- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عبر فيدان وشيمشك ويلماز.. سياسة خارجية تركية بنكهة اقتصادية
عبر فيدان وشيمشك ويلماز.. سياسة خارجية تركية بنكهة اقتصادية
- 6 يونيو 2023, 9:49:09 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشير تشكيلة الحكومة التركية الجديدة، بعد إعادة انتخابات الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو/ أيار الماضي، إلى أن أنقرة ستتبنى سياسة خارجية وثيقة الصلة بمعالجة "مشاكلها الاقتصادية" وإدارة الملفات الخلافية مع الغرب، بموازاة مواصلة السعي نحو "مكانة أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية".
ما سبق رجحه غالب دالاي، وهو باحث وخبير سياسي تركي وزميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد "تشاتام هاوس" البريطاني (المعهد الملكي للشؤون الدولية)، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد".
دالاي قال إن "وزير الخارجية التركي الجديد، هاكان فيدان، هو مسؤول استخباراتي سابق قوي (المدير السابق لجهاز الاستخبارات) وأحد المهندسين الرئيسيين لنشاط تركيا الجيوسياسي، ووزير المالية الجديد محمد شيمشك هو الخبير الاقتصادي السابق في ميريل لينش (شركة خدمات تمويلية عالمية)، وكلاهما من الأسماء ذات الخبرة ويحظى باحترام كبير مع علاقات عمل وثيقة مع نظرائهم الدوليين، كما سيشغل الاسم الآخر ذو الخبرة والخلفية الاقتصادية، جودت يلماز، منصب نائب الرئيس".
واعتبر أن "تلك التعيينات تفيد بأنه سيكون هناك ارتباط وثيق بين سياسات تركيا الخارجية والاقتصادية، بينما على مدى العقد الماضي، حددت الاعتبارات الجيوسياسية والأمنية والسياسية السياسة الخارجية لتركيا".
وتابع دالاي أن "العديد من الدول في الشرق الأوسط تحاول سد الفجوة بين تطلعاتها الجيوسياسية والاحتياجات الاقتصادي، وهذا الأمر يشكل ضغطا على تركيا، إذ تشهد تراجعا اقتصاديا حادا. ولمعالجة مشاكلها الاقتصادية، من المرجح أن تشرع في العثور على الأموال والاستثمار، ويمكن للخليج وروسيا والصين تقديم الأموال دون قيود، أو الاتجاه إلى الغرب للحصول على أموال لكن بشروط".
وأضاف أنه "في تحدٍ للرواية التبسيطية المؤيدة أو المعادية للغرب، تشير هذه التعيينات أيضا إلى أنه في حين ستظل تركيا تتمحور حول نفسها وستواصل السعي وراء الاستقلال الذاتي في سياستها الخارجية والأمنية، وزيادة مكانتها في الشؤون الدولية، فإن هذا لا يعني بالضرورة معاداة الغرب، بل على العكس، تشير الحكومة الجديدة إلى محاولة إدارة الخلافات بمهارة أكبر".
توازن جيوسياسي
و"تعتبر التطورات في الشرق الأوسط بالنسبة لأنقرة نموذجا مصغرا للتغييرات الهيكلية في النظام العالمي، مما يسلط الضوء على الأهمية الإقليمية المنخفضة نسبيا لوجود الولايات المتحدة والأهمية المتزايدة للجهات الفاعلة الإقليمية"، بحسب دالاي.
وزاد بأن "دور روسيا ازداد في الأمن الإقليمي، وكذلك أهمية الصين الاقتصادية في المنطقة، وقد عملت تركيا وروسيا معا على إدارة الصراع الإقليمي في سوريا وليبيا و(إقليم) ناجورنو كاراباخ (في أذربيجان)، وحتى في البحر الأسود، وهي عملية تعليمية مهمة لأنقرة".
واعتبر أن "غزو أوكرانيا (من جانب روسيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022) كان عملية تعليمية أخرى لتركيا. مما يثير استياء الغرب، انخرطت العديد من الدول غير الغربية في عملية توازن جيوسياسي، وبينها بعض شركائه التقليديين، مثل الهند والسعودية وإسرائيل والإمارات".
