- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
طريق التنمية.. تركيا تدفع ببديل للممر التجاري بين الهند وأوروبا
طريق التنمية.. تركيا تدفع ببديل للممر التجاري بين الهند وأوروبا
- 17 سبتمبر 2023, 1:25:44 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تحرص تركيا على تأكيد دورها التقليدي كجسر بين الشرق والغرب.
تجري تركيا مفاوضات "مكثفة" حول بديلها لخطة الممر التجاري بين الهند وأوروبا والذي يمر عبر الشرق الأوسط ويتجاوز أنقرة، والتي تم الاتفاق عليها في قمة مجموعة العشرين هذا الشهر، حيث تسعى البلاد إلى تعزيز دورها التاريخي كطريق نقل للسلع التي تنتقل من آسيا إلى أوروبا.
وعارضت أنقرة المسار المقترح بين الهند والشرق الأوسط والذي سينقل البضائع من شبه القارة الهندية عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل إلى الأسواق الأوروبية، خاصة أن الممر المطروح، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محاولتهما صد نفوذ الصين المتنامي، سوف يتجاوز تركيا بالكامل.
والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا سيتكون من خطوط السكك الحديدية والموانئ البحرية التي تربط الهند وأوروبا عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل.
بالإضافة إلى تقليل أوقات عبور البضائع، من المتوقع أن يشمل المشروع بنية تحتية لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر وكابلًا تحت البحر لتعزيز الاتصالات ونقل البيانات.
وعقب عرض المشروع، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد قمة مجموعة العشرين، إنه "لا يمكن أن يكون هناك ممر بدون تركيا"، مضيفًا أن "الطريق الأنسب للتجارة من الشرق إلى الغرب يجب أن يمر عبر تركيا".
منذ ذلك الحين، ووفق تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز"، ضاعف وزير خارجيته هاكان فيدان من حدة الشكوك، وأصر هذا الأسبوع على أن "الخبراء لديهم شكوك في أن الهدف الأساسي الممر هو العقلانية والكفاءة"، وأشار إلى وجود "المزيد من المخاوف الجيواستراتيجية".
وقال فيدان ردا على سؤال من الصحيفة: “إنها أيضا انعكاس للمنافسة الجيواستراتيجية”
وتحرص تركيا على تأكيد دورها التقليدي كجسر بين الشرق والغرب، وهو تاريخ يعود إلى قرون مضت مع ظهور طرق الحرير.
وبدلاً من ذلك، روجت أنقرة لبديل يسمى مبادرة "طريق التنمية"، حيث أصر فيدان على أن "مفاوضات مكثفة" جارية مع العراق وقطر والإمارات حول المشروع، الذي سيتم تشكيله "في غضون الأشهر القليلة المقبلة".
وتم الإعلان عن "طريق التنمية" في مايو/أيار الماضي، بالعاصمة بغداد، بحضور وزراء النقل أو من يمثلهم من دول الإمارات والسعودية وسوريا والأردن والكويت وقطر وعمان وتركيا وإيران، بالإضافة لممثلين عن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
ويعول العراق على طريق التنمية -أو ما يعرف محليا "بالقناة الجافة"- لربط الأسواق الآسيوية بالأوروبية عبر ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة (جنوبا) ثم القناة الجافة التي تبدأ من الميناء جنوبا وتنتهي بالحدود العراقية التركية شمالا.
وسينقل الطريق المقترح، البضائع من ميناء الفاو الكبير في جنوب العراق الغني بالنفط عبر 10 محافظات عراقية إلى تركيا، وفقًا للرسوم البيانية الصادرة عن حكومة بغداد.
وستعتمد الخطة على 1200 كيلومتر من السكك الحديدية عالية السرعة وشبكة طرق موازية.
ومن المخطط أن تنتهي المرحلة الأولى من هذا المشروع بحلول عام 2028، على أن تنتهي المرحلة الثانية بعدها بـ10 سنوات، إذ تزداد معها الطاقة الاستيعابية للنقل إلى 400 ألف حاوية، وصولا إلى المرحلة النهائية المقررة عام 2050.
