- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
سهير الشربيني يكتب: ملامح تزايد دور الشركات الناشئة في مجال الصناعات الدفاعية
سهير الشربيني يكتب: ملامح تزايد دور الشركات الناشئة في مجال الصناعات الدفاعية
- 27 سبتمبر 2023, 1:01:39 م
- 445
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أدت التطورات الجيوسياسية الأخيرة، في كثير من دول العالم، بما في ذلك الحرب الأوكرانية، وما ترتَّب عليها من توترات أمنية وجيوسياسية واسعة، إلى تنامي المخاوف بشأن قضايا الأمن القومي، خاصةً في ظل الحالة الراهنة للبنية التحتية المدنية والدفاعية في جميع أنحاء العالم، وهو ما دفع بدوره إلى تنامي دور الشركات الناشئة في صناعة الدفاع باعتبارها مصدراً رئيسياً للابتكار. وتماشياً مع ذلك، أظهرت الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً في سلاسل التوريد الدفاعية خلال السنوات القليلة الماضية، وقد ساعد على ذلك التسارع التكنولوجي الراهن والتنافس المحتدم على اقتناء أحدث ما توصَّلت إليه التكنولوجيا من تقنيات؛ حيث أتاح ذلك فرصاً جديدةً أمام الشركات الناشئة لإثبات وجودها في صناعة الدفاع، وبخاصة الشركات المتخصصة في التكنولوجيا. أضف إلى ذلك الاهتمام الحكومي الصاعد في عدة دولة بتحفيز الشركات الناشئة على دخول سوق الدفاع؛ للاستفادة من إبداعاتها وابتكاراتها في هذه الصناعة الشديدة الحساسية والأهمية في الوقت ذاته للحكومات.
مؤشرات رئيسية
خلال السنوات القليلة الأخيرة، برز حضور الشركات الناشئة في صناعة الدفاع، مدعوماً بشكل كبير بتشجيع حكومي واسع في كثير من دول العالم، وهو ما يتضح جلياً من خلال ما يأتي:
1– نمو اهتمام الشركات الناشئة الأمريكية بصناعة الدفاع: في الآونة الأخيرة، تكثَّف الاهتمام بالشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع في الولايات المتحدة، وهو ما بدا واضحاً من خلال ما أظهرته بيانات (Crunchbase) من أنه في عام 2022، شهدت الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع في الولايات المتحدة استثماراً بنحو 2.1 مليار دولار من إجمالي 53 صفقة، بما في ذلك نحو 1.5 مليار دولار لصالح شركة المنتجات الدفاعية (Anduril).ولعل ذلك يرجع بشكل كبير إلى اهتمام الإدارة الأمريكية بالشركات الناشئة في مجال الدفاع؛ حيث دفعت الحرب الأوكرانية البنتاجون إلى تعبئة القاعدة الصناعية الدفاعية بطريقة غير مشهودة منذ عقود، فضلاً عن إطلاق استراتيجية جديدة لإشراك الشركات الناشئة ومساعدتها على التنافس على عقود الدفاع. وتشمل المبادرة مراكز المساعدة الفنية لمساعدة الشركات الصغيرة في العثور على فرص للقيام بأعمال تجارية.
2– تشجيع المملكة المتحدة الشركات الناشئة في مجال الدفاع: بحسب آندي ستارت ( Andy Start) الرئيس التنفيذي لوكالة المعدات والدعم الدفاعي Defence Equipment & Support (DE&S) التابعة لوزارة الدفاع البريطانية، فإن الحكومة في بريطانيا قد عملت في الآونة الأخيرة على تقديم تسهيلات للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في مجال الدفاع؛ وذلك عبر تقديم عطاءات للحصول على عقود القطاع العام، بما في ذلك ضمان الدفع في غضون 30 يوماً، وإلغاء أسئلة التأهيل المسبق للعقود المنخفضة القيمة.
وفي إطار حرص الحكومة البريطانية على تشجيع الشركات الناشئة في الصناعة الدفاعية، نظمت معرضاً دولياً لمعدات الدفاع والأمن (DSEIفي لندن، لمدة أربعة أيام من 2–5 سبتمبر 2023، استضافت خلاله أكثر من 2800 من موردي الدفاع والأمن، مع أكثر من 230 عارضاً جديداً، لعرض أحدث منتجاتهم وقدراتهم. وقد ظهرت شركة (Nurol Makina UK) الناشئة في صناعة الدفاع، حضوراً قوياً خلال المعرض لأول مرة على المستوى الدولي.
