- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
علي باكير يكتب: من هنا وهناك: هل تسبق الانتخابات التركية فضيحة مدويّة؟
علي باكير يكتب: من هنا وهناك: هل تسبق الانتخابات التركية فضيحة مدويّة؟
- 6 مايو 2023, 4:11:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من الهجوم إلى الدفاع
قبل يومين، انتهت الفترة المسموح خلالها إجراء استطلاعات للرأي للتعرّف على توجّهات الرأي العام في الانتخابات التركية. وبالرغم من أنّ الانطباع العام الناجم عن هذه الاستطلاعات كان يشير قبل عدّة أشهر إلى إمكانية تقدّم كليتشدار أوغلو على رجب طيب أردوغان، إلا أنّه سرعان ما بدأ الفارق بينهما يقلّ، حيث أشارت معظم استطلاعات الرأي مؤخرا إلى أنّ التنافس بين الجانبين سيكون محموما، فيما أشارت بعض الاستطلاعات التي نشرت في الوقت بدل الضائع، إلى أنّ أردوغان يتقدّم على منافسيه جميعا.
ففي استطلاع لـ"أسال للأبحاث"، أشارت النتائج إلى تقدّم أردوغان على أقرب منافسيه بحوالي 3 نقاط في الجولة الأولى، وحوالي 1.6 نقطة في الجولة الثانية، فيما أشار استطلاع سونار إلى تقدّم أردوغان بحوالي 4.7 نقاط في الجولة الأولى وحوالي 4 نقاط في الدولة الثانية. ربما يعود ذلك إلى التخبط الذي ظهر على تصريحات المعارضة فور بدء الدعاية الانتخابية بشكل علني، بالإضافة إلى دخول حزب الشعوب الديمقراطية الكردي المتعاطف مع حزب العمّال الكردستاني على خط الدعم العلني لكليتشدار أوغلو، حيث من المتوقع أن يؤمن هذا الدعم حوالي 9 في المئة من الأصوات له، وهي نسبة كبيرة جدا، لكن في المقابل من المتوقع أنّ يُنفّر القوميين والمحافظين والليبراليين منه، بحيث تذهب هذه الأصوات إلى أردوغان أو المرشحين الآخرين.
جزء من التموضع يعود إلى الحديث المتزايد عن إمكانية وجود تسجيلات سريّة لأطراف في المعارضة، قد يؤدي عرضها إلى حصول أضرار بالغة وجسيمة فيما يتعلق بسمعة المعارضة وتماسكها بالإضافة إلى شعبيتها. على الرغم من حديث وزير الداخلية عن وجود تسجيل، إلّا أنّ أحدا لا يعلم بالضبط مدى دقّة هذه المعلومات.
على كل حال، المتابع لتصريحات المعارضة بدأ يلمس تحوّلها من الهجوم إلى الدفاع، وهو موقف يعكس وجود مشكلة في التحالف وإن حاولت أن تضفي مظهر التماسك على نفسها. جزء من التموضع يعود إلى الحديث المتزايد عن إمكانية وجود تسجيلات سريّة لأطراف في المعارضة قد يؤدي عرضها إلى حصول أضرار بالغة وجسيمة فيما يتعلق بسمعة المعارضة وتماسكها بالإضافة إلى شعبيتها. على الرغم من حديث وزير الداخلية عن وجود تسجيل، إلّا أنّ أحدا لا يعلم بالضبط مدى دقّة هذه المعلومات.
وقد استبقت المعارضة هذا الأمر بتصريحات غربية ومتباينة، إذ اتهم كليتشدار أوغلو رئيسَ دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية بتوظيف قراصنة دوليين، والدفع لهم بعملة "البيتكوين" لصناعة فيديوهات وتسجيلات مزيّفة للإضرار بالمعارضة، مطالبا الناس بألا تصدّق ما قد يتم نشره عنه. كما قامت أطراف أخرى في المعارضة باتهام حزب العدالة والتنمية باللجوء إلى روسيا والمجر للحصول على تقنيات تزييف، فيما اتهم آخرون الحزب بشراء تكنولوجيا تزييف عميق من إيلون ماسك لاستخدامها ضدّهم! هذا الموقف يعكس تخوّفا من وجود تسجيل حقيقي، لكن يتساءل كثيرون عما إذا كان سيظهر قبل الانتخابات بعدّة أيام، وربما يغيّر من المشهد القائم بشكل كبير.
