- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
في ذكرى اتفاق الرياض.. خلافات متصاعدة بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي
في ذكرى اتفاق الرياض.. خلافات متصاعدة بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي
- 6 نوفمبر 2022, 10:58:02 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، شهدت السعودية توقيع "اتفاق الرياض" وهو اتفاق مصالحة جاء بوساطة المملكة، لتحقيق الاستقرار في جنوب اليمن، عبر إنهاء الخلاف بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، في سبيل التفرغ لمواجهة الحوثيين.
إلا أنه وبعد 3 سنوات على توقيع الاتفاق، تتصاعد الخلافات من جديد بين القوات المدعومة سعوديا، والانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات.
ففي الوقت الذي تستهدف القوات الحكومية مدعومة بالتحالف الذي تقوده السعودية وميليشياتها على الأرض، السيطرة على مدن الجنوب، يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي لاستثمار عامل الوقت لتحصيل أكثر ما يمكن من المكاسب على الأرض، مستفيدا من ضعف المجلس الرئاسي الجديد الذي لم تغادر معه الشرعية إلى حد الآن مربع التردد، الذي كان سائدا في فترة حكم الرئيس "عبدربه منصور هادي".
آخر فصول هذا التصعيد بين الجانبين، كان إعلان حساب "حراس الجمهورية" التابع لقوات "طارق صالح"، بأنه قد تقرر تسليمها مهام تأمين مطار عدن.
ويبدو أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، عاد مجدداً لمحاولة تمكين قوات "صالح" من السيطرة في عدن، بعد فشل السيطرة على قصر معاشيق، مقر إقامة رئيس المجلس الرئاسي اليمني "رشاد العليمي" وأعضاء مجلسه الذي شكلته السعودية مطلع أبريل/نيسان الماضي.
ونشر حساب "حراس الجمهورية" على الفيس بوك والذي يتبع الدائرة الإعلامية لقوات ما يسمى المقاومة المشتركة بالساحل الغربي، أن "العليمي" وجه وبإشراف من التحالف، بتسليم مهام تأمين وحماية مطار عدن لقوات "المقاومة الوطنية".
الحساب أكد أن قوات المقاومة بالساحل استلمت السبت، مهام تأمين المطار، ما يعني أن قوات "صالح" باتت اليوم داخل مدينة عدن.
وقوبلت خطوة التحالف بهدوء حذر من "الانتقالي"، إلا أن مصادر كشفت عن تحركات لمليشيا تابعة للمجلس الانتقالي، لرفض توجه التحالف إيجاد موطئ قدم لقوات "صالح" في عدن.
والسيطرة على مطار عدن يأتي ضمن ترتيبات سعودية لإخضاع المدينة لها بدأت من قصر المعاشيق، حيث استبدلت فصيل "العاصفة" بأخرى من قوات "صالح" وطردت القوات الإماراتية من هناك، وتهدف أيضا لإنهاء نفوذ "الانتقالي" على أهم المنشآت الاستراتيجية في المدينة.
ويأتي دفع "طارق صالح" بقواته إلى عدن مع بدء التحالف إجلاء الفصائل الجنوبية إلى مناطق خارج حدود الجنوب، أبرزها الضالع ويافع وكرش في لحج، إلى جانب إرسال أخرى صوب شبوة.
كما تعد التعزيزات في إطار ترتيبات لتعيين "محسوب على أرق" وزيرا للداخلية.
وحسب تقارير محلية، فإن استلام قوات "صالح" لمهام تأمين وحماية مطار عدن، جاء عقب منع الانتقالي لطائرة "العليمي" من الهبوط في المطار، ردا على احتجاز التحالف الذي تقوده السعودية لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي "عيدروس الزبيدي"، في الإمارات ومنعه من العودة إلى عدن.
ووفق تقارير يمنية، منعت السعودية بتنسيق مع الإمارات "الزبيدي" من العودة إلى اليمن منذ نهاية الشهر الماضي، بعد أن هدد بأنه سيقوم بزيارة لمحافظة حضرموت، التي يسعى الانتقالي فيها لبسط سيطرته عليها خصوصاً في منطقة الوادي والصحراء التي تتواجد فيها حقول النفط وتنتشر فيها المنطقة العسكرية الأولى التي يتهمها الانتقالي بأنها موالية لحزب الإصلاح (إخوان اليمن).
وجاء ذلك، بعد أيام من وصول قوات إماراتية تتألف من مئات الضباط والجنود، إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، على الرغم من إعلانها في يوليو/تموز 2019 الانسحاب من اليمن.
ووفق مصادر محلية، فإن جزءا من تلك القوة الإماراتية، وصلت بالفعل إلى قصر معاشيق الرئاسي، وانتشرت داخل المقر الذي يقيم فيه "العليمي"، ورئيس وأعضاء الحكومة المعترف بها.
ولفتت المصادر إلى أن القوة الإماراتية، قامت أيضا، باستلام الإشراف والحماية الأمنية للقصر الرئاسي من القوات الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، ومنها "الحواجز الأمنية".
كما دخلت القوات، عدداً من المباني السكنية التي كان يسكنها بعض المسؤولين الحكوميين في القصر، الذي يقع في منطقة حقات بمدينة كريتر، وطلبت إخلاء مبان أخرى.
ومن المرجح أن تؤدي هذه التطورات إلى زيادة الاحتقان والتصادم بين أنصار الانتقالي الجنوبي من الفصائل المسلحة، وقوات التحالف وحليفها "صالح" التي سبق وطردتها قوات الانتقالي من عدن.
