- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
فايننشال تايمز: بوتين يحصد ثمار أخطائه ويعيش على حد السكين في أسوأ كابوس
فايننشال تايمز: بوتين يحصد ثمار أخطائه ويعيش على حد السكين في أسوأ كابوس
- 26 يونيو 2023, 5:05:05 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحصد ثمار أخطاء تقديره، حتى وإن بدا أنه صمد أمام تمرد قائد فاغنر، يفغيني بريغوجين، لكنه بدا ضعيفا. وأشارت إلى أن بوتين نجا من أكثر التهديدات على سلطته في عقدين كزعيم روسي لا ينازع. إلا أن التمرد الذي قاده يفغيني بريغوجين وجماعته شبه العسكرية فاغنر، كشف عن حماقة مغامرة بوتين ضد الجارة أوكرانيا. وتؤكد الصحيفة أن الكرملين عالق في نزاع لا يمكنه الانتصار فيه، وقد ترك أثره الكبير على مستقبل البلاد الاقتصادي، وحوَّلها إلى دولة مارقة للدول الغربية وجلب المتمردين المسلحين إلى داخل حدود البلاد وكانوا على بعد ساعات من العاصمة موسكو.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن أصل التمرد يوم السبت والصفقة التي نزعت فتيل الأزمة على ما يبدو، تبدو غامضة، ولكن ليس من الصعب التوصل لنتيجة أن بوتين خرج منها ضعيفا. فقد كانت الحرب في أوكرانيا، ومنذ البداية، تمرينا في سوء التقدير والغطرسة. فقد أساءت مغامرة بوتين الإمبريالية الجديدة تقدير قدرات جيشه، وقللت من تصميم القوات الأوكرانية للدفاع عن البلد إلى جانب المجتمع الدولي الديمقراطي لمعاقبة روسيا اقتصاديا وتوفير الدعم لأوكرانيا.
وأكدت الصحيفة أن الزعيم الروسي فاقم أخطاءه من خلال نقل تعهد الحرب إلى جيش خاص يقوده سجين سابق. وعندما انفجر التوتر بين أمير الحرب البلطجي لفاغنر وجيش الدولة وقيادته الضعيفة فإنه انعكس على بوتين شخصيا. وتشير إلى أن هناك نظرية مؤامرة في روسيا تقترح أن أحداث نهاية الأسبوع كانت مسرح عبث لكي تسمح لبوتين إظهار القوة وإغراء المنافسين الطامحين للكشف عن أنفسهم. وهذا كلام بعيد عن الصحة، فقد بدا الرئيس أنه في مواجهة مع حليف سابق. وفي خطاب تلفزي غير مريح تحدث عن طعنة في الظهر وقارن بشكل مدهش ما يحدث مع انهيار إمبراطورية القيصر في عام 1917.
وتقول الصحيفة إنه تم إقناع بريغوجين بمغادرة روسيا إما عبر التهديد أو الرشوة، وتم هذا عبر تدخل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الرجل الذي لم يخف بوتين احتقاره له. ولكن تمرد بريغوجين خرق تابو بشأن تحدي حكم على طريقة رجل المافيا وخرق حجاب مناعته. وبدلا من الاعتماد على الخوف وتدمير معارضيه داخل النخبة بموسكو، فقد لعب بوتين دور الحكم بين الفصائل التي تستطيع التحكم بالأمور، وفي الوقت نفسه حصل على دعم الشعب الروسي. فالرجل الذي قدم نفسه حتى وقت قريب بأنه الزعيم القومي، زعم أن أوكرانيا مثلت تهديدا على روسيا، وذلك عندما شن بوتين حربه ضدها العام الماضي.
وبحسب الصحيفة تقول كييف إنه لا يوجد ما يشي عن تغير مسار الحرب على الجبهة لكن غياب فاغنر وأمير حربها لكي يعبئها قد يحرم القوات الروسية من قوة على الأرض. وربما قاد عدم الاستقرار إلى إضعاف عزيمة الجنود ويمنح أوكرانيا نافذة للقيام بهجوم مضاد. وترى الصحيفة أنه ربما عاد بوتين إلى الأساليب القديمة التي خدمت الاتحاد السوفييتي سابقا: زيادة القمع وخنق الإعلام المستقل وسجن المعارضين المهمين في الغولاغ الجديد. كما أن الاضطرابات هي تذكير بأنه لو أطيح ببوتين يوما ما، فسيكون على يد متشددين مصممين على مواصلة الحرب في أوكرانيا وبطريقة قاسية جدا. وفي الوقت الحالي، يبدو أن الزعيم الذي نظر إليه كمنقذ لروسيا من الفوضى التي عاشتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بات يحصد ثمار سوء تقديراته.