3– تركيز شركات الدفاع التركية على عرض ابتكاراتها: استعرضت شركات الدفاع التركية أحدث منتجاتها وابتكاراتها في المعرض الدولي لمعدات الدفاع في لندن السالف ذكره؛ حيث أظهرت ما يقرب من 30 شركة تركية دفاعية، بما في ذلك عمالقة الصناعة مثل (ASELSAN) و(HAVELSAN) و(BMC) و(Roketsan) ابتكاراتها المتطورة، وهو ما أثبت حرص الشركات التركية على توسيع وجودها، واكتساب اعتراف دولي مطرد، عبر تقديم ابتكارات عدة، كإنتاج مجموعة واسعة من المعدات العسكرية، من المركبات المدرعة إلى الأنظمة الجوية بدون طيار.ومن المتوقع أن تؤدي عمليات التعاون والاتفاقيات التي تم التوصل إليها في المعرض إلى تعزيز مكانة تركيا في قطاع الدفاع الدولي.
4– ريادة الشركات الناشئة الهندية في صناعة الدفاع: إدراكاً لقيمة الشركات الدفاعية الناشئة، باعتبارها محركاً للإبداع، ولقدرتها المتجددة على دفع الهند نحو الاعتماد الذاتي في قطاع الدفاع؛ نفذت نيودلهي سلسلة من المبادرات لدفع نمو هذه الشركات، ومنها إطلاق مبادرة الابتكار من أجل التميز الدفاعي (IDEX) في عام 2018، التي صُمِّمت بوجه خاص لتعزيز الابتكار ودعم تطوير تقنيات الدفاع، عبر إشراك الشركات الناشئة. ولعل ذلك قد ساهم بدرجة كبيرة في بروز دور الشركات الناشئة الهندية في مجال الدفاع، إذ ساعدت تلك المبادرة العديد من الشركات الناشئة على العمل في نظام بيئي ناشئ داعم للشركات الدفاعية، حتى أضحى هناك ما يقرب من 200 شركة ناشئة تركز على بناء حلول مبتكرة للقوات المسلحة الهندية، وهي الحلول التي تتراوح بين قدرات التصوير المتقدمة وأنظمة المراقبة الكهربائية الضوئية إلى الدروع الواقية من الرصاص والأجهزة الطبية.
5– اهتمام إماراتي بتشجيع الشركات الدفاعية الناشئة: في إطار اهتمام الإمارات بتحفيز الشركات الناشئة في قطاع الدفاع على مزيد من الابتكار والتميز، تم تدشين منصة “أيدكس نكست جين” (IDEX Next Gen) في إمارة أبو ظبي؛ وذلك ضمن فعاليات معرضَي أيدكس ونافدكس، باعتبارهما منصةً للشركات لتقديم الأفكار والمنتجات واستراتيجيات العمل، بالإضافة إلى عرض أحدث الابتكارات والحلول والتقنيات الدفاعية أمام بعض أهم القادة وصناع القرار والوفود الرسمية وكبرى الشركات العالمية في قطاع الدفاع. وخلال الفعاليات التي أقيمت في فبراير عام 2023، تنافست نحو 34 شركة ناشئة على جائزة “أفضل شركة مبتكرة في قطاع الدفاع” في أبو ظبي، وتعد هذه المرة هي الأولى التي تقام فيها هذه المسابقة خلال المعرض، بهدف تشجيع ريادة الأعمال والابتكار بين الشركات الناشئة في قطاع الصناعات الدفاعية والعسكرية، وإتاحة الفرصة لها لعرض حلولها وأنظمتها وتقنياتها المتقدمة التي تلعب دوراً حيوياً في تطوير الصناعات الدفاعية على المستوى العالمي.
