- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عاصم المصري يكتب: دروس في ذكرى مجزرة فض رابعة
عاصم المصري يكتب: دروس في ذكرى مجزرة فض رابعة
- 16 أغسطس 2022, 6:43:02 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قي الذكرى السنوية التاسعة لمذبحة رابعة والنهضة نستذكر أولاً الأرقام التي ذكرت من قبل جهاز الدولة الرسمي ومن قبل المستشفى الميداني أثناء الحدث ومن قبل أحد أشهر المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
ذكر المستشفى الميداني في رابعة العدوية، إن عدد القتلى بلغ 2200 قتيل، في الوقت الذي جاء تقرير وزارة الصحة المصرية بـأن عدد القتل بلغ 670 قتيلا ونحو 4400 مصابا من الجانبين. منظمة هيومن رايتس واتش ذكرت في تقريرها أن عدد القتلى بلغ 819 قتيل.
في الحقيقة كان ردة فعل ما بعد مجزرة رابعة أكثر إيلاما من المجزرة نفسها، الفرقة والشرخ الوطني أقصد.
بعد أن أصبح ميدان التحرير أيقونة الحرية واللحمة الوطنية، وللعالم أجمع، هدم المصريون بأيديهم هذه الأيقونة ورفعوا بدلا منها أيقونة للخبل السياسي والفرقة الشعبية والسذاجة في الفكر الوطني وتبني للعبودية المقنعة.
بعد إن رفعت ثورة 25 يناير مصر والمصريين عاليا إلى عنان السماء جاء ما بعد مذبحة رابعة ليخسف بصورة المصريين وقيمتهم الفكرية و العمل السياسي إلى أسفل سافلين.
أن تشاهد مصري يرقص على دماء وأشلاء أخيه المصري فقط لمجرد اختلافه معه في الرأي!!
أن تشهد احتفالات مصريين على مآتم وبيوت عزاء مصريين آخرين!!
أن ترى هذا التمجيد الوطني لديكتاتور مجرم خبيث قاتل دموي وفاسد من شعب صنع ثورة 25 يناير!!
كل تلك أمور كانت تزعق عاليا بالتناقضات الشديدة لدرجة الفصام.
اعتقد انه بعد هذا الوقت آن الأوان لمن لم يتب من الشعب المصري على جريمة الوقوف مع الديكتاتور المجرم ومع الظلم أن يتوب الآن عن هذا الذنب العظيم قبل أن يلقى الله.
لا يجوز لك كمسلم وكمصري الوقوف مع القاتل ضد اخوك المسلم والمصري لمجرد اختلافك معه في الرأي والتوجه، حتى لو استخدم هذا النظام الظالم الطاغية حجة أنهم حفنة من الإرهابيين وانهم كانوا البادئين باستخدام السلاح، حتى لو آمنت بهذه الخزعبلات فهذا لا يشفع لك تأييدك للقتل والحرق لإخوتك في الشوارع، وكأننا في غابة لا محاكمات ولا قضاء، وطبعاً يتعذر وجود قضاء نزيه وشفاف في ظل رجوع الديكتاتور ونظامه الفاسد الى الحكم.
مرة أخرى باب التوبة دائما مفتوح قبل أن تقبض وتسأل أمام الله من ركونك وتأييدك للظالمين القتلة.
ثانيا: لابد للإخوان أن يتدارسوا هذه التجربة القاسية ويضعوا يدهم على أسباب الخلل والإخفاق، هناك أخطاء يمكن أن يراها من تابع المشهد من الخارج، ولكن نظرة الأخوان نظرة داخلية معمقة هي ضرورة ملحة لمعالجة هذا العطب داخل صفوف المجموعة، فمن الأمور التي يمكن أن يراها المراقب للمشهد من الخارج:
1: انصياعهم لتفاهمات المجتمع الدولي والإصرار على أن يكونوا جزء منسجم متناغم مع هذا العالم الملحد الفاجر، وهذا خطأ فادح عند الإخوان، وفكر سطحي وعمل سياسي ساذج بسيط، تعطيل الجهاد خوفا من الوصم بالإرهاب الانصياع للمصطلحات والقوانين والاتفاقيات الدولية خوفا من أن يصبحوا جماعة منبوذة جعل منهم جماعة أوضح صفاتها الميوعة والانسيابية للدرجة التي فقدوا فيها الشكل والمحدد وأضروا كثيرا بالمضمون.
