- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
رغم النكسات.. روسيا تُصر على تأمين موطئ قدم في البحر الأحمر
رغم النكسات.. روسيا تُصر على تأمين موطئ قدم في البحر الأحمر
- 5 يونيو 2023, 11:39:58 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رغم نكسات متتالية، أحدثها في السودان، تصر روسيا على إنشاء قاعدة في البحر الأحمر، "للحفاظ على مكانتها كقوة عظمى وتعزيز موقفها المناهض للغرب" بقيادة الولايات المتحدة، حيث تسعى موسكو إلى "إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية لهذا الممر المائي من خلال الاختراق العسكري والاقتصادي".
ذلك ما خلص إليه ليوناردو مازوكو، وهو باحث متخصص في الشؤون الأمنية، في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أهمية البحر الأحمر حيث يقع بين البحر الأبيض المتوسط وشمال غرب المحيط الهندي.
وأضاف أنه "بسبب عدم توفر البنى التحتية البحرية التي تعمل إلى الأمام والقادرة على دعم محورها في المحيط الهادئ بشكل هادف، سعت روسيا إلى تعويض هذا الاختلال الاستراتيجي عبر تأمين موطئ قدم على البحر الأحمر".
وتابع مازوكو أن "روسيا وجهت أولا اهتمامها وطاقاتها إلى جيبوتي، حيث تتمتع موانئ البلاد بموقع استراتيجي على البوابة الجنوبية للبحر الأحمر ولها وصول مباشر إلى المحيط الهندي، وبالتالي فهي أقل عرضة لحوادث الاضطراب العرضية التي تغير حركة الشحن العادية عبر نقاط الاختناق في البحر الأحمر، كما حدث في مارس/آذار 2021 عندما جنحت سفينة حاويات في قناة السويس (بمصر)".
واستدرك: "لكن الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين تفتخران بوجود عسكري منذ عقود في جيبوتي، نظرتا بريبة في فكرة وجود موطئ قدم عسكري روسي بالقرب من منشآتهما البحرية وقضتا على طموحات موسكو".
و"بعد ذلك، وبفضل العلاقات العسكرية الوثيقة والعلاقات الدبلوماسية الدافئة بين البلدين، حولت روسيا تركيزها إلى إريتريا، واتفقتا في 2018 على إنشاء قاعدة لوجستية روسية في مدينة عصب الساحلية، لكن لم يتم تنفيذ الاتفاق"، بحسب مازوكو.
تقلبات السودان
ولأن المساعي السابقة لم ترق إلى المستوى المطلوب، وفقا لمازوكو، "تواصلت روسيا مع السودان، وبدأت مفاوضات بشأن قاعدة بحرية، وفي أوائل 2019، وقَّعت موسكو والخرطوم اتفاقا يمنح السفن الحربية التابعة للبحرية الروسية إمكانية الوصول إلى الموانئ السودانية".
وأردف: "وفي الوقت نفسه، تفاوض البلدان على صفقة لإنشاء منشأة بحرية روسية دائمة في (مدينة) بورتسودان (شرق) على البحر الأحمر، لكن انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السوداني عمر البشير في أبريل/نيسان 2019".
وتابع أن "روسيا حاولت إجبار القيادة السودانية (خلال المرحلة الانتقالية) أواخر 2020 على حل سريع للمأزق من خلال التصديق على اتفاقية القاعدة البحرية (دون عرضها على مجلس تشريعي)، لكن خطوة الكرملين لم تفلح".
وأضاف مازوكو أن "التوازن بدأ يميل لصالح موسكو عندما أنهى انقلاب عسكري تجربة الحكومة الانتقالية وهمش القيادة المدنية في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ثم استغلت النخبة في الجيش حقيقة أن روسيا كانت قد أجرت المحادثات مع البشير، وأعادت التفاوض على الصفقة ودفع موسكو لتقديم المزيد من التنازلات".
واستطرد: "أخيرا، وبعد دبلوماسية مكوكية مكثفة استمرت لمدة عام تقريبا بين كبار المسؤولين الروس والسودانيين، تم تمهيد الطريق أمام الجيش الحاكم لإعطاء الضوء الأخضر لاتفاق القاعدة البحرية في فبراير/شباط 2023، وفي المقابل وعدت موسكو بتسليح الجيش".
واستدرك: "لكن لم يدم الجو الإيجابي طويلا، حيث أدى اندلاع الاشتباكات العنيفة المفاجئة بين رجال البلاد الأقوياء، الزعيم الفعلي للسودان (قائد الجيش) اللواء عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى سقوط السودان مرة أخرى في عدم استقرار سياسي عميق".
مضاعفات كبيرة
و"في السنوات الأخيرة، خطت روسيا خطوات كبيرة في بناء أهمية بحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، عبر مشروع المنطقة الصناعية الروسية في شرق (مدينة) بورسعيد (بمصر) والاتفاق على إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، وكذلك من خلال التدريبات البحرية المشتركة مع شركائها الاستراتيجيين القدامى في شمال غرب المحيط الهندي"، بحسب مازوكو.
واعتبر أن "موسكو أظهرت، عبر تلك التحركات، أن لديها قوة الإرادة والوسائل للعب دور أكثر وضوحا وحزما في الشؤون الجيوسياسية للمنطقة".
واستدرك مازوكو: "لكن على الرغم من تنامي قوتها، إلا أن اندفاع روسيا نحو مكانة قوة بحرية كبيرة عانى من نكسات متكررة، ولا يزال عرضة بشكل كبير لمضاعفات كبيرة في السنوات القادمة".