- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
عبدالرحمن كمال يكتب: الرقص على أحزان صلاح الدين!
عبدالرحمن كمال يكتب: الرقص على أحزان صلاح الدين!
- 11 سبتمبر 2024, 10:54:13 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"كيف أبتسم والأقصى أسير؟ والله إني لأستحيي من الله أن أبتسم وإخواني هناك يعذَّبون ويُقتلون"
كثيرا ما توقفت أمام الجملة المنسوبة للقائد صلاح الدين الأيوبي، متسائلا عن سر هذا "التزمت" لدى القائد، رغم أنه لم يبخل بجهده، ولم يتقاعس عن دوره، بل يجاهد في ميادين القتال من أجل تحرير المسجد الأقصى، وهو "تزمت" بمعايير ومقاييس هذا الزمان "المتساهل" في كل شيء، لا سيما عندما يتعلق بالدم والحق العربي.
كنت أسأل نفسي:
هل كان الأمر مبالغة من القائد؟ هل كان يخشى على جنوده مثلا من أن تستهويهم الضحكات فتحل محل الغضب والرغبة في الانتقام، وهما ما يتزود به الجندي في المعارك، فتتراخى همم جنده على المدى الطويل؟
هل كان القائد صلاح الدين بطبعه رجلا غير بشوش مثلا؟ أو قليل التبسم والضحك؟ فيمكن أن تعزى جملته تلك إلى طبعه؟
لم يكن في التساؤل أي تشكيك في صدق المقولة أو تلميز في نية قائلها، بقدر ما هو محاولة لفهم السبب الذي حدا به لقولها، خاصة أن الحروب والقتال على قسوتهما وجديتهما لا يمنعان التبسم والتسري، وفي بعض الأحيان يكونان بحاجة إليهما.
تذكرت تلك المقولة مع فيض المقاطع والصور التي تأتي من غزة، عن عذابات وأهوال أهلنا هناك، عن حرق وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، في ظل تآمر عربي رسمي وخذلان عربي شعبي، وبخاصة من مصر دولة وشعبا، أهل الجوار والأولى بالإجارة من غيرهم من شعوب العالم، والأقدر حتى اللحظة على وقف الإبادة إذا توفر لحكامها الإرادة الوطنية.
إذا كان صلاح الدين قال جملته، رغم أنه لم يكن في وقته هذا الفيض من الصور ومقاطع الفيديو، ولم يكن مطلعا في نفس التو واللحظة على ما يرتكبه النازيون من جرائم ومجازر بحق أهلنا في فلسطين، فمن الأولى بمقولته؟ ومن الأجدر بأن يقطع ابتساماته ويوقف حياته على نصرة غزة وأهلها وإنقاذهم من جحيم عدو نازي لا يتمنى من الدنيا شيئا إلا قتل كل العرب من المحيط إلى الخليج؟
وسألت نفسي: ماذا لو عاد صلاح الدين الآن، وشاهد أحوالنا وهواننا؟ وعاين إطلاعنا ومعرفتنا بكل قطرة دم تراق في غزة وفلسطين؟ في نفس الوقت الذي تتسابق فيه الدول والجيوش العربية على خدمة العدو المحتل بشتى الطرق، بينما تعتاد الشعوب شيئا فشيئا على اللهو والعبث بينما أهلهم يذبحون ويحرقون؟!
لو عاد صلاح الدين، كيف سيواجه تلك الكوارث المركبة؟ وكيف سيحي أمة مواتا؟ ما رد فعله على أمة يتخطى تعدادها 400 مليون عربي، وهي بدورها جزءا من أمة أكبر يتخطى تعدادها 1.5 مليار مسلم، ورغم ذلك فهي غثاء سيل تتراقص على ما كان يحزن صلاح الدين ويمنعه من التبسم!
ثم تذكرت أحمد مطر حين قال:
دعوا صلاح الدين في ترابه واحترموا سكونه
لأنه لو قام حقا بينكم فسوف تقتلونه