- ℃ 11 تركيا
- 1 نوفمبر 2024
عكيفا الدار يكتب: هكذا هُزِمت إسرائيل في العام 1967
عكيفا الدار يكتب: هكذا هُزِمت إسرائيل في العام 1967
- 4 يونيو 2023, 4:00:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يوم الإثنين، 5 حزيران، يقوم الشعبان بإحياء يوم النكسة: سيحزن الشعب الفلسطيني على الـ 56 سنة من الإهانة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وسيسجل الشعب الإسرائيلي – اليهودي سنة أخرى من السقوط في هاوية الفصل العنصري والاستبداد والعزلة. جميل ما قاله بيروس، ملك ابيروس، حول الانتصار العسكري في حرب "الأيام الستة": "انتصار آخر كهذا ونكون انتهينا".
حوّل الإنجاز الباهر في ساحة الحرب إسرائيل الى الدولة الكولونيالية الوحيدة في العالم الغربي. ولشديد الكارثة فان الضوء الوحيد في نهاية نفق الاحتلال هو ضوء مصابيح الشاحنة التي تنقل كرفاناً آخر الى بؤرة استيطانية أقامها مشاغبو التلال.
بارك صديقي، جدعون ليفي، هذا الاسبوع، موت حل الدولتين، ووضع المجتمع الإسرائيلي أمام الاختيار بين الابرتهايد و"نكبة 2" وبين دولة ثنائية القومية ذات حقوق متساوية. بالنسبة لي هذا اختيار بين مرض السل ومرض الكوليرا. على قباحة نظام الأبرتهايد الذي تفرضه إسرائيل في "المناطق" ليست هناك حاجة الى إطالة الكلام. في المقابل، يشبه جمع اليهود والفلسطينيين تحت سيادة مشتركة فرض السلام على زوجين كبيرين في السن، منذ زواجهما لم يتوقفا عن التشاجر. بدلاً من الانفصال بالحسنى هما يحولان حياتهما الى جهنم.
لم يمت حل الدولتين. هو مخدر. زعماء إسرائيل، من اليمين المتطرف وحتى اليسار الثرثار، قاموا بادخاله الى حالة التخدير والتنويم. لحسن الحظ أن زعماء الدول العربية يرفضون فصله عن أجهزة التنفس. مؤخرا أرسلوا لإسرائيل تذكيراً بأن الشريك ما زال على قيد الحياة. ظهرت البشرى في البيان الختامي في مؤتمر القمة الذي عقد في جدة.
صادق زعماء 22 دولة هناك مجددا على التمسك بمبادرة السلام العربية من العام 2002. وأكد البيان على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة لجميع الأمة العربية، وعلى الحق في اقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية (هناك موافقة مبدئية على تبادل الأراضي). تقترح المبادرة ايضاً حلا متفقاً عليه لقضية اللاجئين. وكل ذلك في سياق انهاء النزاع والتطبيع مع إسرائيل.
نشرت هذه الرسالة التصالحية بعد بضعة ايام على "مسيرة الاعلام" المخجلة في الحي الاسلامي في القدس الشرقية، التي تمت تغطيتها بتوسع في وسائل الاعلام في العالم العربي. ولم يردع المشاركين في القمة العربية قتل الاطفال في غزة وقوانين الضم والتصريحات الاستفزازية لسياسيين كبار مثل نفي وجود الشعب الفلسطيني من قبل سموتريتش. لقد قلنا لكم بأنه لا يمكن الاعتماد على العرب. هم يرفضون أن يسمعوا كلمة "لا"، ويزعجون السياسيين لدينا بتقوية "الجهاد الإسلامي" وتمهيد طريق "حماس" الى الضفة الغربية. الهرب من البشرى الايجابية التي تنطوي عليها المبادرة العربية ذكرتني بأقوال آبا ايبان بعد قتل رابين وعودة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو الى الحكم: "دائما يقتبسون مقولتي بأن العرب لا يفوتون أي فرصة لتفويت الفرصة"، قال إيبان وأضاف: "الآن يمكن قول ذلك عنا".
هكذا، بدلا من الترحيب بالمشاركين في القمة وشكر المستضيفين السعوديين، فان رئيس الحكومة نتنياهو يفضل نشر الشائعات عن تقارب بين القدس والرياض. من ينفذ كلامه، مستشار الامن القومي تساحي هنغبي، أوضح، هذا الاسبوع، في "صوت الجيش" بأن اتفاق السلام مع السعودية يتعلق بثمن ستكون الولايات المتحدة مستعدة لدفع مقابله (الموافقة على صفقة سلاح وضوء اخضر لاقامة مفاعل نووي في السعودية). لم يقل أي كلمة عن ربط العلاقات بالدفع قدما باتفاق مع الفلسطينيين. "نحن لا علاقة لنا"، أعلن المستشار.
