فؤاد راشد :أنواع من العشم !

profile
  • clock 6 مايو 2021, 1:16:54 ص
  • eye 915
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بين أهلنا في القري مساحات مفتوحة من العشم ..وهذا أمر جميل , أما ماليس جميلا فهو انعدام الضوابط في ذلك العشم .انعدااااااااام .

 مرات كنت أذهب لبيتنا فأجده محاطا من كل الجهات بالطوب اللبن , وأضع سيارتي علي مسافة من البيت ،

 بينما أمام البيت مئات الأمتار فضاء ملك أبي , مفروشة هي الأخري بالطوب اللبن !! انه العشم .. أسكت !!

لايعرف أهلنا في القري , أن بعض أبنائها يتمنون لو أنهم لم يغادروا الاقامة بها , وماغادروها – كحالتي – الا بسبب ذلك العشم الذي يتمدد حتي يقلب حياة بعضنا جحيما  , 

فتري الانسان يفارق قريته محملا بذخيرة من الذكريات التي تجعل فكرة العودة للاقامة بين أهله نوعا من الآحلام المستحيلة ..

يقابلك أحد الأقارب ويسألك – بعشم – عن توقعاتك لقضيته مع قريبك الآخر , فترد علي سؤاله بداعي الحرج 

, فيتولي بكل سهولة نقل وجهة نظرك الي قريبك الآخر مشفوعة باسمك وأحيانا مسحة تعطي الآخر شعورا أنك دخلت الحرب ضده ! حدث ذلك معي أكثر من مرة !

تشتعل خصومة بين بعض أقاربك , فتجدك معرضا للتقريع واللوم والادانة من الطرفين كيف لا تناصره , أي والله ... وقد حدث ذلك معي أكثر من مرة.

اشتعلت ذات يوم خصومة عنيفة بين بعض عائلات أخوال والدتي – رحمة الله عليها - في قريتهم , ولقيني طرف وقال بالنص ( دي قضيتك تتابعها حق ولاد  أخوالك  وأرضهم ) !!! 

المبكي أن الطرف الآخر فعل نفس الأمر وبنفس الحجة ( حق ولاد أخوالك وأرضهم !) ...المضحك أو قل المبكي أن الطرفين أقاربي بنفس الدرجة ..

 نعم نفس الدرجة بالنص والحرف ! ولا تسل , فيم مناصرتي لأحد ضد أحد وكلهم  أهلي ولهم في نفسي ذات المنزلة , 

ماذا يجعل كل طرف مصرا علي أني أحد جنود معركته .. عطل عقلك لأنه يرهقك دون جدوي ..وقد غضب الطرفان مني غضبا طال لسنوات !!

                         قصة عم عبد المعطي السخاوي

بطل القصة , رجل طيب ودود مسالم , من قريتي , لكنه أمضي عمره في العمل بقرية أخوال والدتي يساعدهم في أعمال الحقل , 

وهو محبوب منهم , سواء طبقة جدودي وقد عاصرت بعضهم في نهايات عمره , أو طبقة أبناء أخوال والدتي ..

كنت في زيارة عابرة لأحد  أخوالي في قريتهم , وهناك لقيني عم عبد المعطي , وعرض علي أن بعض جيران ولده ( بشلاوي ) تعقبوه بخصومة كيدية , 

وأن أحدهم أوصي ضابطا للضغط عليه للاعتراف بسرقة ماعز, والابن يتردد علي المركز كثيرا بحكم عمله خفيرا وهو معرض كلما رأه الضابط للاهانة والضغط ..

كنت وقتها مديرا لاحدي النيابات ..

تذكرت زميلي  في المدرسة الثانوية , الطيب الودود النبيل , الضابط جمال سليم , وهو يعمل في مركز شرطة أخر لكنه قطعا يستطيع أن يعالج المسألة , 

ومررت عليه , وتركت له اسم الشاب , وحكيت قصته , وطلبت منه أن يتحقق من رواية الرجل , وأن يكف ضغوط زميله عليه , ان صحت رواية عم عبد المعطي , كما رواها لي ..

بعد أسبوع لقيني عم عبد المعطي وشكرني بحرارة , ولم أعرف أية تفاصيل وقعت .. الحمد لله ..

مرت ثلاثة أشهر حين لقيني عم عبد المعطي , متجهما غاضبا يتطاير الشرر من عينيه , علي غير طبيعته

= ينفع كده ؟ أنا قلت لخالك حسيني , قال لك ؟ بشلاوي كان غفير طلبات ومرتاح في كده , يروح أحمد أبو زاهر أبو تقي الدين , لضابط ابن خالة أمه في المركز ويعينوا غفير قريبهم يبقي غفير طلبات ؟ ينفع ده؟

الخجل الشديد ,  احدي معضلات عمري , لاحقني لليوم , وحال بيني في مرات كثيرة وبين الرد المناسب ..

قلت كلمة مائعه , ماشي ياعم عبد المعطي .. ربنا يسهل ..

لأ قل لي كلام أفهمه .. هتحل الموضوع ولا لأ ..

ورددت / هشوف وأدينا مع بعض ..

لم يمر أسبوع الا وكان الرجل وولده في مكتبي في النيابة التي تقع علي بعد أكثر من مائة كيلو مترا من قريتي ..

 وبدا الرجل غاضبا جدا من تقاعسي , وراح يقول لي ( مكالمة تليفون منك تحل المشكلة , الرحمة حلوة دي أصول برضه ؟ دي أخر خدمتي لأخوالك وجدودك , مالكم جيل مقطوع منه الخير كده  ) ...

