- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
ستراتفور: حسابات روسيا وأمريكا بشأن الخطوة المقبلة في أوكرانيا
ستراتفور: حسابات روسيا وأمريكا بشأن الخطوة المقبلة في أوكرانيا
- 25 يناير 2022, 8:20:18 ص
- 510
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لن تغير تعليقات الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الأخيرة بشأن أوكرانيا من حسابات روسيا، في وقت تدرس فيه موسكو تصعيد النزاع في شرق أوكرانيا وغيرها من التدابير الرامية إلى زيادة نفوذ موسكو أمام الغرب، حتى لو ظل الغزو الكامل غير مرجح.
وفي مؤتمر صحفي في 19 يناير/كانون الثاني، تنبأ "بايدن" بأن روسيا "ستدخل" إلى أوكرانيا ورجح أن يكون التوغل "محدودا" مما سيدفع الدول الغربية إلى "الاختلاف حول ما يجب فعله وما لا يجب فعله"، فيما بدا تأكيدًا على أن هناك منطقة رمادية فيما يتعلق بالعتبة الدقيقة التي ينبغي أن تحفز تدابير الاستجابة الأمريكية والأوروبية.
وأثارت هذه التصريحات جدلا كبيرا، وكشفت تقارير عن اتهامات وجهها له مسؤولون أوكرانيون بإعطاء الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الضوء الأخضر لدخول أوكرانيا كما يريد.
وأصدر البيت الأبيض بيانًا يوضح تعليقات "بايدن"، مشيرًا إلى أن "أي توغل للقوات الروسية سيعتبر غزوًا وسيتم مواجهته برد سريع وشديد وموحد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها".
ولن يتغير تقدير الموقف لدى روسيا مع إشارة "بايدن" بأن الغرب قد يتعامل مع "التوغل المحدود" بشكل مختلف عن الغزو الكامل، حيث تدرك موسكو بالفعل أن الرد الغربي سيكون متناسبا مع الإجراءات الروسية.
في الأيام الأخيرة، أشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن الولايات المتحدة تعد تدابير عديدة ردًا على عدوان روسيا على أوكرانيا، بما في ذلك إزالة روسيا من نظام المدفوعات المالية السريع (سويفت)، وحظر وصول البنوك الروسية إلى الدولار الأمريكي لإتمام عمليات المقاصة، وفرض عقوبات على مشاريع وشركات الطاقة الروسية، وتنفيذ القيود المفروضة على وصول روسيا إلى التقنية الأمريكية وبعض المنتجات (بما في ذلك الهواتف والرقائق).
ومع ذلك، لا يرجح أن تلجأ الولايات المتحدة إلى هذه التدابير إلا إذا حاولت روسيا الاستيلاء على مساحة كبيرة من أوكرانيا، أي أنه من غير المرجح أن يؤدي التوغل المحدود نسبيًا في الإقليم الذي يسيطر عليه الانفصاليون المؤيدون للروس في شرق أوكرانيا، لهذه الردود الأمريكية الأكثر جذرية، والتي لن تكون متناسبة مع تصعيد روسيا.
ومن غير المرجح أن تخاطر الدول الأوروبية أيضًا بتدهور اقتصاداتها المأزومة من ضربة الوباء من خلال قطع العلاقات مع روسيا بسبب تصعيد طفيف في نزاع دونباس، وهي حرب منخفضة المستوى مستمرة منذ عام 2014.
وسيؤدي اعتراف "بايدن" بأن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف الناتو في أي وقت قريب واستعداده لمناقشة الأسلحة الغربية المنتشرة، لخلق مساحة لمزيد من التفاوض.
فقد قال "بايدن" خلال مؤتمر صحفي إن الولايات المتحدة "يمكنها أن تجد حلًا" مع روسيا لضمان ألا يرسل الناتو أسلحة استراتيجية إلى أوكرانيا، وأكد مجددًا أن كييف "ليس من المرجح للغاية" أن تنضم إلى الناتو قريبًا، ليغطي بذلك اثنين من المطالب الأمنية الروسية الرئيسية من الغرب.
وقبل اتخاذ قرار بشأن خطواتها التالية دبلوماسيًا وعسكريًا، ستنتظر روسيا الرد الأمريكي الرسمي على مقترح موسكو بشأن الضمانات الأمنية والذي وعدت واشنطن بتقديمه بحلول 30 يناير/كانون الثاني.
وفي حين أن موقف روسيا لن يتغير على المدى القريب، يمكن أن يقرر "بوتين" أن هذه الضمانات غير الرسمية كافية لاستمرار المحادثات ويفضلها على عمل عسكري مكلف ضد أوكرانيا.
ففي 17 ديسمبر/كانون الأول، نشرت موسكو اقتراحًا حول الضمانات التي تطلبها روسيا من الغرب، وتضمن تأكيدات بعدم ضم أوكرانيا للناتو وألا يوسع الحلف وجوده في أوكرانيا أو الدول السوفيتية السابقة الأخرى.