أما عن إسهام المشروع في تقليص مدة شحن البضائع، فإن زمن الرحلة البحرية للسفن المحملة بالبضائع من ميناء شنجهاي الصيني إلى ميناء روتردام الهولندي تستغرق نحو 33 يوما، في حين أنها ستستغرق 15 يوما فقط عندما تنتقل البضائع من شنجهاي إلى ميناء جوادر الباكستاني ثم إلى ميناء الفاو الكبير، ومنه عبر القناة الجافة العراقية إلى موانئ البحر المتوسط في تركيا، ومنها إلى ميناء روتردام الهولندي، بما يعني تقليص زمن الرحلة بأكثر من 50%.
وتُقدر التكلفة الأولية لمشروع "طريق التنمية" بـ17 مليار دولار، وسط 3 خيارات تمويلية، الأول يدور حول التمويل الحكومي، لكن مراقبين يستبعدون قدرة الحكومة على تحقيق ذلك في ظل العجز الكبير في الموازنة العامة.
أما الخيار الثاني، فهو الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، والذي يواجه كذلك تحدي توفير المال اللازم في ظل إدارة حكومية.
والخيار الثالث يقترح التمويل من خلال استثمار مجموعة من الشركات العالمية مع شراكات محلية، وهو الحل الأكثر منطقية لتنفيذ المشروع خلال سنوات قليلة، وسط توقعات بأن يحظى المشروع بتمويل من تركيا والسعودية والإمارات وقطر.
وبالإضافة إلى المخاوف المالية، يتحدث محللون عن مخاوف بشأن جدوى مشروع "طريق التنمية" لأسباب أمنية.
يقول مدير أوروبا في مجموعة أوراسيا البحثية إيمري بيكر: "تفتقر تركيا إلى التمويل اللازم لتحقيق النطاق الكامل للمشروع، ويبدو أنها تعتمد على الدعم الإماراتي والقطري لبناء البنية التحتية المقترحة".
ويضيف: "لكي يحدث ذلك، ستحتاج دول الخليج إلى الاقتناع بالعوائد الجيدة على الاستثمار، وهو أمر ليس واضحا بشكل وشيك في مشروع طريق التنمية".
ويتابع بيكر: "هناك أيضًا قضايا تتعلق بالأمن والاستقرار تهدد البناء وجدوى المشروع على المدى الطويل".
ويعاني العراق من الفساد المستشري، والبنية التحتية المتدهورة، والحكومة الضعيفة، ونوبات منتظمة من عدم الاستقرار السياسي.
في المقابل، يقول المحللون والدبلوماسيون الغربيون أن ممر مجموعة العشرين المقترح قد يستغرق عقودًا من الزمن، إذا تم تحقيقه على الإطلاق.
وسعت تركيا إلى تمديد الخط الاستراتيجي بين الغرب والشرق من خلال محاولة الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك روسيا والصين.
وأدى هذا النهج في بعض الأحيان إلى إثارة التوترات مع الغرب.
وخلال هذا الأسبوع، على سبيل المثال، تعرضت شركتان تركيتان للعقوبات الأمريكية بزعم مساعدة روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
ويعلق بيكر على ذلك بالقول إن أنقرة تدعم بشكل عام مبادرة الحزام والطريق الصينية، لكنه قال إن دورها في الخطة كان محدودا.
وقامت بكين باستثمارات تبلغ حوالي 4 مليارات دولار في تركيا من خلال مبادرة الحزام والطريق، وهو ما يمثل 1.3% فقط من الإجمالي، وفقًا لدراسة حديثة أجرتها مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.
من جانبه، يقول مدير دراسات السياسة الخارجية في "سيتا"، وهي مؤسسة فكرية لها صلات بالحكومة التركية مراد يشيلتاش، إنه على الرغم من الاقتراح البديل، لا يزال بإمكان أنقرة الدفع للانضمام إلى مبادرة الهند والشرق الأوسط.
وقد يحصل أردوغان على فرصة لعرض مشروعه، إذا التقى بنظيره الأمريكي جو بايدن على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع المقبل.
ويلفت يشيلتاش، إلى أنه بالإضافة إلى تسليط الضوء على الموقع الجغرافي المناسب لتركيا للتجارة، يمكن للبلاد أيضًا أن تستعرض نفوذها في المنطقة، لا سيما بعد تحسن العلاقات مؤخرًا مع السعودية والإمارات.
ويضيف يشيلتاش: "تتمتع تركيا بنفوذ سياسي كبير في المنطقة، وهي قادرة على تسهيل المفاوضات التجارية وحل النزاعات بين الدول المشاركة في الممر".