- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب: منظومة القيم والأخلاق...ومنظومة المقاومة...علاقة طردية
عماد عفانة يكتب: منظومة القيم والأخلاق...ومنظومة المقاومة...علاقة طردية
- 16 يوليو 2022, 10:08:23 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من نافلة القول أنه دون المحافظة على المنظومة الأخلاقية والقيمية في المجتمع فلن نستطيع المحافظة على منظومة المقاومة بكل ما تملك من ترسانة عسكرية نفخر بها على تواضعها.
ترميم وتعويض كل ما يدمره العدو من منظومة المقاومة بعد كل جولة تصعيد، متاح وممكن رغم تكلفته المادية، لكن انهيار المنظومة القيمية والأخلاقية في المجتمع غير قابلة للترميم والتعويض فهي أشياء لا تشترى بالمال.
القيم والمبادئ والأخلاق هي أقوى الحصون التي تمنع شعبنا ومجتمعنا من الانهيار او الذوبان او القبول بمغريات السلام او الاستسلام.
لكن كل ما قد يملك أي مجتمع من ترسانات سلاح قد لا تمنعها من الخضوع والاستسلام للإملاءات والإرادة الأجنبية، كما يحدث الان في اغلب الدول العربية.
حافظ الشعب الفلسطيني المناضل على مدار 74 من النكبة على جزء كبير من منظومته القيمية والأخلاقية، وعلى تراث أجداده وآبائه النضالية المشرفة، رغم كل ما تعرضت له من استهداف، ورغم كل ما اعتراها من فترات ضعف واختراق، بفعل مخططات الاحتلال واستهدافها بسلوكيات وأخلاقيات وافدة وغريبة عن قيم وأخلاق شعبنا، سرعان ما كان يرفضها وينفيها.
علاقة وتأثر المنظومة القيمية والأخلاقية لشعبنا كانت ترتبط ارتباطا طرديا مع معايشة الاحتلال والانفتاح عليه، فكلما كان الاحتكاك والتلامس والتعايش مع مجتمع الاحتلال كبيرا وقويا، كان التأثر أيضا قويا وكبيرا، تماما كما يحدث الان في الداخل المحتل، كما في القدس والضفة المحتلة، وكما كان يحدث في غزة قبل الانتفاضة الأولى 1987.
تطور شبكات التواصل الاجتماعي وانتشارها كثقافة في ايدي أجيالنا وفي بيوتنا، يضاعف كمية خطر المساس بل واختراق منظومة شعبنا القيمية والأخلاقية، حيث لم يعد التلامس الاجتماعي والاحتكاك مع مجتمع العدو سببا وحيدا لتأثر منظومتنا الأخلاقية والقيمية سلبا، حيث باتت شبكات التواصل الاجتماعي تقوم بهذا الدور بكل خسة ونذالة.
مظاهر اختراق او انهيار منظومة أي مجتمع، يمكن لمسها من خلال السلوكيات الشاذة، أو الأخلاقيات السلوكية للناس في الشوارع والمقاهي والملاهي، او على شواطئ البحار، كما يمكن لمسها من خلال تعاطي الناس وتصرفهم في الخلافات والمشاكل الاجتماعية، أومن خلال تعاملاتهم التجارية والمالية، ويمكن معرفتها من حجم وكم الملفات المتراكمة في مراكز الشرطة او اقبية القضاء، وباتت لا تقتصر على حجم المتعاونين مع الأعداء، او حجم المتقبلين لمخططات الأعداء وعروضه للسلام والاستسلام.
لذا فان مقاومة الاحتلال لا يجب أن تقتصر على الجوانب العسكرية، وبات انسحابها على منظومة شعبنا القيمية والأخلاقية أكثر وجوبا، لأنه دون منظومة قيمية وأخلاقية راقية وملتزمة وطنيا ودينيا، فلن نستطيع تطوير او حتى حماية منظومة المقاومة.
لذا ربما بات على كل قوى المقاومة الوازنة إعادة الاعتبار لكل جوانب ومؤسسات الثقافة والتربية وطنيا ودينيا، وتمكينها وارفادها بكل الإمكانات، لتمارس دورها الطبيعي في تحصين جبهتنا الداخلية، لحماية مجتمعا وقيمنا ومنظومتنا الأخلاقية من الاستهداف والاختراق، فضلا عن حماية ظهر المقاومة.
تخصيص كل ما يمكن من إمكانات مادية وبشرية لتطوير منظومة المقاومة العسكرية واجب، لكن توفير كل ما يمكن من إمكانات مادية وبشرية لتحصين والمحافظة على منظومتنا القيمية والأخلاقية المستندة إلى ديننا وموروثات شعبنا الاخلاقية الحميدة بات أكثر وأشد وجوبا.