- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عبد الجبار سلمان يكتب: كعك الحوثي: ألغام وآلام
عبد الجبار سلمان يكتب: كعك الحوثي: ألغام وآلام
- 5 مايو 2024, 1:21:43 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
وقعت اليمن على معاهدة أوتاوا لنزع الألغام في 4 ديسمبر 1997، وصدقت عليها فى الأول من سبتمبر 1998, كما بدأت فى تنفيذها فى الأول من مارس 1999، وتنص المعاهدة على تحريم وزراعة وصنع وإقتناء الألغام.
اليمن البلد الذي عانى من ظاهرة زراعة الألغام بسبب الصراعات السياسية والعسكرية المستمرة منذ القرن الماضي. وبحلول عام 2007 قد دمر اليمن جزئياً مخزون الألغام لديه، إلا أن مع عودة الصراعات بين الحكومة الشرعية والحوثيين وخصوصاً بعد الإنقلاب وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء عام 2014 عادت وزادت ظاهرة زراعة الألغام من قبل الطرفين.
يعمل الحوثيون جاهدين على توزيع وزراعة الألغام في مختلف المحافظات اليمنية سواءً في المناطق التي يسيطروا عليها أو في المناطق التي إنسحبوا منها بعد هزيمتهم وتحريرها من قبل قوات الحكومة الشرعية، معظم هذه الألغام صنعت محلياً وبمكونات قد هُّربت من إيران. يزرع الحوثيون الألغام في المناطق الحيوية التي يتردد عليها المواطنون بإستمرار ليزيدوا من آلامهم ومعاناتهم كالطرق والمدارس ومصادر المياه كالآبار والمزارع والبحار، ومن أبرز المحافظات المتضررة الضالع، الجوف،البيضاء، شبوة، تعز، مأرب، حجة، وأما نصيب الأسد كان لمحافظة الحديدة حيث أكثر من نصف حوادث وإصابات الألغام تكون فيها.
يتفنَّن الحوثيون في صناعة وتشكيل الألغام وكأنهم يصنعون "كعك العيد" حيث يقومون بإتباع أساليب مختلفة وحيل وأشكال جديدة في تَّمْوِيه الألغام كالأحجار والخرسانات والأشجار وغيرها من الأشكال المألوفة، التي لايستطيع الأطفال والنساء وعوام المواطنين التمييز بينها وبين المتفجرات، وذلك لضعف الجهود المحلية والدولية لتوعية المجتمع ضد مخاطر هذه الألغام.
تعد اليمن اليوم أكبر حقل ألغام في العالم حيث وصل عدد الألغام فيها أكثر من 2 مليون لغم، وزعت بشكل عشوائي وبدون خرائط مما يجعل محاولة نزعها مستقبلاً أمراً في غاية الصعوبة، وأصبحت حقول الموت تحصد أرواح اليمنيين دون توقف، ولو كان الحوثيون يشعرون بالإنتماء لليمن لما جعلوا اليمن أكبر حقل ألغام في العالم، حيث أن من أهم مشاريع وإنجازات الحوثيين التي يتقنونها هي صناعة الموت والإنتقام، ففي إنتشار الألغام أثر سلبي كبير على مسيرة التنمية الاقتصادية والتعليمية، وزيادة في معاناة اليمنيين ونزوحهم معرضين أنفسهم للموت والهلاك أثناء عبورهم حقول الألغام بحثاً عن بر الأمان.
وفي محاولة لإنقاذ ومساعدة الشعب اليمني أنشئ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام نهاية شهر يونيو 2018 وقد تمكنوا من تطهير مايقارب من 56 مليون متر مربع منذ إنشاء المشروع، وأيضاً قد نزعوا أكثر من 437 ألف لغم منذ إنطلاق المشروع وحتى تاريخ 12 إبريل 2024، وهذا بالإضافة الى أن مشروع مسام يقوم بالتوعية والتوصيات المستمرة للشعب اليمني من مخاطر وأشكال الأجسام الغريبة والإبتعاد عنها وخصوصاً بعد موسم السيول والأمطار، حيث تجرفها وتنقلها من الأماكن المشبوهة التي زرعت فيها إلى مكان آخر آمن. وبعد توقيع الهدنة أرتفعت حوادث الألغام إلى ثمانية أضعاف، في ظل صمت وتجاهل دولي مريب ضد هذا الإرهاب الحوثي تجاه اليمنيين.
وفي يوم 4 إبريل من كل عام وهو اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام صرحت السفارة الأمريكية في اليمن أن اليمن أكبر حقل ألغام في العالم وسوف تتطلب إزالة هذه الألغام ثمانية سنوات على أقل تقدير، فبحسب تصريحات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن فأن تكلفة تركيب لغم 3 دولار وتكلفة إزالة لغم 300 دولار لهذا نجد أن الحوثيين يزرعون الألغام بكثرة وبشكل عشوائي نظراً لقلة تكلفة زراعتها، وأيضاً صرحت الأمم المتحدة أن هناك نحو خمس ملايين معاق بسبب الألغام، حيث تواجة هذه الفئة صعوبات في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة وصعوبة الحصول أيضاً على أطراف صناعية بسبب إستهداف المرافق الصحية من قبل الحوثيين بالإضافة إلى التكلفة العالية التي ترهق كاهل المواطن المصاب.
أن الألغام تعرض حياة المدنيين للخطر وتستهدف الأبرياء دون التفريق بين طفل أو إمرأة أو شيخ طاعن في السن فهي تزرع الموت العشوائي في كل بيت يمني، وهذا بالإضافة إلى عرقلة جهود عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
يجب على المجمتع الدولي والمنظمات الدولية المعنية الوقوف بشكل حازم ضد زراعة الألغام والضغط على الحوثيين من أجل تسليم خرائط الألغام أن وجدت، وعلى أن تعمل الجهات المعنية في اليمن على تأمين المناطق المتضررة وحماية السكان وزيادة توعية المجتمع وتقديم الدعم المادي والمعنوي للمصابين وتأهيلهم وتدريبهم وإيجاد فرص عمل تتكيف وتتناسب مع وضعهم الصحي، أملاً في تجاوز آلمهم وتخفيف الأعباء المالية والنفسية والاجتماعية عنهم وإعادة دمجهم في المجتمع بشكل يليق بهم، فبهم نزرع ونرى الأمل مهما زرع الحوثيون بنا من ألم.