- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
فادي الشافعي يكتب: عدوان استكشافي: «إسرائيل» تتلمس حدودها
فادي الشافعي يكتب: عدوان استكشافي: «إسرائيل» تتلمس حدودها
- 3 مايو 2023, 4:46:43 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ذكرت وسائل إعلام عبريّة أنّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح، في أعقاب جلسة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في “إسرائيل” (الكابينت) يوم 18 أبريل/ نيسان 2023، إلى إمكانية العودة لسياسة “الاغتيالات بقطاع غزة حال تدهور الأوضاع الأمنية”، مشيرًا إلى أنّ الحكومة “الإسرائيلية” تنوي تغيير سياستها العسكرية في الضفة الغربية بعد انتهاء الأعياد في “إسرائيل” بتنفيذ “اقتحامات وهجمات كبيرة ضد معاقل المسلحين حتى لو كلف الأمر دخول غزة على خط المواجهة”.
تصريحات نتنياهو أخذت بعدًا جديًا في سياق التقدير بعدم اكتفاء “إسرائيل” بالهجوم الجوي المحدود للرد على الصواريخ التي أطلقت من لبنان في 6 نيسان/أبريل الماضي حيث شن سلاح الجو “الإسرائيلي” سلسلة غارات جوية محدودة ضد أهداف في قطاع غزة وجنوب لبنان محملًا مسؤولية صواريخ لبنان إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تتخذ من غزة مركزًا لها. فيما أظهرت المؤشرات من داخل “إسرائيل” أنّ جيش الاحتلال ما زال يسعى للانتقام وهو ما زاد احتمالية مبادرته بشن عدوان في المستقبل القريب.
ولعل المفاجأة في “إسرائيل” وتزامنها مع احتفال الإسرائيليين بعيد الفصح اليهودي الذي صادف الفترة بين 15 – 21 نيسان/أبريل الماضي، ثم بما يسمى “عيد الاستقلال” الذي صادف 25-26 نيسان/ أبريل وفق التقويم العبري؛ يفسّر، بشكل جزئي، اضطرارها إلى الرد بشكل محدود.
وأخذت المقاومة تصريحات نتنياهو بجدية أكبر في ضوء مساعي جيش الاحتلال الحثيثة لتولي زمام المبادرة في شن الهجوم؛ التي سلبته إياها مؤخراً مرتين: الأولى حين بادرت بإطلاق الصواريخ من غزة عام 2021 وخالفت بذلك تقديراته، والثانية عندما أطلقت الصواريخ من لبنان في نيسان/أبريل على نحو فاجأ القيادة في “إسرائيل”.
ألمح نتنياهو في تصريحات التي أثارت صدىً واسعًا إلى “إمكانية العودة لسياسة الاغتيالات في قطاع غزة” مقرنًا ذلك بـ”تدهور الأوضاع الأمنية” وبنية حكومته “تغيير سياستها العسكرية في الضفة الغربية” “بتنفيذ “اقتحامات وهجمات كبيرة ضد معاقل المسلحين حتى لو كلف الأمر دخول غزة على خط المواجهة”.
وتعد مدينتا نابلس وجنين شمال الضفة الغربية المحتلة معاقل المقاومين الفلسطينيين المسلحين؛ وبدأت التحريض الإسرائيلي ومطالبة الجيش بشن عملية “سور واقٍ” ثانية ضدهم منذ تصاعد نشاطهم المقاوم قبل نحو عامٍ مضى؛ إذ قفز عدد عمليات إطلاق النار في الضفة في العام 2022 إلى (848) عملية مقارنة بـ(38) عملية فقط في 2019، و (29) في 2020، و(171) في 2021؛ فأطلق جيش الاحتلال، في آذار/ مارس 2022، عملية اعتقالات واسعة، واغتيال لعناصر وكوادر المقاومة بالضفة؛ لوقف تصاعد العمليات عرفت باسم “كاسر الأمواج” إلا أنها باءت بالفشل.
منذ انقضاء جولة القتال مع غزة في 21 مايو/ آذار 2021 (“سيف القدس”) وحتى الهجوم الصاروخي من لبنان في 6 نيسان/ أبريل 2023 ظلت الأنظار تتجه إلى قطاع غزة فور ارتكاب جيش الاحتلال لأي جريمة بالضفة الغربية، وهو ما جرى أكثر؛ إلا أنّ المقاومة في غزة لم تذهب إلى تفعيل قوتها الصاروخية كاملة كما في العام 2021 بل عادت إلى سياسة “تنقيط الصواريخ” التي أضحى هدفها الرد على جرائم جيش الاحتلال في الضفة لا في غزة فحسب؛ في تثبيت، منخفض الوتيرة، لسياستها المعلنة الساعية إلى تثبيت الربط بين ساحتي المقاومة في الضفة وغزة.
سياسة الاغتيال
في هذا السياق، يعد تلميح نتنياهو بعودة سياسة الاغتيال في قطاع غزة يهدف إلى “ردع” المقاومة في غزة من الدخول إلى خط المواجهة في أي هجوم وشيك يستهدف معاقل المقاومة بالضفة؛ إذ أنّ محاولة استفراد جيش الاحتلال في ساحة الضفة يهدف إلى وضع المقاومة أمام اختبار عملي لفحص حدود ترابطها مع ساحة الضفة، وفي حال قررت التدخل لصد العدوان على الضفة من المتوقع أنّ ترد “إسرائيل” عليها بالاغتيالات، وهذا كلّه مسعى إسرائيلي لتلمّس حدود ومدى ترابط الجبهات المعلن بين المقاومة في الجبهة الشمالية مع المقاومة داخل فلسطين.
الاستفراد بساحات المقاومة كلٍ على حدة، يقوّض وقائع الترابط المعلن بين الساحات الفلسطينية منذ عام 2021م، ووقائع ترابطها مع الساحات في الجبهة الشمالية وهو يجعل العدوان “الإسرائيلي” المقبل استكشافي ومغامرة محفوفة بالمخاطر؛ ترمي إلى فحص مدى ترابط الجبهات داخل فلسطين وخارجها؛ وما يحفّز “إسرائيل” بالمغامرة هو تقاطع مصالح المنظومة الأمنية الساعية إلى تولي زمام المبادرة في الهجوم، مع حاجة نتنياهو الماسة إلى “صورة نصر” أمام خصومه في المعارضة داخل “إسرائيل” حيث يخوض معها صراعًا محتدمًا؛ وفرت لها الهجمات الأخيرة ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية مادة خصبة لاتهامه بتقويض الأمن إلى جانب اتهاماتها له بـ”تقويض القضاء”.
ساحات المقاومة
موقف المقاومة الفلسطينية من التهديد الإسرائيلي جاء واضحًا عبّرت عنه عبر أكثر من منصّة مضمونه أنّ الردّ على أيّ عدوان “إسرائيلي” سيكون منسَّقًا داخليًا بين الفصائل، وخارجيًا مع باقي ساحات المقاومة، معلنة تأهبها في غزة لاحتمالية إساءة العدو التقدير بخصوص جاهزيتها واستعداداها للذهاب نحو إلى مواجهة كبيرة. كما أكدت حتمية الرد على أي عمل أمني “إسرائيلي” أو اغتيال في أي منطقة جغرافية.