أول هذه الصدامات، ظهرت على لسان القيادي بالانتقالي الجنوبي "حسن اللحجي"، الذي دعا أبناء المحافظات الجنوبية، إلى اقتحام معسكرات التحالف في البريقة، وإلقاء القبض على الضباط السعوديين سواء في المعسكر أو المتواجدين داخل المطار.
وقال "اللحجي"، في فيديو تداوله رواد التواصل الاجتماعي، إن "السعودية تسعى إلى تفجير الوضع في عدن وتسليمها على طبق من ذهب لعناصر القاعدة وداعش وللإصلاح ولقوات طارق عفاش"، متهما السعودية ببث السموم والفتنة بين أبناء عدن، وإيقاف مستحقات "الانتقالي" خلال الفترة الماضية.
كما اعترف القيادي في المجلس "سالم الشيبة"، بإحداث السعودية حالة ارتباك بصفوف قواته بعد قرارها تسليم عدن، أبرز معاقله، لخصومه بقيادة "طارق صالح".
في الوقت ذاته، صدر بيان عن اللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت العام "حرو"، توعد فيه القوات السعودية، بالسيطرة على وادي وصحراء حضرموت، والتصعيد الميداني وصلا إلى الإدارة الذاتية للمحافظة.
وقال البيان إنه تقرر "تحرير وادي وصحراء حضرموت شعبيا عندما يتم تحديد ساعة الصفر".
ودعت إلى إعادة الديزل المدعوم للمواطنين بطريقة عادلة وإشراف "الهبة الحضرمية" كجهة رقابية، متهما السلطة المحلية بتخلفها عن وعودها بتحسين الخدمات والتنمية وعيشة المواطنين.
رسميا، طالب المتحدث الرسمي باسم الإنتقالي "علي الكثيري" بإخراج القوات الحكومية من محافظتي المهرة وحضرموت، تنفيذا لاتفاق الرياض.
وقال في سلسلة تغريدات: "مع حلول الذكرى الثالثة لتوقيع اتفاق الرياض، تظل الحاجة بالغة الالحاح لاستكمال تنفيذ بنود الاتفاق وانهاء عملية المماطلة التي أدت إلى تعطيل تنفيذ جملة من بنوده ومنها نقل القوات العسكرية من وادي حضرموت ومحافظة المهرة إلى الجبهات".
ودفع الانتقالي خلال الأيام الماضية بمظاهرات حاشدة في مختلف مدن وادي وصحراء حضرموت، تطالب مجلس القيادة الرئاسي، بنقل القوات العسكرية، واستبدالها بقوات محلية.
وشدد "الكثيري"، على ضرورة استكمال تعيين محافظي ومديري أمن المحافظات وإعادة تشكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، والمجلس الاقتصادي الأعلى، فضلًا عن تنفيذ كافة إجراءات مشاورات الرياض وفي مقدمة ذلك هيكلة منظومة مؤسسات الدولة وإجراء التغييرات اللازمة في السلك الدبلوماسي
وجدد تمسك الانتقالي، بـ"ضرورة استكمال تنفيذ بنود الاتفاق وما تمخضت عنه مشاورات الرياض"، مشيرا إلى أن "الاستمرار في تعطيل ذلك سيفاقم من التوترات والأزمات التي لا يمكن لشعبنا أن يتحمل تبعاتها على نحو يضعنا أمام مسئولية وطنية وخيارات تحفظ لشعبنا حقه في العيش الكريم والانتصار لإرادته".
وحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن الانتقالي الجنوبي يدفع نحو تنفيذ مختلف تفاصيل اتفاق الرياض العسكرية والأمنية بالدرجة الأولى من أجل استعادة السيطرة على المناطق الجنوبية التي مازال البعض منها تحت نفوذ قوات ترفع لواء الشرعية، لكنها تدين بالولاء لحزب "الإصلاح" الذي يرفض تسليم مواقعه، خاصة القوة الأولى المتمركزة في وادي حضرموت، وفق ما يقتضيه اتفاق الرياض.
وتبادل الطرفان مرارا الاتهامات بشأن عرقلة تنفيذ بنود اتفاق الرياض، بما في ذلك التعثر في دمج قوات الجانبين في وزارتي الدفاع والداخلية.
ويرى مراقبون أن المجلس الذي قبل بالتوقيع على اتفاق الرياض بعد مفاوضات ونقاشات طويلة مع السعودية راعية الاتفاق، يريد أن يحصل بالسلام على ما يعتبره "حقوقا جنوبية" كان يمكن أن يضطر إلى الحرب للحصول عليها، لافتين إلى أن ما يُسهّل على المجلس تنفيذ أجندته على الأرض هو أن دخوله إلى الاتفاق لم يكن على حساب مطالبته المكشوفة باستقلال الجنوب، وأن الاتفاق أصبغ على أجندته شرعية تفاوضية وسياسية.
ويشير هؤلاء إلى أن الانتقالي الجنوبي نجح في أن يكسب ثقة دول التحالف العربي التي رعت اتفاق تقاسم السلطة وقيام المجلس الرئاسي، وهو ما سيحوله إلى طرف رئيسي في ضمان الاستقرار خاصة بعد المعارك في شبوة وأبين التي أدت إلى إضعاف خصمه المباشر حزب الإصلاح.
ويشهد اليمن صراعًا مسلحًا منذ عام 2014 بين قوات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمدعومة من تحالف تقوده السعودية.
وأسفرت الحرب وتداعياتها عن وفاة مئات الآلاف من اليمنيين، وتدمير معظم مرافق البنية التحتية.