- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
عبدالعزيز عاشور يكتب : الأفة منع التفكير
عبدالعزيز عاشور يكتب : الأفة منع التفكير
- 22 يونيو 2021, 1:22:40 ص
- 1919
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فى العام ١٩٩٩ ولظروف عملى قررت نقل إثنين من أبنائى بالمرحلة الابتدائية بالتعليم الازهرى من القليوبية الى طور سيناء ..
وكانت الاجراءات تقضى بالحصول على موافقة منطقة التعليم الازهرى بجنوب سيناء ثم بعدها موافقة نظيرتها بالقليوببة ومن ثم استلام الملفات من القليوبية وتسليمها بجنوب سيناء ..
وبعد موافقة الجهتين وأثناء تسليم الملفات بجنوب سيناء فوجئت بالموظف المختص يخبرنى بأنه لن يتم قبول الملفات الا بعد الحصول على توقيع بالموافقة من مدير عام التعليم الابتدائى الازهرى بالقاهرة ..
سألت الموظف :
هل يملك مدير التعليم الابتدائى بالقاهرة ان يرفض بعد موافقة المحافظتين ؟
قال : لا ..
طيب ليه بقى تكلفنى المشوار للقاهرة ٤٠٠ كيلو متر رايح وزيهم راجع .. ؟!!
قال التعليمات يا استاذ ..
فين مدير المنطقة ؟
أخدنى الراجل لمدير المنطقة ..
دخلت فوجدت شيخا معمما تبدو عليه أمارات الوقار ..
بعد التحية فاجأت الرجل وأنا فى شدة الحنق قائلا :
لماذا تصرون أن تثبتوا للناس أن العمامة إذا وضعت على الرأس طلسمت على النافوخ ؟
ابتسم الرجل وطلب منى التفضل بالجلوس ..
رفضت الجلوس وطلبت إجابته ..
أقسم الرجل على بالجلوس وشرب الشاى اولا ..
وسألنى من أين أتيت بهذه العبارة ؟
قلت له اشمعنى ؟
قال : لأن العبارة صادقة وتنطبق على الواقع فعلا ..
سألته ماذا لو كان ولى الأمر إمرأة لا تملك مالا ولا صحة ولا قتا للذهاب للقاهرة والعودة بتوقيع لا لزوم له ؟
وافقنى الرجل على استنكارى ثم قرر استثناءا ان يتم التحاق الطفلين بالدراسة على ان أحصل على التوقيع المطلوب وقتما أكون بالقاهرة فى أى وقت ..
وكانت صداقة مع هذا الشيخ الإستثنائى حتى تم نقله لمحافظة أخرى ..
طبعا حين قابلت مدير التعليم الابتدائى بالازهر فيما بعد فى مقر ادارته بمدينة نصر بالقاهرة وبعد ان قام بالتوقيع سألته :
هو حضرتك تملك رفض التحويل من محافظة لأخرى ؟
فقال : لا طبعا ،
وما شأنى أنا طالما أن المنطقتين لا مانع لديهما ؟
فألقيت عليه السؤال :
لماذا تصرون أن تثبتوا للناس ان العمامة اذا وضعت على الرأس طلسمت على النافوخ ؟
وانصرفت مع أوراقى قبل أن ينالنى رد فعله ..
للأسف هذا هو سلوك معظمنا ..
وجهة الواقعة ليست نشازا عن الثقافة المجتمعية والادارية السائدة فى المجتمع والمسيطرة على السلوك والأذهان وليست نسيج وحدها ..
والآفة فى منع التفكير
منع التفكير واعتبار أقوال وأفعال كل من هم أعلى منا مكانة أو أكبرنا عمرا او أسبق منا زمنا أقوالا وأفعالا مقدسة لا يجوز الاقتراب منها أو تدبرها او مناقشتها مهما بدت لنا عبثيتنا ..
أما لو تفكرنا فلربما توصلنا الى إصلاح العديد من أحوالنا ومسالكنا وسد الثغرات التى ينفذ الفشل منها الينا ..