6– تحفيز اليابان شركات التكنولوجيا الناشئة لدخول قطاع الدفاع: تحرص الحكومة اليابانية على تشجيع نحو 200 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الفائقة، في محاولة للاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بها، للانضمام إلى قطاع الدفاع، ومن المقرر أن تقيم وكالة الاستحواذ والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية (Technology and Logistics Agency)، معرضاً في أوساكا اليابانية في أكتوبر المقبل، ليضم ما يصل إلى 40 شركة ناشئة.كذلك من المقرر أن تزيد الحكومة اليابانية إجمالي ميزانية الدفاع للسنوات الخمس حتى السنة المالية 2027، إلى 43 تريليون ين؛ أي ما يعادل 300 مليار دولار؛ أي 1.6 ضعف مبلغ السنوات الخمس الأخيرة، لتمويل نشر المعدات الدفاعية، وهو ما من شأنه أن يوفر فرصاً للاستفادة من تكنولوجيا الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
7– دعم إسرائيلي للشركات الناشئة الصغيرة: على خلفية سعي الجيش الإسرائيلي إلى إدخال تكنولوجيا جديدة لزيادة قدراته، فإن وزارة الدفاع الإسرائيلية أدركت الحاجة إلى دعم الشركات الناشئة الصغيرة، وخاصةً التي تصنع التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن استخدامها للتطبيقات المدنية أو الدفاعية، وبالأخص في ظاهرة المنافسة الكبيرة للشركات الناشئة في الصناعة في كثير من الدول، وتطلُّع الشركات الناشئة في الوقت ذاته إلى السوق المدنية؛ لذلك تستهدف الحكومة دفع القدرات التجارية نحو البحث والتطوير الدفاعي. وعليه، أنشأ برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج Israel’s Ministry of Defense’s DDR&D التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية برامج مثل (Talpiot) و(Psagot) لتوظيف أفضل الطلاب في مجال التكنولوجيا المتعلقة بالدفاع.وفي عام 2019، أطلق برنامج يسمى (Innofense) ليكون مركزاً للابتكار، ليساعد الشركات الناشئة الشريكة في التمويل والاستكشاف والتعرض للتكنولوجيا التجارية، وقد “تخرَّجت” ما مجموعه 43 شركة في هذا البرنامج حتى الوقت الراهن.
تحديات محورية
رغم الاهتمام الحكومي الواسع بتشجيع الشركات الناشئة لدخول صناعة الدفاع، بما يتيح العديد من الفرص للاستفادة من ذلك الترحيب الحكومي، فإن الشركات الناشئة في تلك الصناعة، تواجه بعض التحديات الأساسية، وهي التحديات التي يمكن استعراضها فيما يأتي:
1– الطابع التنظيمي الشديد لصناعة الدفاع: تُعَد صناعة الدفاع صناعةً شديدة التنظيم، تُدِيرها الحكومة وتخضع لتنظيم صارم. ومن ثم فإن عمليات الشراء تتم في المقام الأول على المستوى الوطني، مع التحكم في الطلب وسياسات التصدير من قِبَل الحكومات الوطنية، وهو ما يحد بدوره من الشراكات عبر الحدود.
2– التنافس مع الشركات الكبيرة في الصناعة: عادةً ما يستفيد شاغلو المناصب الرئيسية في وزارات الدفاع من المزايا الهائلة التي تتعزَّز بفعل البيروقراطية الحكومية الواسعة النطاق، وقواعد التعاقد المعقدة، غير أن ذلك يفرض على الشركات الناشئة استعراض قدرات أفضل بشكل غير مُتناسِب، فضلاً عن امتلاك رأس المال الكافي كي تستطيع الصمود في تلك السوق.
3– معضلة دخول سلسلة التوريد للمقاولين الرئيسيين: انطلاقاً من أهمية قضايا الأمن والدفاع لدى معظم الحكومات، ونظراً إلى حساسية الصناعة؛ حيث إنها تمسُّ الأمن القومي للدول؛ فإن الحكومات عادةً ما تميل إلى تفضيل اللاعبين الراسخين الذين لديهم سجلات طويلة من النجاح، بما يضع الشركات الناشئة في الصناعة أمام تحدٍّ رئيسي بأن تستطيع القيام بدور مورد من المستوى الأول أو المستوى الثاني. ولعل ما يزيد من صعوبة ذلك التحدي، احتلال المقاولين الرئيسيين مواقع مهمة وأساسية في سلسلة التوريد الدفاعية، وهو ما يتطلب جهوداً واسعاً من قِبَل تلك الشركات الناشئة، وهو ما لا يتم الحصول عليه عادةً إلا بعد سنوات من تقديم خدمات عالية الجودة والمفاوضات المباشرة مع المقاولين الرئيسيين.
