- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عبدالعزيز عاشور يكتب : ياما في الحبس مظاليم
عبدالعزيز عاشور يكتب : ياما في الحبس مظاليم
- 6 مايو 2021, 2:21:35 ص
- 1500
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أواخر فبراير ١٩٧٣ اكتشفوا فجأة انهم كانوا غلطانين لما جمعوا قيادات الجامعة فى معتقل واحد ( القلعة ) ..
بيشوفوا بعض ويكلموا بعض ويشدوا أزر بعض ..
قالوا خلاص نبعزقهم فى السجون كل واحد فى ناحية ..
اللى راح القناطر واللى راح طره واللى راح الحضرة ف اسكندرية ..
وحظى بقى انى روحت سجن الاستئناف بباب الخلق بالقاهرة ..
أول المصادفات الحلوة انى دخلت زنزانة فيها اثنين اول مرة اشوفهم ..
الكاتب الصحفى فؤاد قاعود وشاعر المنصورة فؤاد حجازي .. فؤادين يعنى ...
من مزايا انك تكون فى سجن عمومى مش فى معتقل زى القلعة ان السجن العمومى يخضع للائحة السجون اللى بتضمن مجموعة من الحقوق للمسجون لا يجدها فى معتقل زى القلعة لا يخضع للائحة السجون ..
( طبعا ده أيام ما كان فيه قانون وأجهزة بتحترم القانون وتقوم على تطبيقه )
كان من اهم المزايا ان الصحف اليومية بتدخل لك كل يوم ..
يعنى انت مش معزول عن العالم زى المعتقل ..
الزملاء مشكورين جابوا لى كل الجرايد اللى عندهم ..
جرايد اسبوعين فاتوا ..
قعدت أتصفح فى نهم كل الجرايد اهرام واخبار وجمهورية ..
لفت انتباهى تحقيق صحفى مصور يتصدر الصفحات الاولى على مدار عشرة ايام ..
التحقيق الصحفى يتحدث عن الكشف عن مؤامرة ..
ايه هيا المؤامرة ؟
ان احتجاجات الطلاب وتظاهراتهم عبارة عن مؤامرة يقودها من أطلق عليهم حينها مسمى مراكز القوى اللى اعتقلوا فى ١٥ مايو ١٩٧١ ( التاريخ المشترك لقيام الكيان الصهيونى وما سمى بثورة التصحيح ) ..
وبيتكلم التحقيق بالصور عن واحد من رجال التربية والتعليم بالدقهلية وهو فى ذات الوقت زوج أخت فريد عبدالكريم الذى كان يشغل أمين الاتحاد الاشتراكى بالعاصمة وأحد من تم البض عليهم واتهامهم فيما سمى بقضية مراكز القوى ..
وأن فريد عبدالكريم يقود هو ورفاقه من داخل السجن كل ما يجرى خارجه ..
وأن هناك إخبارية ان نسيب فريد عبدالكريم انتهز فرصة زيارته لشقيق زوجته فى السجن فى عيد الأضحى ليسلمه بعض المنشورات ويتلقى منه التعليمات الجديدة ..
وأن الشرطة قامت بتفتيشه أثناء الزيارة فوجدت معه منشورا تحريضيا صادرا عن طلاب جامعة الاسكندرية ..
ظللت أتابع بشغف كل ما كتب عن الرجل معجبا بجرأته رغم تقدمه فى السن ..
لمح الاستاذ فؤاد قاعود بريقا فى عينى وأنا أتابع ما نشر عن الرجل فقال لى :
تحب تشوفه ؟
اشوف مين يا استاذ ؟
تشوف الراجل اللى عينك ح تنط عليه فى الصور ..
اشوفه فين ؟
قال ماهو فى الزنزانة اللى جنبنا ..
يا بوووووى .. بجد .. ؟
ساعتها كنا فى الفسحة ..
( الفسحة دى من مزايا السجون وممنوعة فى المعتقلات الا بموافقة ) ..
الاستاذ فؤاد نادى على الرجل فجاء وسلم وجلس ..
رجل فى اواخر العقد الخامس من العمر وبدأ يحكى هو وصل هنا ازاى ؟
أنا يا ابنى مجهز حالى انى اروح ازور نسيبى الاستاذ فريد عبدالكريم ..
وطلعت تصريح الزيارة عشان ازوره يوم العيد ..
وأخته مجهزة له من كل اصناف الأكل اللى بيحبه ..
ليلة العيد انا قاعد عند حلاق القرية بتاعتنا باحلق شعرى ودقنى ..
وانا قاعد دخل عليا ابن أختى راجع من الجامعة فى اسكندرية وسلم عليا ..
ازيك يا خال ..
ازيك انت يا واد ..
ايه الدوشة اللى انتو عاملينها فى الجامعة دى ؟
قال لى معلش يا خال انا عايز الحق أمى قبل ما تنام ..
خد الورقة دى اقراها هتعرف احنا بنعمل ايه ..
اخدت الورقة حطيتها ف جيب البالطو وكملت الحلاقة وروحت ع البيت ونسيت الموضوع ..
الحلاق والبلد كلها عارفين انى رايح بكره ازور نسيبى فى السجن ..
بس المشكلة ان الحلاق كان مخبر ..
الحلاق مكدبش خبر وعايز يكسب بنط عند اللى مشغلينه ..
اتصل وبلغ انى رايح اسلم ورق ل فريد ..
واول ما دخلت الزيارة فتشونى وطلعوا الورقة اللى ما قريتهاش وكنت ناسيها أصلا ..
وقبضوا عليا زى ما انت شايف ..
بعد ما كنت معجب بالرجل بقى صعبان عليا ..
قبل الفسحة ما تخلص شفت حالة تانية تفطس م الضحك ..
دخل عليا زميل من دفعتى بتجارة عين شمس وبالأحضان ..
وكان بالنسبة لى مفاجأة ..
جدع بتاع بنات زى ما بنقول ..
كل نشاطه فى الكلية يتصاحب على البنات ..
وكان واد حليوة من القناطر الخيرية أو من بنها ..
ياااه .. ايه اللى جابك هنا يا احمد ؟
احمد ساكن فى عبده باشا بالقرب من هندسة عين شمس ..
احمد قام الصبح .. عايز يفطر ..
لبس قميص على بنطلون البيجامة وحط رجله فى الشبشب وأخد طبق الصاج ونزل يجيب فول من راجل واقف فى الميدان متعود يشترى منه ..
يا دوب وصل للراجل شاف لمة وهيصة ..
مظاهرة خارجة من هندسة عين شمس ..
عينك ما تشوف الا النور لقى نفسه بيتشال من ع الارض وبيتحط فى بوكس شرطة ..
ومن ٣ شهور وهو مرمى ف السجن ..
النكتة بقى انى انا خرجت من السجن قبله ...
تذكرت حينها المقولة الخالدة :
يا ما فى الحبس مظاليم ..