- ℃ 11 تركيا
- 18 نوفمبر 2024
سعيد البدي يكتب: مع العامري في الدعوة والرؤية
سعيد البدي يكتب: مع العامري في الدعوة والرؤية
- 16 يوليو 2024, 4:32:43 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم يعد الصمت الذي يحيط بقضية خروج القوات الأميركية من الأراضي العراقية مجديا، فقد أثبتت التجربة أن وجود هذه القوات لم يعد مبررا، وأن استمرار تواجدها سيكون له أثر سلبي بلا شك.
إجمالا هي لا تقوم بأي دور حاليا، عدا ذلك الدور المفترض، الذي يصب باتجاهات فرض أمن الكيان الصهيوني، وهو دور لا تنكره أميركا بل تتجاهر به مفتخرة بعلاقة وطيدة أبوية النزعة مع الكيان الغاصب مبنية على ديمومته وحمايته تحت كل الظروف، مشجعة بذلك عدوانيته ودمويته وعملياته الإجرامية الممنهجة التي يعرفها العالم من أقصاه إلى أقصاه.
نعم إن هذا الوجود مما لا يجب أن يقبله أي وطني حر شريف يؤمن بعدالة قضيته وحقه في السيادة على أرض بلاده.
لقد بات من الواضح جدا وطوال سنوات من التعاطي مع الإدارات المتعاقبة للولايات المتحدة الأمريكية أن نهجها في التعامل مع الملف العراقي مبني على الإملاءات وفرض الأمر الواقع، فهي تبيح لنفسها كل شيء، بما في ذلك شرعنة عمليات القتل والسرقة وحماية اللصوص والمفسدين.
الأدهى من ذلك تهديدها الدائم بمعاقبة المقاومين، المنحازين لقضايا شعبهم وأمتهم تحت مختلف العناوين والذرائع، ولعل ذلك لمن يفهمه ويعيه، يندرج ضمن معادلات الغلبة والقهر بقوة السلاح، وسطوة ما يسمى بالقانون الذي يطبق فقط على من يناهضون النهج الأميركي ويرفضون لهجة الإملاء والغطرسة.
فالقانون الدولي المزعوم مفصل على المقاسات الأمريكية، وهذه القوانين بطبيعتها فارغة تكرس التواجد وتشرعن العدوان، والتي تنفذها ارادة منقادة للرغبات الصهيونية، وهذا أصل الحكاية، ولعل ما يعنينا منها هو أن من يعتقدون بشراكة واقعية مع الأمريكيين تحت ضغط التواجد العسكري الأمريكي، انما يخادعون انفسهم وشعبهم، وكل ذلك الجمهور الذي يسعون لاستمالته من خلال إقناعه بامكانية قيام هذه العلاقة القائمة على المصلحة وتوفير الحماية، الثابت في هذا النوع من العلاقات هو خلوها من الاحترام أو الرغبة في إظهاره على اقل التقادير، وهو ما لايرتضيه الأحرار بأي حال من الأحوال.
إن تجديد الدعوة لمغادرة هذه القوات على لسان أمين عام منظمة بدر السيد هادي العامري تأتي في سياقها المنطقي، وبدلالات واضحة تستند لرؤية عميقة، تذهب الى ان على الطرف الاميركي تغيير النهج واثبات النوايا بالتحول في العلاقات العراقية-الاميركية الى الثنائية، ما يعني ان على هذا الاميركي اثبات المصداقية، فالعراق ليس ارضا اميركية ولن يكون كذلك، ان عزمت القوى العراقية على فرض مسار اخر، يفهم منه الاميركي ان بلادنا لن تكون ساحة لتصفية الحسابات، كما ان دستورنا الوطني يمنع ان تكون الاراضي العراقية منطلقا لاي عمليات عدائية تجاه اي بلد جار مرورا وتواجدا، ما يشير بوضوح لدقة هذه الرؤية ومنطلقاتها الوطنية، وعليه فدعم هذه الدعوة ووضع جدول زمني بسقف لا يتعدى نهاية العام الحالي يجعل الامور في نصابها، ويؤسس لعلاقة صحيحة تحفظ حقوق شعبنا واستحقاقاته الوطنية، في سيادته على ارضه بعيدا عن حالة التبعية والتلويح بالقوة الغاشمة وما ينطوي على ذلك من اجراءات عقابية تستهدف مستقبله ووحدة اراضيه.
من هنا فأن ما اشار اليه السيد العامري يعد رسالة للحكومة وممثلي الشعب العراقي، يمكن قراءاتها بشكل ايجابي وصريح، مفادها اننا لا يمكن ان نبني نظاما سياسيا قوياً وبلدا متعافياً دون خروج مفهوم الاسس لقوات التحالف الدولية، وان الحاجة قائمة لان تمارس كل القوى الوطنية دورها في الضغط على القوات الاجنبية والامريكيين، لتأدية التزاماتها والانسحاب من الاراضي العراقية.
اما اذا ما كان الامريكيين يراهنون على توظيف ملفات المنطقة للاستثمار فيها انتخابيا، فالمطلوب هو ترك هذا الاسلوب المفضوح والشروع بالتأسيس لعلاقات صحيحة، تحترم فيها خيارات الشعوب وتحكم ارادتها، عبر بناء علاقات دبلوماسية واستراتيجية، تقوم على على الثنائية والمصالح المشتركة، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الاخرى، التي تصفها اميركا بالشريكة والحليفة لا التابعة الضعيفة، المحكومة برغبات ونزوات صناع القرار في الداخل الاميركي.