- ℃ 11 تركيا
- 26 ديسمبر 2024
علي محمدعلي يكتب : " الفطر الأسود "
علي محمدعلي يكتب : " الفطر الأسود "
- 2 يونيو 2021, 4:56:38 م
- 967
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الفطريات هي كائنات حية "حقيقية النواة " تتبع مملكة مستقلة هي "مملكة الفطريات" وتضم ما يقرب من مليون ونصف نوع المعروف منها حوالي ١٠٠ ألف نوع فقط وقد يتكون الفطر من خلية واحدة كالخمائر ، أو أكثر من خلية كالأعفان ، ومنها مايرى بالعين مثل عيش الغراب ، لكن معظمها لا ترى إلا بالمجهر ، وهي تختلف عن الحيوان في كونها غير متحركة وعن النبات في كونها غير ذاتية التغذية حيث لا تحتوي خلاياها على صبغة الكلوروفيل والمسئولة عن عملية البناء الضوئي ، فهي تحصل على غذائها إما بالتطفل أو الترمم أو التكافل ، وهي تستطيع التأقلم في الظروف المختلفة فالمدى الحراري لنموها متسع نوعًا ما ؛ حيث يتراوح بين ٥ - ٥٥ مْ أو أكثر في بعض الأنواع ، وأيضًا منها الهوائي واللاهوائي كما تفضل الأوساط الحامضية المنخفضة وتنتظم في خيوط تعرف ب " hupha " ومجموع تلك الهيفات يسمى " ميسليوم " ، وللفطريات جدار خلوي يتركب من مادة الكيتين وتعمل كحاجز قوي بين الوسط الخارجي ومكونات الفطر الداخلية كما ويحتوي ذلك الجدار على صبغات مثل " الميلانين " والتي تحمى الفطر من الإشعاعات و بعض إنزيمات الكائنات المُحللة ، والطريقة المثلى في تكاثر الفطريات هي تكوين جراثيم لا جنسية ونادرًا ما تتكاثر عن طريق الإنشطار الثنائي اللاجنسي .
دعني أخبرك أن ليست جميع الفطريات ضارة ، فمنها ما يؤكل كعش الغراب والجبنة والخميرة ، ومنها ماهو مفيد لرفع خصوبة التربة وزيادة المحصول ، ولعل أعظم فوائدها هو صناعة بعض المضادات الحيوية مثل البنسلين .
الفطر الأسود والأبيض والأصفر هي فطريات عفنية تصيب الجيوب الأنفية أو الفم أو الدماغ أو الرئتين أو الجهاز الهضمي أو الجلد أو مناطق أخرى ، وعمومًا تغزو الخيوط الفطرية الأوعية الدموية مما يؤدي إلى تكون جلطات دموية والتي بدورها تؤدي إلى موت الأنسجة المحيطة نتيجة فقدان التروية بالدم ، تلك ببساطة آلية عمل تلك النوعية من الفطريات العفنية حينما تصيب الإنسان أو الكائن الحي عمومًا ، وقد يبدو الجلد المصاب طبيعيًا نوعًا ما وخاصة في المراحل المبكرة ، ثم يتلون بسرعة إلى اللون الأحمر وقد يتورم قبل أن يتحول للون الأسود بسبب موت الأنسجة كما أوضحنا سابقًا ، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأخرى التي تظهر تباعًا مثل صعوبة التنفس وسعال مستمر وأحيانًا الغثيان والتقيؤ والسعال الدموي وآلام شديدة في البطن ، وهذا طبيعي فنحن نتحدث عن موت أنسجة ، المشكلة الكبرى أن من طرق العلاج الأساسية بعد الحقن ب " أمفوتريسين ب " أو " إيزافوكونازول " هو ضرورة إزالة الأنسجة التالفة ( بتر ) فلو إفترضنا أنه أصاب أنسجة المخ أو العين أو الوجه عمومًا فسيؤدي هذا بالطبع إلى مشاكل جمة ومتافوتة كالعمى والتشوهات وغيرها من الكوارث إذا إستلزم الأمر إزالة العفن من المخ .
الغريب أن ثمة علاقة بين الإصابة ب كوفيد ١٩ والفطريات العفنية التي تحدثنا عنها ، هذه العلاقة خاصة بالعقاقير الكابتة أو المثبطة للمناعة التي يتعاطها المريض مثل العلاج بالستيرويدات (الكورتيزول) ، كما أن مرضى السكري أكثر تعرضًا للإصابة من غيرهم ، وقد سجلت ٤٤ حالة إصابة و ٩ وفيات في أحمد أباد بالهند في منتصف ديسمبر ٢٠٢٠ جميعهم كانوا مرضى كورونا ، كما أبلغ عن حالات أخرى في مومباي ودلهي وبدأت الحالات تنتشر في أكثر من ٩ ولايات هندية وزادت الحالات عن ٩٠٠٠ حالة في ٢٣ مايو ، مما إضطر الهند لإعلان حالة الطوارئ وإعتباره ضمن الأوبئة ، و سرعان ما بدأت تظهر حالات لها علاقة ب كوفيد ١٩ في بلاد أخرى ، لعل أبرزها " مصر " والتي أنكر المسئولين كالعادة في البداية ظهور حالات من هذا النوع وخلو البلاد من ذلك الوباء ، إلى أن أعلن عن حالات وفاة بسبب الفطر الأسود ، وهنا بدأ الإعتراف التدريجي بالمرض ، لكن ما يطمئنك أن أمراض الفطريات غير معدية وتعتبر نادرة في الظروف العادية ، ولا تنسى أن هناك فطريات أخرى تعيش بالفعل داخل جسدك وتؤدي لك وظائف وخدمات جليلة مقابل أجر ( حصولها على قليل من الغذاء ) ، وإليك بعض طرق الوقاية الصحيحة إذا ماشعرت لا قدر الله بأي أعراض ، أولًا : العلاج بالأكسجين عالي الضغط لأنه يقلل من نمو الفطريات ، ثانيًا : الإكثار من الثوم والبردقوش فالفطريات لا تحبهما كثيرًا ، ثالثًا : الإكثار من تناول الأطعمة التي تحتوي على فيتامين د والزنك ، رابعًا : تناول البكتريا الحميدة ( بروبيوتيك ) والمستخرجة من غير مصادر الألبان ، حيث تمنع هذه البكتريا من إستقرار هذه الفطريات في الجسم ، خامسًا : ضبط مستوى السكر في الجسم ومن المفيد جدًا لذلك الصوم المتقطع .
دمتم ودامت صحتكم غالية وعزيزة .