فراس الحمداني يكتب: على مدرجات مونديال قطر

profile
فراس الحمداني كاتب واعلامي عراقي
  • clock 4 ديسمبر 2022, 12:58:39 ص
  • eye 1028
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا انكر أنني كنت من الصحفيين المحظوظين جدا" بتغطيتي لحفل الافتتاح التاريخي والفريد من نوعه لبطولة كأس العالم 2022 على استاد البيت بمدينة الخور في دولة قطر..  لا انكر شعور الرهبة الممزوجة بالانبهار والمكللة بالفخر  .. العالم بأسره انبهر بحفل الافتتاح ذي الطابع العربي الخليجي الإسلامي المتناسب مع كل الثقافات الشرقية والغربية، وكل دول العالم ومجتمعاتها وتقاليدها المختلفة.
لكن ومنذ البداية دعوني اخبركم .. ثمة امر على المدرجات .. كنت اراقبه حتى جاء هادر الصوت ورجع صداه ليلفت كل انتباهي حين سمعت "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"... الاية القراﻧية الاي خاطبت بها قطر العالم بأسره .. 
عدت لأراقب ما على المدرجات واحاول أن أجد التفسير المناسب لما اره هناك .. ليأخذني صوت صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد ال ثاني امير دولة قطر وهو يردد بكلمته الافتتاحية للمونديال  "  من قطر من بلاد العرب نرحب بالمشاركين في كأس العالم..  لتكن أياماً ملهمة بالخير والأمل، وأهلاً وسهلاً بالعالم في دوحة الجميع " وما لبث حتى اعلن البداية .. شارة بداية كأس العالم 2022 التي تقام في قطر خلال الفترة من 20 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل بمشاركة 32 منتخباً .. لتبدأ اولى المباريات بين منتخب اصحاب الدار وضيفهم الاكوادوري.. وهنا اعترف صراحة كصحافي اني عدت لأتابع ما شدني على المدرجات وتغافلت عن صافرة الحكم ايذانا" بالبداية.. ظلت عيوني ومداركي متفاوتة الترقب المسحوب على شيء من الحيرة فتارة اراقب الملعب ومجريات المباراة وتارة اخرى اراقب المدرجات..
سجل الكابتن إنر فالينسيا قائد المنتخب الاكوادوري هدفه الاول بركلة جزاء بالدقيقة 16 ثم اعقبه بآخر في الدقيقة 31 من زمن المباراة.. لكنني حفيقة لم اكن مهتما" كثيرا" بذلك بقدر اهتمامي بما اراقبه على المدرجات ..
حتى انني لم اعر الاهتمام للحالات التحكيمية المثيرة للجدل بتوقيع وصافرة الحكم الإيطالي دانيلي أورساتو الذي ألغى الحكم هدفاً لمنتخب الإكوادور في الدقيقة الثالثة بأحتسابه تسللاً بعد الاحتكام لتقنية ( الفار). 
هنا مونديال 2022.. الأول على الإطلاق الذى يقام فى العالم العربي، والثانى الذى يقام فى قارة آسيا بعد نسخة 2002 في كوريا الجنوبية واليابان و الأول في التاريخ يقام خلال الشتاء والكثير ما يسجله التاريخ عنه.. ولكنني كنت اراقب مدرجات اولى مبارياته لأوثق ما قد ينتبه اليه غيري.. فثمة ما اجتذبني اليه أكثر من كل ما ذكر.. عناق على المدرجات..  ودموع غزيرة تنساب بين ثنايا الابتسامات المتبادلة وتضاريسها.. 
هنا كان لابد لي ان أقترب.. فأقتربت.. لاستمع لحوار المعانقين على المدرجات.. وتبين انهما ( كاوا و حيدر ) عراقيبن شملهم كرم دولة قطر بأن يحلا ضيفين كريمين ضمن الضيوف المشجعين ..
صرخ حيدر (عراقي عربي شيعي من البصرة ) مخاطبا" معانقه كاوا ( عراقي كردي سني من اربيل )  باللهجة العراقية  :  هلا هلا ضلعي ( الضلع الاقرب للقلب في اشارة الى الاعتزاز ).. فرد عليه كاوا بلغة عربية كردية وقال :  (سر جاو كاكا) حيدر والله مشتاقلك  ..   هنا كانت المفاجئة فهذا اللقاء وهذا العناق على المدرجات يحدث للمرة الاولى بعد فراق دام بمقدار ثلاثة عقود ونيف من الزمن.. 
استمر الحوار.. 
حيدر  :  أتذكر يا كاوا عندما حميتني وانقذت حياتي عندما كنا جنودا" في الجيش ابان الحرب العراقية الايرانية ؟ 
كاوا يرد  :  كيف لي ان انسى ( كاكا حيدر )  ودمك يجري في عروقي..فانا لازلت اذكر حين تربعت كتفي رصاصة غادرة فعالجتني وتبرعت لي بدمك واخذتني لبيتك واطعمتني من خبز امك وسهرت على راحتي حتى شفيت  ..  

الاثنين معا :  نعم لقد فرقتنا السنين وجمعنا المونديال

التعليقات (0)