وستظل التوترات مرتفعة للغاية في الأسابيع القليلة المقبلة وسط الوجود المتزايد للقوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، حيث لا يظهر الحشد الروسي العسكري بالقرب من أوكرانيا أي علامات على التباطؤ، وستوفر التدريبات العسكرية في بيلاروسيا من 10 إلى 20 فبراير/شباط ذريعة رسمية لروسيا لنشر المزيد من القوات في المنطقة.
وفي 19 يناير/كانون الثاني، قال خبراء عسكريون من شركة الاستشارات العسكرية "روشان كونسلتنج" إن عدد القوات الروسية في بيلاروسيا يرجح أن يكون أكبر من العدد الذي كان في البلاد خلال تدريبات "زاباد 2021".
ومن المرجح أن تميل روسيا لدعم الانفصاليين في دونباس لزيادة هجماتهم على القوات الأوكرانية أكثر من ميلها لتنفيذ غزو مباشر لأوكرانيا والذي سيكون له عواقب أكبر على موسكو.
ربما يكون التصعيد في دونباس تمهيدًا لغزو روسي، ولكن في الوقت نفسه قد يكون مجرد محاولة لإشعال الخلافات داخل الناتو حول تدابير الاستجابة الغربية، بمعنى تحفيز المنطقة الرمادية.
وفي إطار هذا السيناريو، يحتمل أن يكون الوجود الكبير للقوات الروسية على طول حدود أوكرانيا يهدف في المقام الأول لمنع الأوكرانيين من الاستجابة بالقوة الكاملة على هجوم الانفصاليين المدعومين من روسيا.
ومن المحتمل أن تتردد بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا بشأن فرض عقوبات في حال أصبح الوضع في أوكرانيا يشبه إلى حد كبير الحرب بين القوات الحكومية الأوكرانية والإنفصاليين قبل اتفاقات مينسك.
واعتمادًا على هذه الفرضية، فإن موسكو قد تستخدم التصعيد في منطقة دونباس الانفصالية التي توجد على طول الحدود المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا لاختبار دعم الغرب لأوكرانيا وتقويض المصداقية الأمريكية لدى كييف وعلى مستوى العالم.
لكن التصعيد في منطقة دونباس يمكن أن يدفع الغرب أيضًا إلى مزيد من التنازلات إذا بدا التدخل العسكري الروسي وشيكًا.
ومن غير المرجح أن تؤدي المحادثات الأمريكية الروسية إلى اختراقات في المدى القريب، حيث ما يزال لدى موسكو الكثير من الخيارات لزيادة الضغط على الغرب وكييف دون الحاجة إلى القيام بعمل عسكري كبير ضد أوكرانيا.
وبالرغم من المناقشات الأخيرة في مجلس الدوما الروسي، من غير المرجح أن تعترف موسكو بشكل رسمي باستقلال الجمهوريات الانفصالية في شرق أوكرانيا في الوقت الحالي، لأن مثل هذه الخطوة ستنهي استراتيجية روسيا الأساسية باستخدام اتفاقيات مينسك لكسب النفوذ أمام كييف.
وبدلًا من ذلك، من المرجح أن تتخذ روسيا تدابير أخرى في حال حدث رفض رسمي لمطالبها الأمنية. وتعد أحد التدابير الروسية الأكثر ترجيحًا هو الزيادة الدائمة لعدد القوات التقليدية المتواجدة في روسيا الغربية، وعلى وجه التحديد، بالقرب من أوكرانيا ودول البلطيق أو في بيلاروسيا.
وتشمل التدابير المحتملة الأخرى نشر أنظمة صاروخية جديدة بالقرب من حدود دول الناتو، ومواصلة التلميح بنشر الطائرات أو أنظمة الصواريخ الاستراتيجية في فنزويلا أو كوبا (كما فعل بوتين خلال مكالمة هاتفية في 20 يناير/كانون الثاني مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو)، أو تصعيد الحرب السيبرانية والإعلامية ضد الغرب، وعقد الصفقات الرسمية مع الصين لتعميق التعاون العسكري والتقني الثنائي.
أما دبلوماسيًا، فيمكن أن تعلن روسيا رفضها للوثيقة التأسيسية للمجلس الروسي الأطلسي والموقعة عام 1997 أو تسعى إلى الانسحاب الرسمي من اتفاقات ومؤسسات الأمن الأوروبي مثل ميثاق باريس لعام 1990.
وفي الظروف العادية، فإن هذه الإجراءات ستثير ردا صارما وعقوبات محتملة من الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن في ظل الحشد العسكري الروسي بالقرب من أوكرانيا، فمن المرجح أن يتغاضى الغرب عن ذلك خوفًا من زيادة استفزاز موسكو.
ومن جانبها، ستشعر موسكو أن مثل هذه التدابير تزيد من نفوذها وتظهر جديتها في المفاوضات حول أوكرانيا وحول إطار أمني أوروبي جديد.
المصدر | ستراتفور