باعتبار أنه بوابة لانعدام الكفاءة والفساد وانعدام المساءلة.
وذهب "الصدريون" إلى حد الانسحاب من البرلمان بسبب هذه القضية، كما نظموا احتجاجات واسعة. ومع اندلاع اشتباكات على خلفية استقالة "الصدر"، عاد الرجل للظهور مرة أخرى لإظهار مدى نفوذه، ووجه نداءً حماسيًا لأتباعه بالتفرق في غضون ساعة، وقد امتثلوا وعاد الهدوء المؤقت.
وبالرغم أن هذه الجولة انتهت بخسارة "الصدر"، إلا أن المعركة الأوسع لم تنته بعد. ويمكن اعتبار الوضع الحالي بمثابة "هدنة هشة"، وقد سهلها جزئياً اقتراب موسم الحج السنوي إلى كربلاء، حيث تجمعت حشود شيعية ضخمة لإظهار الوحدة الدينية.
في غضون ذلك، يستمر انتقاد "الصدر" اللاذع لخصومه الشيعة بلا هوادة، حيث اتهمهم بالفساد واستبعد أي إمكانية للتعاون. لكن الصدريين لديهم الكثير من العمل للقيام به إذا كانوا يأملون في استعادة زمام المبادرة وأن يكونوا فعالين.
والمهمة الأهم هي استعادة الشرعية الدينية للحركة السياسية وقائدها. وقد أخبر مطلعون مقربون من القيادة الصدرية موقع "ميدل إيست آي" أن المحادثات الداخلية جارية بشأن اختيار "آية الله" شيعي آخر، ويفضل أن يكون عراقيا أو غير متحالف مع إيران، والذي يمكن أن يمنح "الصدر" الترخيص الديني اللازم لقيادة الحركة.
ولعل التحدي الأكبر هو ما يجب فعله بعد ذلك. وبعد أن قضت المحكمة العليا في وقت سابق بأن قرار حل البرلمان "ليس من اختصاصها" رامية الكرة في ملعب البرلمان، فإن الخيار المتبقي أمام الصدريين هو التحرك في الشارع للضغط من أجل حل البرلمان وتسهيل إجراء انتخابات مبكرة.
ويبحث البعض في التيار الصدري عن انتقام بعد مقتل العديد من المتظاهرين خلال اشتباكات المنطقة الخضراء التي اندلعت أواخر الشهر الماضي. وقد يدفع ذلك الصدريين للتقارب مع حليف محتمل وهو "متظاهري تشرين" الذين انتفضوا في أواخر عام 2019 وتم قمعهم بالقوة قبل الأجهزة الأمنية.
بالرغم من أن هاتين المجموعتين ليسا حليفين طبيعيين، إلا أن غضبهما المشترك بشأن هذه الأحداث قد يدفعهما إلى توحيد قواهما. وقالت مصادر لموقع "ميدل إيست آي" إن قادة التيار الصدري المحليين قد تواصلوا بالفعل مع "نشطاء تشرين" لتنسيق الاحتجاجات المستقبلية.
وإذا نجح الطرفان في تشكيل تحالف والبدء في إجراءات منسقة، فإن الطبقة الحاكمة في العراق، وإيران التي تقف من ورائها، يمكن أن تواجه تحديًا غير مسبوق.