2: تأخرهم في إحقاق الحق وإنفاذ القضاء العادل في حق المجرمين وما ارتكبوه في حق ثوار يناير وقبلها في حق الشعب المصري وفي حق مصر، حرص الإخوان لإماتة حق ثوار 25 يناير بحجة اللحمة الوطنية و حقن دماء المصريين وبحجة تقديم التضحيات من أجل الوطن وتحت عنوان كظم الغيظ التي هي فضيلة وليست واجب، فضيلة لا يقوى عليه إلا الصفوة من عباد الله المؤمنين، وجهل الإخوان أن ذلك ليس من حقهم، اذ أن قرارهم هذا لا يخص أبنائهم فقط بل هناك من هو خارج جماعة الإخوان وقد خسر احد من أفراد أسرته، وهؤلاء هم الأكثر، أو كان من الجرحى المتضررين من عصابات الشرطة والأمن الداخلي، اذا تنازلت عن حقك كإخواني لا يجوز لك أن تجبر أعضاء جماعتك على التنازل عن حقهم، كما لا يجوز لك ذلك على باقي أفراد الشعب كرئيس لمصر، لا يجوز أن تتنازل عن حق خالد سعيد ورفاقه الذين قضوا تحت أبشع صنوف التعذيب من قبل عصابات أمن الدولة حتى تغيرت ملامح وجوههم. ليس هذا من حقك كرئيس لمصر. وضحايا النظام السابق كثر وإحقاق حقوقهم هو الأولى.
3: عدم شفافية الرئيس مع شعبه، وعدم اعتماده بعد الله على قوة الشعب والإصرار على التعامل مع الثورة التي أوصلت الإخوان إلى الحكم وكأنها منحة من الجيش، أي منحة من القوى الدولية، هذا الفهم السقيم العقيم لهذه المرحلة السياسية المصرية الحرجة والانتقالية جعل الإخوان منصاعين لتفاهمات خبيثة ماكرة من طرف الجيش العميل للغرب والذي كان ينسق معه وينفذ خططه، لجأ الإخوان لذلك خوفا من فقدان ما حققته ثورة 25 يناير من مكتسبات، هذا جعلهم يهرولون لتفاهمات ومفاوضات مع عمر سليمان أحد زبانية جهنم مصر، أحد فراعنة مصر الحديثة، وتركوا ميدان الثورة الذي لم يسقط مبارك بعد وتركوا الثوار، هذا الإيمان المهزوز بالشعب وقدراته، وقبله هذا الضعف في التوكل على الله جعل نهايتهم وسقوطهم حتمي. وهو ما ظل عليه الرئيس المنتخب مرسي كمنهج بعد أن أصبح رئيسا، إذ كان منتخبيه يتوسلون إليه بأن يخبرهم بما يحدث في الدوائر المغلقة وأن يكون شفافا معهم ولكن دون مجيب، لنفس السبب… ضعف التوكل وضعف الإيمان بقوة الشعب.
4: لابد أن يكون الإخوان أكثر حذرا من قبول الأعضاء والمنتسبين للجماعة حتى لا يخترقوا ولا يستخدم هذا الاختراق عند أحلك الأوقات والظروف على الإخوان.
وهنا لابد من قول كلمة حق تجاه هذه الجماعة المجاهدة والتي قدمت الكثير لأمتها، هؤلاء هم ضمير الأمة ومن صفوتها، جزء ليس باليسير من كبار علماء الأمة هم من الإخوان، مساعداتهم و أعمالهم و جمعياتهم ومدارسهم ومستشفياتهم الخيرية في مصر وخارج مصر كثيرة وتشهد لهم على حرصهم على الإصلاح ما استطاعوا.
نسأله سبحانه أن يجعل هذه التضحيات التي قدموها والفترة العصيبة التي مروا ويمرون بها الآن كفارة لهم على أخطائهم الجسيمة التي ارتكبوها و أثرت على المسلمين، كل المسلمين في الأرض، بل أدعي أن أخطائهم أثرت على دين الإسلام نفسه و قوته في العالم.