- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عام على الانقلاب.. هل اقترب السودان من اتفاق لتقاسم السلطة بين العسكر والمدنيين؟
عام على الانقلاب.. هل اقترب السودان من اتفاق لتقاسم السلطة بين العسكر والمدنيين؟
- 29 أكتوبر 2022, 3:20:59 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يبدو أن الاجتماعات السياسية بين الجيش والمدنيين في السودان تقترب من التوصل إلى اتفاق على مسودة للدستور، لكن رفض مجموعات مدنية تقديم تنازلات للجيش قد يعني استمرار الاضطرابات العنيفة والتقلبات السياسية حتى لو تم التوصل إلى اتفاق.
ونزل الآلاف من السودانيين إلى الشوارع في 25 أكتوبر/تشرين الأول الذي يمثل الذكرى السنوية الأولى للانقلاب العسكري الذي نصّب الجنرال "عبد الفتاح البرهان" كرئيس انتقالي للبلاد.
وبالرغم من انقطاع الإنترنت بشكل متكرر على مستوى البلاد، أظهرت مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي المتظاهرين وهم يسيرون إلى القصر الرئاسي ويواجهون قوات الأمن.
ومنذ أن تولى الجيش السلطة، نظمت "لجان المقاومة" المدنية احتجاجات أسبوعية تطالب بالعودة إلى الحكم الديمقراطي، وطالما ردت قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع والاعتقالات والضرب والرصاص الحي.
وفي ظل الضغوط الدولية المتزايدة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الأمنية، أعلن "البرهان" في يوليو/تموز أن الجيش سوف يتخلى عن السلطة إذا وصلت المجموعات المدنية وقوى المقاومة إلى اتفاق على حكومة تكنوقراط جديدة، لكن التقدم كان بطيئا فيما لا يزال الجيش يحتفظ بالسيطرة على الحكومة.
بنود الاتفاق
تأتي الذكرى الأولى للانقلاب في الوقت الذي يقترب فيه العسكر والمدنيين من اتفاق على مسودة دستور يمكن أن يحسن آفاق السودان الاقتصادية على المدى القصير.
وتسهل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات والسعودية المحادثات بين الجيش و"قوات الدعم السريع" من جهة، و"قوى الحرية والتغيير" من جهة أخرى.
ويبدو أن الأطراف المعنية تعمل على مسودة دستور قدمتها نقابة المحامين السودانيين، وتتضمن هذه المسودة تشكيل حكومة جديدة بمشاركة جماعات المتمردين و"قوى الحرية والتغيير" وأحزاب سياسية أخرى ومجموعات احتجاجية منفصلة.
وبموجب هذا الترتيب، سيخضع جهاز أمن الدولة لإصلاحات وسيتم تعيين رئيس وزراء مدني يقود البلاد إلى انتخابات عام 2024 ويترأس مجلس الأمن والدفاع في النهاية.
وأوردت التقارير أن الجيش لا يزال يصر على بعض الضمانات للاستقلال والحصانة من الملاحقة القضائية على الجرائم التي ارتكبت منذ ثورة 2019.
وتنص المسودة أيضًا علي على دمج "قوات الدعم السريع" في الجيش النظامي، وفقًا لتقرير أصدرته وكالة "بلومبرج" في 17 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي حال إبرام هذا الترتيب، من المحتمل أن يتم فك تجميد مليارات الدولارات من المساعدات الغربية والاستثمارات الأجنبية في المشاريع الزراعية والبنية التحتية التي تم تعليقها عندما استولى "البرهان" على الحكومة في عام 2021، مما سيعطي دفعة كبيرة لاقتصاد السودان المتعثر ويخفف الأزمات المعيشية المتفاقمة.
عراقيل تهدد الاتفاق
حتى لو وصل العسكر والمدنيين إلى اتفاق، فمن غير المرجح أن تقبل "لجان المقاومة" المدنية تقديم تنازلات للجيش، ما يعني استمرار الاضطرابات العنيفة وبالتالي تهديد مسار الانتقال إلى الحكم المدني.
وعارضت "لجان المقاومة" السودانية المشاركة العسكرية في الحكم منذ ثورة 2019، لكن العنف الأخير ضد المتظاهرين المدنيين جعل بعض الأعضاء أقل استعدادًا للتجاوب مع أي من مطالب القادة العسكريين.
ومن غير المرجح أن يتخلى "البرهان" و"حميدتي" والأعضاء الآخرين في المؤسسة العسكرية والأمنية عن السلطة دون تأكيدات بأن الحكومة المدنية الجديدة لن تحاول مقاضاتهم على الجرائم المزعومة التي ارتكبت خلال عهد "البشير" وعلى مدار حكم المجلس العسكري.
ومن المرجح أن يوافق السياسيون المدنيون في "قوى الحرية والتغيير" على مثل هذه التنازلات لضمان تمكنهم من توقيع الاتفاقية، ويعني ذلك أن "لجان المقاومة" قد ترفض وحدها مشروع الدستور الذي تناقشه "قوى الحرية والتغيير" والجيش و"قوات الدعم السريع" وتواصل تنظيم الاحتجاجات التي تدافع عن العودة الكاملة إلى الحكم المدني ومحاكمة العسكرييم على الجرائم التي ارتكبوها خلال الفترة الماضية.
نتائج عكسية
على المدى القصير، من المرجح أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في مدن مثل الخرطوم وأم درمان، فضلاً عن مزيد من الفوضى في الولايات الطرفية مع تركيز قوات الأمن على السيطرة على المعارضة في المراكز الحضرية.
أما على المدى المتوسط، فإن مطالب "لجان المقاومة" باستبعاد الجيش من الحكومة القادمة قد تأتي بنتائج عكسية، لأن ذلك سيجعل قادة مثل "البرهان" و"حميدتي" مترددين في التنازل عن كل السلطة للتحالفات المدنية.
وعلى هذا النحو، من المحتمل أن توفر الاضطرابات العنيفة المستمرة ظروفًا مواتية للقادة العسكريين الانتهازيين لاستغلال التفكك السياسي المدني كمبرر للاستيلاء على السلطة في المستقبل.
وفي حين أن حدوث انقلاب آخر ما يزال غير مؤكد، فإن الانقسامات الداخلية والمنافسة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية - خاصة بين أفراد الجيش و"قوات الدعم السريع" - ستظل تهديدًا للانتخابات الحرة والنزيهة في عام 2024.