تكبير الخط تصغير الخط

 تظهر معادن الشعوب والأمم في أوقات الشدة وفي ظل الأزمات، بها يتجلى بأسهم وشجاعتهم وتكافلهم وتعاضدهم، فكم من أمة جمع لها الأعداء وحشدوا قدهم وقديدهم؛ فوقفت شامخة عزيزة، وقاتلت ببطولة وشرف حتى نالت حريتها وكسرت غطرسة المحتلين؛ إن كانت حركة طالبان المسلمة أحدث نموذج، فقد سبقها العراق والجزائر وليبيا وجنوب أفريقيا وفيتنام، لقد هزمت هذه الشعوب الاحتلال شر هزيمة ونالت حريتها، لقد دفعوا جميعهم ثمناً غالياً، لكنهم نالوا الحرية وعاش أبناؤهم بشرف.

إن معركة طوفان الأقصى التي بدأها القسام يوم السابع من أكتوبر، واستطاع في بداياتها العبور إلى غلاف غزة وسحق قوات فرقة غزة والسيطرة على مواقعها وثكناتها العسكرية ومستوطناتها، ومن ثم الإيعاز لمقاتليه بتطوير الهجوم والتوجه لما بعد الغلاف؛ لهي معركة فاصلة وتاريخية وتؤسس فعلياً للتحرير وطرد الغزاة المستوطنين عن أرضنا، وقد شاهدنا وما زلنا عمق الصدمة وأثر المفاجأة التي مني بها عدونا وكل العالم الظالم.

إننا شعب ينشد الحرية منذ ما يزيد على سبعة عقود وما زال، وليس فينا بيت لم يقدم لدينه ووطنه ووقضيته شهيد أو أسير أو جريح، وما زادنا ذلك إلا إيمان بعدالة قضيتنا وتمسك بحقوقنا وفي مقدمتها الثوابت "الأسرى، القدس، العودة" وما هذه المقاومة بكل فصائلها إلا تعبير صادق عن شعبنا وتطلعاته وأحلامه.

إنه لشرف لنا سكان غزة، أن يقترن اسم مدينتنا العزيزة بالدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وحرائره ومرابطيه، في الوقت الذي يخذله فيه الكثيرون، وإنه فخر لغزة ولأهل غزة تمسكهم بالمقاومة بعدما طأطأت عواصم وخضعت قياداتها للاحتلال ورضيت بالتطبيع مع هذا الكيان المجرم المعتدي.

قد تكون ضريبة العزة والكرامة كبيرة والثمن الذي يدفع من أجل ذلك غالٍ؛ لكن التاريخ أثبت بأن هذا الثمن أقل بكثير من ضريبة الهزيمة والذل والهوان، قدرنا أن نقاتل ونثبت في أرضنا، وقدر عدونا المحتل أن لا يأمن للحظة فوق أرضنا التي هجرنا منها.

أهلنا إن النصر مع الصبر؛ وأنتم والله ضربتم أروع صور الصبر والثبات، بتكاثفكم مع مقاومتنا الباسلة التي ما زالت تقاتل بكل ثقة وثبات؛ فأبشروا فوعد الله حق وقدره غالب، النصر حليفنا وحليف أسرانا في السجون، الرحمة لشهدائنا الأبرار والشفاء لجرحانا.

وأخيراً.. هذه المعركة المشرفة والمقدسة هي معركة كل فلسطيني ينشد العودة ويحلم بها، وهي معركة كل إنسان يؤمن بقيم الحرية والعدالة، طوبى لكل من نصر غزة ورفع صوتها وصورتها فهو جزء لا يتجزأ من هذا الانتصار، والعار كل العار لمن جبن أو تآمر على مقاومة الشعب الفلسطيني، وخذل أهله وشعبه في هذه المعركة المشرفة.