الاستعداد للهزيمة؟
خلال الأسبوع الماضي، بدأت الصورة الوردية عن توحدّ المعارضة تهتز مع اشتداد الدعاية الانتخابية لدى جمع الأطراف، بما في ذلك الأطراف المتنوعّة داخل المعارضة نفسها، حيث بدا أنّ هناك تناقضا في العديد من تصريحات أعضاء الطاولة السداسية في أمور من المفترض أن تكون محسومة بحكم التحالف القائم بينهم. من بين هذه الأمور على سبيل المثال لا الحصر؛ الشخصية التي ستتولى حقيبة الاقتصاد في حال فوز المعارضة في الانتخابات. ففي تسجيل مصوّر، قدّم كليتشدار أوغلو علي باباجان للعموم بوصفه المؤهل لتسلّم هذه الحقيبة، لكن وفي نفس اليوم تقريبا، قدّمت ميرال أكشينار، زعيمة الحزب الجيّد وصاحبة ثاني أكبر حزب معارض من الطاولة السداسية، بيلجي يلماز بوصفه المؤهل لتسلم حقيبة الاقتصاد.
على المستوى المحلي أيضا، برزت تناقضات كبيرة في معسكر المعارضة فيما يتعلق بالموقف من المتعاطفين أو الداعمين لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا في تركيا. ففي حين يشير كليتشدار أوغلو والمقرّبين منه إلى وجود صفقة تقتضي الإفراج عن هذه الفئة، يتحاشى آخرون الإشارة إلى هذا الأمر ويتهرّبون منه؛ نظرا لما له من انعكاسات سلبية على نظرة الناخبين لهم. لذلك نجد تجاهلا لهذا الموضوع من داود أوغلو وباباجان وأكشينار، في مقابل تأييد علني من قبل بعض أعضاء المجموعات المتعاطفة مع حزب العمال الكردستاني لهذا الطرح، لا سيما مع تحوّل التحالف الخفي بين حزب الشعوب الديمقراطية الكردي وكليتشدار أوغلو إلى تحالف علني الأسبوع المنصرم.
بعد أن رفعت المعارضة سقف توقّعاتها بالفوز إلى مستوى غير واقعي وزائد عن اللزوم، كتصريح كليتشدار أوغلو بأنّه سيفوز من الجولة الأولى وبنسبة 60 في المئة، بدأ أقطاب المعارضة بالتشكيك والطعن بالانتخابات بشكل مسبق، كالقول بأنّها غير حرّة وغير عادلة، لكن التصريح الأبرز كان لكليتشدار أوغلو نفسه الذي قال؛ إنّه لا يثق بالمؤسسات التي تنخرط في تنظيم الانتخابات وتشرف عليها.
نفس الأمر تكرر فيما يتعلق بسياسة تركيا الخارجية المفترضة تجاه روسيا، ففي حين يدعو كليتشدار أوغلو إلى تبني سياسة خارجية تعيد ضبط بوصلة تركيا باتجاه الغرب، أي أمريكا وأوروبا، ويعد بمعاقبة روسيا، يرى آخرون من الطاولة السداسيّة بأنّ على السياسة الخارجية التركية تجاه روسيا أن تكون معتدلة، وإن تطلب ذلك الميل باتجاه أمريكا بطبيعة الحال. هذه النماذج تؤكّد الاتجاه القائل بأنّ لا شيء حقيقيا يجمع هذه المعارضة باستثناء الرغبة بالإطاحة بأردوغان، وهو إن صح فيعني أنّ التحالف سيواجه مشاكل كبيرة إن فاز وقد ينهار بعد حين، في الوقت الذي يشير فيه بعض أنصار هذا التيار، إلى أنّ أردوغان سيبقى قويّا وإن هُزم في هذه الانتخابات، وهذا كفيل بأن يبقى التحالف متماسكا منعا لعودة محتملة لأردوغان.
المثير للاستغراب، أنّه بعد أن رفعت المعارضة سقف توقّعاتها بالفوز إلى مستوى غير واقعي وزائد عن اللزوم، كتصريح كليتشدار أوغلو بأنّه سيفوز من الجولة الأولى وبنسبة 60 في المئة، بدأ أقطاب المعارضة بالتشكيك والطعن بالانتخابات بشكل مسبق ،كالقول بأنّها غير حرّة وغير عادلة، لكن التصريح الأبرز كان لكليتشدار أوغلو نفسه الذي قال؛ إنّه لا يثق بالمؤسسات التي تنخرط في تنظيم الانتخابات وتشرف عليها وتعلن نتيجتها من بينها اللجنة العليا للانتخابات، فيما أشار آخرون إلى أنّ على أنصار المعارضة ألا يأخذوا النتيجة من أي أحد باستثناء أنفسهم! هل هذه مقدّمة لرفض الاعتراف بالهزيمة في حال الخسارة، ومن ثم جر البلاد إلى الفوضى؛ بزعم عدم الثقة بالانتخابات والمؤسسات المرتبطة بالانتخابات؟ لن نضطر إلى الانتظار كثيرا حتى نعلم.