- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب.. الأونروا واقع الأزمة وافاق الحل
عماد عفانة يكتب.. الأونروا واقع الأزمة وافاق الحل
- 7 يوليو 2022, 8:39:17 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بات معلوما لكل ذي عينين أن أسباب إصرار الفلسطينيين بمختلف مشاربهم على التمسك بوجود الأونروا، هي أسباب ذات علاقة بالبعد السياسي وبالمسؤولية الدولية عن نكبة الشعب الفلسطيني.
فالأونروا التي أنشأت في 8 ديسمبر من العام 1949 تمثل اعترافا من المجتمع الدولي بوجود واستمرار نكبة اللاجئين، وهي مسالة ذات بعد قانوني يرتبط بحق العودة، ولا يوجد بديل حتى الآن على الأقل عن الأونروا سوى بتطبيق القرارات الأممية التي تضمن حق العودة للاجئين إلى أراضيهم وبيوتهم التي هجروا منها.
ولأن الأونروا منظمة أممية ذات بعد سياسي أكثر منه اغاثي، أنشأت لتعمل على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد للأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في مناطق عملياتها الخمس الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
فانه لا يمكن إلا أن نعتبر أن الأزمة المالية المزمنة التي تمر بها الاونروا هي ازمة مفتعلة، هدفها النيل من قضية اللاجئين الفلسطينيين وصولا إلى تصفيتها بالتدريج، نظرا لكون قضية اللاجئين تمثل أساس وجذر القضية الفلسطينية، وعليه يمكن اعتبار محاولات تجفيف الموارد المالية للأونروا هو في الحقيقة تجفيف لقضية اللاجئين.
لأنه وبكل بساطة نجاح العدو في جهوده التي تهدف الى انهاء ملف الاونروا كشاهد دولي وأممي على النكبة، وعلى قضية اللاجئين الفلسطينيين، يعني تخلصه من أكثر الملفات الشائكة التي تقض مضاجعه، وتخلق في اللاوعي الجمعي لكيانه مشكلة وجوده الغير شرعي على هذه الأرض.
غني عن القول إن الأزمة المالية التي تمر بها الأونروا حاليا، ونقص التمويل المزمن، بلا شك يلحق الضرر على المدى البعيد بقضية اللاجئين، لأنها تأتي في إطار المساعي التي تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
فمع صعود الرئيس الأمريكي الأكثر جنونا دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية، تبنى السياسة الصهيونية في تصفية القضية الفلسطينية، وشطب أهم جذورها:
أولا: محاولة شطب قضية القدس عن طاولة المفاوضات عبر نقل السفارة الأمريكية إليها باعتبارها عاصمة كيان العدو.
ثانيا: محاولة شطب قضية اللاجئين عبر طرح إعادة تعريف مفهوم اللاجئ، والهجوم على الاونروا واتهامها بالفساد وتحريض الدول المانحة على وقف تمويلها، على طريق تفكيكها وتعطيل عملها وتعطيل قرار تجديد تفويضها الذي يعاد التصويت عليه كلا ثلاث سنوات، والمقرر نهاية العام الجاري.
فتطور الازمة المالية للأونروا باتجاه التفاقم أو التيسير، بات مرتبطاً بالتطورات الدولية والإقليمية، وخصوصا بهوية وسياسة ساكن البيت الأبيض.
وعليه فقد شهدنا في عهد الرئيس الأمريكي الحالي بايدن توقيع اتفاقية الإطار مع الأونروا، والتي تضع جملة من الشروط لقاء تلقي الأونروا مبلغ الـ 360 مليون دولار التي تخصصها الإدارة الأمريكية سنويا لدعم موازنتها.
ومن هنا لا يمكن أن نفصل مساعي المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني لنقل صلاحيات أونروا في ملفات معينة، بداعي العجز المالي، إلى منظمات أممية أخرى، عن الشروط الأمريكية، علما أن نقل التفويض ليس من صلاحيات المفوض العام، بل من صلاحيات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أنشأت الأونروا بموجب القرار 302.
كما لا يمكن أن ننظر ببراءة إلى توقيت اثارة موضوع رقمنة الارشيف الشفوي للاجئين، والذي يحتوي على جميع المعلومات الخاصة باللاجئين، والذين يتم أرشفة جميع المعلومات والاحتفاظ بها حاليا دون مشاركة أي من مجتمع اللاجئين، لضمان الحفاظ على هذا الارث الذي يؤكد على حق العودة، والذي يشهد العديد من المحاولات لطمسه، خاصة إذا علمنا أن العدو الصهيوني تمكن من سرقة نسخة ورقية من هذا الأرشيف الذي يعتبر الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، خلال اجتياحه للعاصمة اللبنانية بيروت في العام 1982.
في ظل ما سبق فان جميع المعنيين بقضية اللاجئين، باعتبارها أحد أهم أعمدة القضية الفلسطينية، يتلمسون آفاق الحل، والتي قد يكون من مفرداته:
- إرساء الشراكة بين جميع الأطراف الفلسطينية قوى وفصائل ومؤسسات أهلية وشعبية ونقابية ووو، لتنسيق القيام كل بواجبه تجاه الاستماع للاجئين ولمطالبهم وحقوقهم واحتياجاتهم، وحث المجتمع الدولي بكل السبل والوسائل على تلبيتها.
- تعزيز دور منظمة التحرير بعد إصلاحها، وتفعيل دور دوائر شؤون اللاجئين ووزارة الخارجية والسفراء الفلسطينيين حول العالم من اجل تعزيز الدعم الموجه للأونروا مالياً وسياسياً للمحافظة على التفويض الممنوح للأونروا حتى تطبيق حق العودة للاجئين.؟
- البحث في إمكانية وجود بدائل للحصول على تمويل للأونروا، عبر توظف التغيير الذي تشهده موازين القوى في العالم، والذي تتغير معه أولويات الدول، لناحية انهاء ارتهان موازنة الأونروا للمنح التي تقدم أغلبها أمريكا والدول الأوروبية، لصالح فتح آفاق لحصول على دعم من دول المحور الدولي الآخر الذي بدأ بالتشكل، لجهة دعم تطبيق قرار حق العودة، فضلا عن الدعم المالي للأونروا.
- العمل على رسم خطط جديدة يوظف فيها الثقل الديموغرافي لنحو عشرة ملايين لاجئ فلسطيني حول العالم، لجهة توظيف تأثيرهم على الرأي العالمي من أجل ضمان استمرار الأونروا، انطلاقا من أن استمرار وجود الأونروا هو تثبيت لقضية اللاجئين الفلسطينيين وتثبيت لحق العودة محور قضيتنا الفلسطينية، وهو في ذات الوقت ضمانة لاستمرار الامن والاستقرار في المنطقة التي تتواجد فيها مصالحهم.