وأردف دالاي أن "تركيا اتبعت سياستين مترابطتين، تحاول أن تكون موالية لأوكرانيا دون أن تصبح مناهضة لروسيا، حيث قدمت معدات دفاعية لأوكرانيا، بينها طائرات بدون طيار مسلحة، فالحرب تدور رحاها في البحر الأسود وتركيا قوة رئيسية في البحر الأسود بجانب روسيا وأوكرانيا".
وأوضح أنه "إذا غيرت موسكو ميزان القوى لصالحها، فسيشكل ذلك تهديا طويل الأمد لتركيا ويقلل من مساحة المناورة لديها في المنطقة. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالمواجهة بين روسيا والغرب، تسعى أنقرة بشكل فعال إلى تحقيق التوازن الجيوسياسي ولن تنضم إلى العقوبات الدولية (على موسكو)".
ورأى أن "هذا النهج خدم أنقرة جيدا حتى الآن وسمح لها بلعب أدوار متعددة، فهي تلعب دورا دبلوماسيا عبر التوسط في النزاع، ودورا إنسانيا بتسهيل صفقة (نقل) الحبوب مع الأمم المتحدة، ودورا جيوسياسيا من خلال التحكم في الممر من وإلى البحر الأسود عبر المضائق التركية، وفي ظل الفوائد العديدة لتدفق الأموال والسياح من روسيا إلى تركيا، فمن فمن غير المرجح أن تتغير تلك السياسة".
قضايا خلافية
في المقابل، بحسب دالاي، "من غير المرجح أن تُحل القضايا الأساسية في علاقات تركيا مع الغرب، فهناك فجوة كبيرة بين تركيا والولايات المتحدة في قراءتهما للسياسة العالمية وتصورات التهديد المرتبطة بها".
وأضاف أن "المنافسة بين القوى العظمى تشكل الإطار الحالي الشامل للسياسة الدولية، والمنافسة تعني في الوقت نفسه وجود العديد من مراكز القوة، وهو ما تعتبره تركيا فرصة رئيسية للضغط".
ورجح دالاي أن "مستقبل علاقات تركيا مع الغرب سيتشكل من خلال هذه المنافسة وطبيعة علاقات تركيا مع روسيا والصين، وسيكون الأمر حاسما إذا اشترت أنقرة أسلحة روسية مرة أخرى (إضافة إلى نظام الدفاع الجوي إس-400) وانخرطت مع الصين في مجال التقنيات الحساسة".
وتابع: "توجد قضايا رئيسية أخرى تشكل تلك العلاقة، الأولى حل محاولة السويد الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي تعارضها تركيا بسبب نهج ستوكهولم المتساهل المزعوم في التعامل مع الإرهاب"، في إشارة إلى جماعات كردية معادية لأنقرة.
وأردف أن "السويد أقرت قانونا أقوى لمكافحة الإرهاب في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي دخل حيز التنفيذ في 1 يونيو/ حزيران الجاري، ويبقى أن نرى ما إذا كان سيتم حل هذه القضية في قمة الناتو المقبلة في فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا) في يوليو/ تموز المقبل، ومن المرجح أن يتم حلها في المستقبل غير البعيد".
والقضية الخلافية الثانية هي "سلاسل التوريد العالمية، التي برزت إلى الواجهة بسبب جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا والتنافس بين القوى العظمى. وبفضل قاعدتها الإنتاجية الكبيرة، وكعضو في مجموعة العشرين والاتحاد الجمركي الأوروبي، تأمل تركيا في الاستفادة من إعادة هيكلة سلاسل التوريد قدر الإمكان"، وفقا لدالاي.
واعتبر أن "قدرة تركيا على القيام بذلك لن تعود إلى الاقتصاد فحسب، بل أيضا إلى صحة علاقاتها مع أوروبا والغرب، فإذا زاد دور تركيا في سلاسل التوريد الأوروبية، فسيؤدي ذلك إلى زيادة وجودها في النظام البيئي الاقتصادي الغربي".
وختم دالاي بأنه "من الناحية التاريخية، ساهمت الجغرافيا السياسية وتصورات التهديد المشتركة في تقريب تركيا والغرب، لكن الأزمات الجيوسياسية الأخيرة في الجوار المباشر لأوروبا فصلتهما عن بعضهما البعض. ومع فقدان بعض الصراعات الإقليمية زخمها، تضاءلت الديناميكيات التنافسية إلى حد بعيد، لكنها لا تزال بعيدة عن الحل".