4– الحاجة إلى دورات بحث وتطوير مُكلِّفة للغاية: تزداد عِظَم التحديات أمام الشركات الناشئة، مع نمو الحاجة إلى دورات بحث وتطوير طويلة ومُكلِّفة، تتطلبها المنتجات الدفاعية، من أجل تحقيق التفوق التقني. إذ نادراً ما تتمكَّن الشركات الناشئة من تمويل الدورات بنفسها، بناءً على نشاطها التجاري وحده، وبدون مصدر تمويل مستقر ومستمر، خاصةً في ظل نقص العقود الحكومية والعملاء المتاحين والمستثمرين الخارجيين، ومن ثم فإن تطوير الخطط الطويلة الأجل تُعيق نمو الأعمال بشدة.
5– إشكالية المتطلبات النوعية والمعايير الفنية غير الواقعية: من أبرز التحديات التي تواجه الشركات الناشئة، المتطلبات النوعية (QRs) أو المعايير الفنية التي تضعها بعض الحكومات شروطاً للحصول على الأسلحة أو المعدات، ومنها الهند؛ حيث تضع القوات المسلحة الهندية – بحسب بعض المحللين – قواعد استجابة غير واقعية، يصعب على أي مصنع دفاعي تلبيتها، وهو ما يؤثر بالتبعية على الشركات الناشئة في الصناعة؛ نظراً إلى كونها تعمل بموارد محدودة، ولا تملك الوسائل اللازمة لإعادة صياغة منتجاتها باستمرار.
6– تزايد العقبات أمام عمليات الشراء: تواجه الشركات الناشئة صعوبات عندما يتعلق الأمر بعمليات الشراء؛ إذ إنه في بعض البلدان، تمر الشركات الناشئة بعملية شراء بيروقراطية وطويلة، وغالباً ما تفتقر الشركات الناشئة إلى الدراية والموارد اللازمة للتعامل مع هذه العملية. فضلاً عن ذلك، تواجه الشركات الناشئة في بعض الدول صعوبات أمام الحصول على أوامر الشراء من قبل شركات تصنيع الدفاع المملوكة للدولة. أضف إلى ذلك التحدي المتمثل في طول الوقت الذي تستغرقه معظم عمليات الشراء، وهي قضية معروفة جيداً في وادي السليكون بالولايات المتحدة.
7– التعرض لمشاكل في التمويل: تعاني الشركات الناشئة في مجال الدفاع في كثير من الدول، من عقبات أمام التمويل؛ فبينما يحرص الكثير من أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في الشركات الناشئة في عدد واسع من الصناعات، فإنه فيما يتعلق بصناعة الدفاع، كثيراً ما يجري الاستثمار فيها باعتدال؛ حيث يعتبرون الاستثمار في الشركات الناشئة الدفاعية، التي تعتمد بشكل كبير على الحكومة في طلبياتها، أمراً محفوفاً بالمخاطر؛ إذ يُفضِّل أصحاب رأس المال الاستثماري وضع رهاناتهم في قطاع أكثر أماناً يوفر عوائد أسرع. كذلك فإن هوامش الربح المنخفضة للشركات الناشئة في الصناعة في بعض الدول، تمثل تحدياً خطيراً أمام رغبة تلك الشركات في الاستمرار، كما هو الحال في اليابان؛ إذ إنه لهذا السبب غادرت خلال العشرين سنة الماضية نحو 100 شركة ناشئة قطاع الدفاع في اليابان.
بيد أن ذلك لا يعني أن أصحاب رأس المال الاستثماري لا يستثمرون في شركات الدفاع الناشئة على الإطلاق؛ إذ تمكنت بعض الشركات الناشئة التي تعمل على تطوير تقنيات ذات استخدام مزدوج بالفعل، كالطائرات بدون طيار، خلال السنوات القليلة الماضية، من تأمين تمويل كبير من أصحاب رؤوس الأموال.
8– تهديدات الأمن السيبراني وأنظمة المعلومات الحيوية: رغم المزايا والإيجابيات، والفرص التي منحها التقدم التكنولوجي في مجالات التكنولوجيا الفائقة للشركات الناشئة في صناعة الدفاع، فإنه على الجانب الآخر، تسبَّب في خلق تحديات غير مسبوقة في مجال الأمن السيبراني وأنظمة المعلومات الحيوية. وكرد فعل على ذلك، تعمل العديد من الدول حول العالم على زيادة ميزانيتها الدفاعية لمعالجة هذه المسائل.