في مقال شامل سيتم نشره، الشهر الحالي في مجلة "الفضاء العام" (جامعة تل أبيب)، يؤكد البروفيسور دانييل بار – طل والبروفيسور اسحق شنل على أن الطموح لتوسيع الحدود كوسيلة للنجاة من الشعور بالتهديد والحصار كان مكبوتاً في الروح الصهيونية لسنوات كثيرة قبل حرب "الأيام الستة". في نشوة أواخر الحرب قال وزير الدفاع، موشيه ديان، بأن "شرم الشيخ بدون سلام افضل من سلام بدون شرم الشيخ". حرب "يوم الغفران" فتحت أعين ديان. أيد العسكري المحبوب مناحيم بيغن على طول الطريق من أجل الانسحاب من سيناء مقابل السلام مع مصر. أين يوجد الآن زعيم يؤيد الانسحاب من ارئيل مقابل السلام مع جميع الدول العربية؟ في الاراضي التي تقع خلف الخط الأخضر نبت عرق من السادة القبيحين، خيوطه وصلت الى الكنيست وانتشرت حول طاولة الحكومة. إضافة الى ذلك بدأت إسرائيل في استغلال الموارد الطبيعية وصادرتها من السكان الأصليين. مثال على ذلك هو إبعاد الفلسطينيين عن المحاجر في الضفة الغربية ونقل ملكيتها لجهات إسرائيلية. هكذا نشأت مصلحة لجهات اقتصادية في استمرار الاحتلال، ومثلما يحدث في مناطق مواجهة أخرى في العالم فان المحتل والواقع تحت الاحتلال يسجنان في دائرة العنف، لأن عنف أي طرف منهما يجر الى عنف الطرف الآخر. وطرق عمل غير ديمقراطية، تمارس في "المناطق" المحتلة تتسرب الى مناطق من قاموا بالاحتلال. إضافة الى ذلك أدى تجاهل وخرق القانون الدولي الى تشويه قوانين الدولة وملاءمتها مع أغراض الاحتلال حتى داخل الخط الأخضر.
أثبتت اتفاقات إبراهيم بأن الاحتلال لا يعتبر عقبة أمام السلام الاقليمي. ولكن رفض السعودية الانضمام لدائرة السلام مع إسرائيل يقلص بشكل واضح أهمية هذه الاتفاقات. أثبت مؤتمر القمة العربية مركزية السعودية في العالم العربي والاسلامي. اضافة الى ذلك، في السنة القادمة ستكون السعودية هي رئيسة الجامعة العربية، الامر الذي سيقوي اكثر صلاحياتها.
لا تزعج مبادرة السلام العربية (التي ترتكز بالاساس على المبادرة السعودية) طهران في التقارب مع الدولة السنية المهمة. لماذا على ايران أن تلعب دور الولد السيئ؟ منذ عشرين سنة، لم تكلف فيها حكومات إسرائيل (بما في ذلك حكومة التغيير) نفسها عناء التطرق الى خطة الزعماء العرب، ولا يوجد أي خطر بالتحديد من أن تقوم حكومة نتنياهو – بن غفير بالتطرق اليها. من المضمون لإيران أنه طالما أن إسرائيل تسيطر على ملايين العرب فان مظالم الاحتلال ستستمر، وستحتل الخطوات الانتحارية لـ "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" مكان المشروع النووي الإيراني على جدول الأعمال الدولي.
إن تفويت حل التقسيم المقترح في مبادرة السلام العربية يذكر برفض التقسيم من قبل العرب والفلسطينيين في 1947. في حينه طالب الفلسطينيون بكامل الأرض، ورفضوا الاعتراف بالدولة اليهودية. الآن إسرائيل تطالب بـ "ارض إسرائيل الكاملة" وترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
تمسك إسرائيل بـ "المناطق"، التي احتلتها في 1967، يمكن أن يكون كارثياً أكثر من النكبة. سيثبت التاريخ أن رفض العرب خطة التقسيم لم يكن عبثاً: اذا لم يتم فطام إسرائيل عن الثمل بالقوة، واستمرت في التدهور نحو منزلق المسيحانية، فان النكسة الإسرائيلية ستؤدي الى نهايتها كدولة يهودية وديمقراطية، وستضع حجر الزاوية لدولة عربية على أنقاض حلم الصهيونية.