- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
سعيد البدري يكتب: بماذا يعد نصرالله وقومه؟!
سعيد البدري يكتب: بماذا يعد نصرالله وقومه؟!
- 20 سبتمبر 2024, 2:04:34 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إلى أولئك الذين أعماهم الحقد عن رؤية الحقيقة، ولمن لم يدركوا بعد ما يعنيه إجرام الصهاينة وما يعيشونه من هزيمة منكرة، لكل أولئك المستكبرين، المأجورين، المتصهينين، المطبعين، وأتباعهم الوضيعين، نقول: "إن كل الجرائم التي ارتُكبت وترتكب لن تمر دون عقاب". لكن، قبل ذلك، ما الذي يجب أن نُؤشر عليه لنمضي بقافلة المقاومة والنصر؟
الحقيقة الجوهرية تقول: إن ما التفت إليه سيد المقاومة في خطابه الأخير كان بهدف الحفاظ على الجبهة الداخلية للشعب اللبناني، بعيدًا عن التافهين الذين يريدون تشويه سمعة المقاومة وعزلها عن بيئتها وحاضنتها الشعبية. وقطعًا لا يوجد بين صفوف حزب الله ومحور المقاومة من لا يثق بوعد سيد المقاومة، الذي توعد العدو الصهيوني بأن عدوانه على لبنان سيواجه بحساب عسير وقصاص عادل، من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب. وبكل صراحة ووضوح، رد نصر الله على بعض تنظيرات المدعين، ومن توهموا أن الفرصة سانحة لضرب جمهور المقاومة الإسلامية اللبنانية، وترديد ما طلب منهم بنية الصهاينة القيام بتوغل بري حتى الليطاني، وقد رسم هؤلاء السفهاء المغرضون سيناريوهات أبعد من ذلك، للقول بإسقاط بيروت ومحو معالم الضاحية الجنوبية.
هنا يجب أن ندرك من كل ما تقدم، على ماذا راهن العدو وعملاؤه، الذين حاولوا جاهدين وبالتزامن مع الجريمة الصهيونية الإرهابية، ولماذا خاضوا في هذه التحليلات، مع ملاحظة أداء الجبهة الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة. فقد كشف العدو، دون أن يعلم، حجم الرعب وفداحة الخطر الذي ينتابه، وما سببته هذه الجبهة من مشاكل للاحتلال ومستوطنيه. وهذا يُؤشر دون أدنى شك إلى تلك المراحل الخطيرة التي يخشاها العدو ويدركها نتنياهو، ولعله يريد من كل ذلك الخلط الغريب للأوراق، التغطية على ملفات الفشل والهزيمة التي مني بها مسبقًا، والتي لن تمحو آثارها مثل هذه العملية الغادرة الجبانة.
في خضم كل ذلك، تحدى نصر الله جيش الاحتلال ومن ورائه الأمريكي والبريطاني وغيرهم، ودعاهم للتفكير في التجرؤ والمحاولة فقط. فمغامرة غير محسوبة بهذا الحجم ستكون كفيلة بأن يلاقوا مصيرهم المحتوم. وما يعلمه نصر الله علم اليقين أن إفشال هذه الصفحة الغادرة يتطلب الصراحة والصدق، وتجاوز آثار ضربات العدو، ليقطع ثرثرة طابوره الخامس، ومن جندوا أنفسهم طواعية لضرب المقاومة من عملاء وحاقدين.
إجمالاً، أن ما قبل وبعد الجريمة الصهيونية بتفجير أجهزة البيجر يقودنا لفهم تأثير جبهة الشمال الفلسطيني والجنوب اللبناني، وما شهدته من هزيمة لنهج وخطط الصهاينة ومن يقفون خلفهم من المستكبرين. وقد وضع خطاب سماحة السيد حسن نصر الله حدًا لما يمكن أن يُقال زيفًا عن هزيمة حزب الله وضرب جبهته، حيث أكد فيه رباطة جأش المقاومين وكشف عن تلك العزيمة التي لا تلين، والعقيدة التي لا تتغير. وقطعًا، فإن ما نشاهده وما صدح به سيد المقاومة لم يكن شعارات فارغة ولن تكون كذلك أبدًا.
في صميم القصد، يقال: "إن ظواهر الخلق تتساوى عند دوام النعم، حتى إذا حل البلاء ظهرت معادنهم الحقيقية، ولا شك أن الابتلاء من الأمور التي يختبر بها الله عز وجل الخلق، ليرى مدى صبرهم على الابتلاء". وهذا ما أثبتته جحافل المقاومين على الدوام. نعم، إن الموقف الصلب والمشرف للبنان وأهله، رغم كل شيء، والذي جاء عقب الاعتداء الإرهابي الذي نفذه العدو الصهيوني الغادر واستهدف لبنان بأسره، عبر عن وحدة الموقف وتلاحم قوى المقاومة في مختلف الساحات، كما أشار بوضوح إلى صلابة الجبهة الداخلية للحزب المقاوم، التي راهن العدو على استهدافها وتفتيتها وضربها من الخلف. وقد بات واضحًا للعيان أن ما أعلنه اللبنانيون يُعد إفشالاً للمخططات التي استهدفتهم، والتي أريد منها الاستفراد بغزة وأهلها وتصفية القضية إلى الأبد.
وخلاصة القول لمن لم يعوا الدرس حتى الآن: "ستبقى لبنان عزيزة بأهلها ومقاومتها، وستكون فلسطين وتبقى عصية على أكبر مشاريع التصفية والإبادة. أما الحساب العسير، فالرسالة واضحة ناصعة على لسان رمز المقاومة وسيدها: فالخبر فيما سترونه، لا فيما ستسمعون".