عماد عفانة: اللاجئون ومقومات الثورة

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 19 يونيو 2022, 10:56:29 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

«عجبت لمن لم يجد قوت يومه ولم يخرج شاهرا سيفه» هي مقولة مشهورة سواء نُسبت لـ«علي بن أبي طالب» أو لـ«أبو ذر الغفاري».

فقد وفر العدو لأكثر من 1.4 مليون لاجئ في قطاع غزة كل دوافع الثورة، ثورة من أجل المطالبة بالعودة إلى بيوتهم، مزارعهم، كرومهم، بساتينهم، جناتهم الغناء التي هجروا منها قبل أكثر من 74 عاماُ.

وليس ثورة من أجل زيادة حصصهم الغذائية التي توفرها لهم "أونروا" التي وصلت المؤامرة إلى افلاسها وتفكيكها، فشعبنا الفلسطيني لم يخلق ليعيش في خيمة، ولا لتحبسه جدران المخيم.

قضى الحصار الصهيوني المضروب على قطاع غزة للعام الخامس عشر على التوالي، كل فرص الحيلولة دون مزيد من تردي أوضاع اللاجئين فيه، على مختلف المستويات، خاصة الاقتصادية والاجتماعية.

فقد تسبب الاغلاق المستمر للمعابر التجارية والتضيق على إدخال البضائع والمواد الاستهلاكية إلى جانب المواد الخام، في تعزيز الحصار الصهيوني الذي يستهدف رفع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي بشكل غير مسبوق، في محاولة مكشوفة لتركيع قطاع غزة، الذي لا تتجاوز مساحته 365 كيلومتراً مربعاً، ويقطنه أكثر من 1.4 مليون، ألقت بهم يد التهجير الصهيونية ابان النكبة 1948، على حدود العودة، حيث ترحل عيونهم إلى بيوتهم التي هجروا منها عنوة كل يوم.

لم تكن نسبة البطالة في غزة تتجاوز عند بداية الحصار الصهيوني، 25 إلى 26%، فيما قفزت لتصل إلى 47.8%، وفقاً لآخر الإحصائيات المسحية الصادرة عام 2021، في وقتٍ ترتفع بين صفوف الشباب إلى 60%.

فغزة التي كانت تساهم بنسبة 40% من الناتج المحلي الفلسطيني قبل الحصار الصهيوني، لم تعد نسبة مساهمتها في الناتج المحلي بعد الحصار تتجاوز الـ 17% فقط.

ونسبة البطالة التي كانت 26% قبل الحصار الصهيوني، تجاوزت اليوم وفق آخر الإحصائيات 47%.

حيث أدى الحصار الصهيوني إلى انخفاض أعداد العاملين في الأراضي المحتلة 1948 من 70 ألفاً إلى ما لا يزيد حالياً عن 12 ألف عامل فقط.

ما رفع معدلات الفقر اتي كانت أقل من 30% قبل الحصار، لتتجاوز اليوم 60 إلى 70%.

الأمر الذي أدى إلى رفع نسبة انعدام الأمن الغذائي لتصل إلى 79%، بين صفوف السكان عموما والذين يبلغ عددهم أكثر من 2.2 مليون نسمة، أكثر من 1.4 مليون منهم من اللاجئين الذين بات تخلي الأونروا عن تقديم الخدمات التشغيلية والاغاثية لهم يأخذ منحناً تنازلياً خطيراً يؤذن بثورة جياع.

زردات الحصار المشدد على غزة أدى إلى انخفاض نسبة التصدير إلى نحو 2 إلى 3% مقارنة بما كان يتم السماح به قبل الحصار من ناحية الكميات وعدد الشاحنات، حيث يغلق الاحتلال المعابر التجارية عدا معبر كرم أبو سالم التجاري، آخر المنافذ التجارية المتبقية وجهاز التنفس التجاري الوحيد لغزة، بعدما أغلق الاحتلال ثلاثة معابر من أصل ستة تربط غزة بالعالم الخارجي، حيث  دمّر العدو أواخر شهر مارس/آذار 2011، معبر المنطار (كارني)، الذي كان يعتبر من أكبر المعابر التجارية، ومعبر الشجاعية، (ناحل عوز)، الذي أغلق في الأول من شهر إبريل/نيسان 2010، إضافة لمعبر صوفا.

غني عن القول أن التضييقات التي تفرضها السلطة في رام الله على البنوك في غزة، أدت إلى تراجع التحويلات المالية من خارج قطاع غزة إلى داخله بنسبة 90% مقارنة بالفترة التي سبقت الحصار الصهيوني، إضافة إلى التراجع الملموس في القطاعات الإنتاجية نتيجة للحروب وجولات التصعيد المختلفة.

وإلى جانب ذلك، فقد أدى استمرار فرض الاحتلال للطوق البحري على القطاع إلى حرمان الصيادين من مساحات الصيد التي نصت عليها اتفاقيات أوسلو والتي تتجاوز 22 ميلاً بحرياً، ما ألحق بالغ الأذى بقدرتهم على تأمين صيد بالقدر الكافي لتغطية نفقاتهم، فضلا عن المساهمة في سد ثغرة مهمة في الأمن الغذائي لسكان القطاع المحاصر.

الحصار الصهيوني أثر على مختلف مجالات حياة اللاجئين، ما حول قطاع غزة إلى بقعة جغرافية غير صالحة للسكن، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.

فحتى محطة توليد كهرباء الوحيدة في غزة لم تسلم من القصف بالطائرات الحربية وبالأسلحة المحرمة، ما فاقم من أزمة التيار الكهربائي، حيث وصلت ساعات التقنين في أحيان كثيرة إلى نحو 20 ساعة، ما انعكس سلباً على المشهد الاجتماعي والاقتصادي للاجئين.

كما فاقمت إقامة الاحتلال لمنطقة عازلة داخل حدود القطاع، تمثل 17% من المساحة الكلية للقطاع، ما نسبته 37% من الأراضي الزراعية، ومنع الوصول إليها، أدى إلى خفض متوسط دخل اللاجئ اليومي في القطاع إلى دولار واحد، ما أدى إلى اعتماد نحو 80% من اللاجئين على المساعدات الإغاثية التي تقدمها وكالة غوث اللاجئين "أونروا" وغيرها من المؤسسات الاغاثية المحلية والدولية.

أوضاع ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء والشتات، ليست أفضل من أوضاع اللاجئين في قطاع غزة، منا هنا بات استحضار معاني مقولة «عجبت لمن لم يجد قوت يومه ولم يخرج شاهرا سيفه» واجباً، فاللهم ثورة في وجه الاحتلال السبب الأول والأخير لما يمر به اللاجئون من أزمات وعذابات، بينما أرضنا المحتلة التي ينعم العدو بخيراتها على مرمى النظر.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)