وبصحيفة “فايننشال تايمز” نفسها، كتب جدعون رخمان أن بوتين هو المسؤول عن أسوأ كابوس يمر عليه. وقال فيه “قبل 15 شهرا كانت قوات فلاديمير بوتين على أبواب كييف، بينما يكافح الزعيم الروسي اليوم للسيطرة على موسكو”. وبحسب الكاتب كان تمرد بريغوجين هو آخر تأكيد على خطأ الحرب التي شنها بوتين في أوكرانيا و”حتى لو انتصر بوتين في معركته ضد فاغنر، فمن الصعب الاعتقاد أنه سينجو من هذه الإهانة، مكانته وسلطته وحتى حياته في الميزان”. وبرأيه فالمفارقة التاريخية هي أن أفعال بوتين جلبت عليه الخوف الذي يخشاه: تمرد يهدد البلد وسلطته شخصيا. فقد ظل بوتين يخاف من الثورات الملونة في روسيا منذ عشرين عاما، حين بدأت على ما يبدو في أوكرانيا، في إشارة للثورة البرتقالية عام 2004، وهي انتفاضة ديمقراطية شعبية ضد الانتخابات المزورة في أوكرانيا وأدت لخوف الرئيس الروسي والذي زاد عبر السنين. وظل الرئيس الروسي ملاحقا برُهابين مرتبطين، الأول، خروج أوكرانيا بطريقة لا رجعة فيها من قبضة روسيا. أما الثاني، فهو أن ثورة ديمقراطية ناجحة في كييف قد تكون بروفة لأمر مماثل في موسكو.
وبحسب الكاتب فقد كان قراره بغزو أوكرانيا عام 2022 هو جهد لشفط الخطرين، عبر تنصيب نظام ديكتاتوري في أوكرانيا مؤيد لروسيا. ويعتقد الكاتب أنه كعميل استخباراتي سابق يؤمن بنظريات المؤامرة، فقد اقتنع بوتين بأن أصل “الثورات الملونة” سواء في أوكرانيا أو روسيا موجود في واشنطن. وكان رفضه الإيمان بأن لدى الأوكرانيين قدرة وقرار هو سبب سوء تقديره لقوة البلد وصموده أمام الغزو الروسي. وكما أساء تقدير قوة الأوكرانيين، فقد أساء بوتين المخمور بنصر الجيش الأحمر في الأربعينات من القرن الماضي، تقدير قوة روسيا العسكرية. وكان فشل الجيش الروسي سببا في دخول مجموعة فاغنر ومنح بريغوجين قاعدة قوية ومنبرا للدعاية وسمح له في النهاية بالتحول ضد الدولة الروسية. وكان شعار بوتين للروس هو أنه هو الذي أنقذ روسيا من فوضى التسعينات من القرن الماضي.
كما أساء تقدير قوة الأوكرانيين، فقد أساء بوتين المخمور بنصر الجيش الأحمر في الأربعينات من القرن الماضي، تقدير قوة روسيا العسكرية
وبحسب الكاتب فإن ما يحدث الآن هو تذكير بفشل انقلاب المتشددين العسكري ضد ميخائيل غورباتشوف عام 1991، وعندما دفع بوريس يلتسين بنشر الدبابات خارج البرلمان. وفي ذلك الوقت لعب سكان موسكو دورا في الأحداث التي تكشفت أمامهم. وسيكون رد السكان على تمرد بريغوجين مهما وهو الجزء المجهول في القصة.
وبرأي الكاتب ففي رده على تمرد بريغوجين، حاول بوتين استعادة الأيام السوداء في تاريخ روسيا، وهو إن قصد منها إظهار التصميم إلا أنها كشفت عن ضعف. وسيعطي عصيان بريغوجين أملا لمعارضي بوتين في داخل وخارج روسيا. وبالنسبة للجيش الأوكراني الذي فشل في تحقيق أهداف هجومه المضاد فما جرى هو فرصة تاريخية.
ويعتقد الكاتب أنه لو بدأت القوات الروسية تتقاتل فيما بينها وانسحبت من جبهات القتال للدفاع عن بوتين فيمكن للأوكرانيين استعادة شرق أوكرانيا. وبحسبه فعلى أليكسي نافالني وفلاديمير كارا- ميرزا المعارضين السجينين الشعور بأن هناك فرصة وقد يلعبان دورا في الأشهر المقبلة.
ويختم بالقول إنه بالنسبة لبريغوجين، فهو ليس ليبراليا، وخطابه قومي وإمبريالي، وارتبط مجموعته بالوحشية، وقد أطلق العنان لقوى لا يستطيع السيطرة عليها، كبوتين.