سبل المواجهة
يُمكِن للشركات الناشئة في صناعة الدفاع التغلب على التحديات الضخمة التي تتعرَّض لها من خلال عدة طرق، يمكن استعراضها فيما يأتي:
1– تعزيز التشجيع الحكومي للشركات الناشئة: انطلاقاً من الاهتمام الحكومي المتنامي بالشركات الناشئة في صناعة الدفاع، ومساعيها نحو تحفيز المزيد من الشركات الناشئة لدخول هذه الصناعة، فإن الحكومات تحتاج إلى بذل مزيد من الجهود في دعم الشركات الناشئة لمواجهة تلك التحديات، كأن تسعى إلى تحفيز المزيد من الشركات الناشئة على تطوير تطبيقات الدفاع لديها، وكذلك التفكير في تبسيط عملية الشراء لجعلها أكثر ملاءمةً للشركات الناشئة.
2– الاستفادة من مجالات السوق الجديدة: تستطيع الشركات الناشئة أن تعزز استفادتها من مجالات السوق الجديدة، التي يتم خلقها عن طريق التحول الرقمي؛ حيث تواجه هذه الأسواق المتخصصة عقبات أقل عند دخول قطاع الدفاع؛ إذ يتم التعامل معها غالباً من خلال الحلول المستندة إلى البرمجيات، وتتطلب بدورها استثمارات أقل من قطاعات سوق الدفاع التقليدية.ومن ثم يمكن لتلك الشركات الاستفادة من العائدات التجارية التي تحصل عليها من مجالات السوق الجديدة، للاستثمار في البحث وتطوير المنتجات الدفاعية، ومن ثم تحديد أوجه التآزر بين السوق التجارية والدفاعية، بما يجعلها أكثر قدرةً على توزيع تكاليف البحث والتطوير بكفاءة.
3– حتمية البحث عن ميزة تنافسية مبتكرة: لما كان الابتكار هو سمة العصر، فإن البحث عن ميزة تنافسية مبتكرة لتحدي الأسواق التقليدية واقتحامها، يُعَد من أهم السبل الممكنة في سبيل تذليل الشركات الناشئة للعقبات التي تتعرَّض لها؛ إذ يعد التفوق التكنولوجي بمنزلة الطريق الرئيسي أمام الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة لترسيخ وجودها في السوق وإحلال المنتجات الحالية محلها.
4– بناء شراكات طويلة الأمد مع اللاعبين الرائدين في الصناعة: تحتاج الشركات الناشئة في صناعة الدفاع إلى بناء شراكات طويلة الأمد مع اللاعبين الرائدين في تلك الصناعة؛ وذلك من خلال المواءمة بين المنتج الذي تقدمه تلك الشركات والاحتياجات التكنولوجية لرواد الصناعة، والعمل على تطوير منتجات فريدة يحتاجها المقاولون الرئيسيون، بما يسهل فرص الشركات الناشئة في التحول إلى موردين موثوقين في الصناعات الدفاعية.
5– توقع الاحتياجات الدفاعية الحكومية المستقبلية: بإمكان الشركات الناشئة أن تعمل على تطوير دراسات السوق لديها، بالشكل الذي يُمكِّنها من توقُّع الاحتياجات الدفاعية الحكومية المستقبلية، بما يجعلها أكثر قدرةً على التكيُّف والمبادرة، وأسرع في التعاون مع الحكومات، ومن ثم تأمين مصادر إيرادات مستدامة.
إجمالاً، تستطيع الشركات الناشئة ترسيخ وجودها في سلسلة التوريد الدفاعية وتأمين مصادر تمويل مستقرة، إذا ما تمكنت من تحديد الاحتياجات الحكومية والاستفادة من التقنيات المبتكرة ذات الاستخدام المزدوج، وهو ما يتوقف على مدى مرونتها وقدرتها على مواجهة التحديات والتكيف معها، والصمود في وجهها، خاصةً أن المكاسب المترتبة على ذلك الصمود تستحق العناء؛ إذ إنه في خضم التحديات الجيوسياسية الراهنة، فإن ميزانيات الدفاع مؤهلة لزيادات كبيرة في المستقبل، وهو ما سيحمل بدوره فرصاً عديدةً للشركات الناشئة، بما يتطلب من تلك الشركات إثبات مدى قدرتها على المنافسة والسعي نحو امتلاك ميزة تنافسية قوية، تمكنها من أن تصبح شركاء في الصناعة مع الحكومات، وموردين موثوقين بهم.