كده لا مفر .. يوم الأربعاء القادم أكون في مركز الشرطة عند جمال..

في يوم الأربعاء , تحاملت علي نفسي بشعور شديد بالكدر وأنا ذاهب للمرة الثانية لجمال .. في نفس قصة بشلاوي ...

واتصل بي جمال وقال لي ان بشلاوي متزوج من أربع سيدات وهو منصرف عن عمله ومهمل وقد حقق معه في المركز وينتظر توقيع جزاء عليه , وتكليفه بعمل أخر جزء من عقابه .. 

                كده احلوت 

جاءني عم عبد المعطي وبشلاوي أكثر من عشر مرات في بيتنا وفي بيوت أقاربي , لاحقاني , ولم تفلح معهما أية محاولة للصبر !!

شيء غريب قطعا ..

لازلت لليوم أعجب لهما , وأعجب لصبري الذي نفذ مرارا ثم حيائي المرضي الذي قمع لساني المتحفز للرد الصحيح ..

تعقدت قصة العودة للعمل خفيرا للطلبات ..ولم تحل ..

بعد شهرين , وقع شجار بين بشلاوي وبين شيخ الخفراء ..

وكما هو معتاد , أقبل عم عبد المعطي , وراح يسمعني ما يوجعني عن التقصير في نصر المظلوم !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا مرارتي ..

بدأت أنزل قريتي متخفيا مثل اللصوص .. نعم مثل اللصوص ..

لا تستفز عزيزي القاريء .. فأنا والله أستعيد القصة مستفزا من نفسي, وما كان يحول بيني وبين انهاء القصة الا ما كنت أحمله للرجل من أثر طول عمله مع أخوالي ومكانته الطيبة في نفوسهم وخشيتي من غضبهم ان كسرت خاطره 

وفق وصايا بعضهم لي ..والرجل علي الحاحه مدفوع بالعشم ووهم أني بمكالمة هاتفية أحل مشكلة الحدود بين الهند وباكستان!

ثم جاءت اللقطة الأخيرة ..

طلق بشلاوي احدي زوجاته الأربعه, وتزوج أخري من أطراف القرية . 

وما المشكلة اذن ؟

المشكلة أنه يريد أن تكون نوبة حراسته في نفس مكان زوجته الجديدة فهي في دارها وهو يتردد عليها ..

بشلاوي يريد قضاء شهر العسل مع الزوجة الجديدة وتكون الحراسة وشهر العسل معا في نفس واحد  !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!وعلي أن اضغط علي شيخ الخفراء لتكون حراسته قرب بيت زوجته الجديدة!!!!

أظن بعض أهل المدن يحمد الله علي معافاته من هذا النوع من العشم ..

كالعادة ظل الرجل يلاحقني ولكن بتسارع هذه المرة ..

........................................................

كنا في شهر مارس ..

أسافر لقريتي يوم الأربعاء ثم أعود للنيابة صباح السبت ..هكذا تعودت في ذلك الوقت ..

كانت لبعض أقاربي أرض  في طرف القرية , زرعها خضروات , منظرها بديع مبهج , توجهت الي وسط الأرض وتخفيت عن العيون تماما واستلقيت علي ظهري ورحت أنعم بالنسيم الجميل اللطيف بينما تحلق في السماء أسراب من الطيور 

 , وأتلفت حولي فلا أري الا جمالا حيث وجهت بصري .. الله . جنة تنعش الروح , هنا أنفض عن روحي أدران التحقيقات وشهود الزور والمكايدات والمخاصمات في النيابة ...

سابح أنا في ملكوت الجمال ..

فجأة سمعت صوتا , والتفت لأجد المنغصين الذين تعقباني ...ملكا عذابي في الدنيا لاحقاني في الجنة !!

نقلة مفاجئة لم تستوعبها أعصابي .. كأن تنقل أحدا من ماء دافي الي حوض من الثلج فجأة ..

فجأة تبدد خجلي ولم تبق منه ذرة واحدة ..وانسحبت طبيعتي الخجلي لتسود طبيعتي المجبولة علي الغضب من الحال المايل ..

فجأة هجم علي عقلي الف شيطان وكلهم يوسوس لي بخاطر واحد( يكونش الراجل ده مثلا لقاني جنب الجامع و رباني وكبرني وعلمني .. يانهار أغبر .. ده أبويا اللي رباني لا يجد لنفسه علي مثل هذا النوع من الحقوق ولاربع ربعها ...... عشم ايه ملعون أبو العشم ) ..

وانتفضت ..جلست متأهبا ..

خيييييييييييييييييييير ؟

أصل أنت لما ما نقلتش بشلاوي جنب مراته الجديدة ومهانش عليك مكالمة في التليفون ,  زعل ومرض, قام أما مرض ....

ورددت صارخا  / طظ في بشلاوي , ونظر الي الرجل ذاهلا ..فلم ير مني طوال عمري غير وجه هاديء حليم ..

وطظ فيك يا عبد المعطي ..

كده عبد المعطي حاف ؟

مليون طظ فيك وفيه .. همممممممممممممم وأخوالي ؟ عنيك بتقول لي طب وأخوالك .. طيب حااااااااااااااضر مليار طظ فيك وفي أخوالي كمان .. هتقطعوا عني الهواااااااااااااااااا مثلا !!.. أيوه روح قل لهم  ابن بنتكم بيقول لكم طظ فيكم وفي السواد اللي جالي منكم .

.وانصرفا  . وأنا أقول لنفسي ماكان من الأول ..

التعليقات (0)