- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
قصة كتيبة طولكرم التي تصدت لإسرائيل بقوة وعاد قائدها من الموت
قصة كتيبة طولكرم التي تصدت لإسرائيل بقوة وعاد قائدها من الموت
- 28 أبريل 2024, 10:15:31 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أصبحت كتيبة طولكرم محور حديث الفلسطينيين بعد ظهور قائدها أبو شجاع في جنازة مقاومين فلسطينيين، بعدما زعمت إسرائيل أنها اغتالته، الأمر الذي أدى لموجة من السخرية بين المدونين بشأن الكذب الذي يمارسه الاحتلال في التغطية على فشله في العمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية.
وجرى تداول مقطع فيديو مصور لمحمد سامر جابر المكنى بـ"أبو شجاع"، وهو يسير محاطاً بالمسلحين في الجنازة؛ مما أثبت أنه حي، بخلاف ما جرى تناقله عن استشهاده واحتجاز الاحتلال جثمانه مع شهداء آخرين خلال اقتحام مخيم نور بطولكرم بشمال الضفة، الذي استمر من صباح الخميس وحتى مساء السبت.
وقوبل أبو شجاع في الجنازة باحتفاء كبير، حيث تردد الهتافات له وتوالى إطلاق النار فور ظهوره. وكان الاحتلال الإسرائيلي قد قتل 14 فلسطينياً في العملية العسكرية التي امتدت لأكثر من 50 ساعة في طولكرم ومخيم نور شمس المحاذي لها خاصة، ولم تعرف هوية غالبية الشهداء إلا بعد انسحاب قواته مساء السبت، فيما قال شهود عيان إن إسرائيل دمرت مخيم نور شمس لدرجة أنه لم يعد صالحاً للعيش.
وكتيبة طولكرم هي تنظيم فلسطيني مسلح تأسس في مارس/آذار 2022، تمركز في مدينة طولكرم ومخيم نور شمس المجاور لها، ورغم أنه رسمياً يتبع لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إلا أنه يضم مقاتلين ينتمون في الأصل لكتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحماس) وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لفتح).
وأعلن عن تأسيس كتيبة طولكرم في مارس/آذار 2022 على أيدي مجموعة من شباب المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية، يتقدمهم الراحل سيف أبو لبدة والقائد الحالي محمد جابر أبو شجاع.
كيف عاد أبو شجاع من الموت؟
وأبو شجاع مولود في 1998 في مخيم نور شمس بشمال الضفة الغربية، واعتقل لأول مرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي وهو في السابعة عشرة من عمره، ومرتين بعدها ليقضي 5 سنوات في سجون الاحتلال كما اعتقل في سجون السلطة مرتين.
ولقد بدأ أبو شجاع العمل المسلح كقائد ميداني بارز لسرايا القدس، وأحد مؤسسي كتيبة طولكرم وتتهمه إسرائيل بأنه الشخص الذي هزّ الاستقرار في الضفة الغربية.
في الثامن عشر من أبريل/نيسان 2024، اقتحم الجيش الإسرائيلي مخيم نور شمس شمال طولكرم بنحو 125 آلية وطوقوا المخيم كله واعتلت القناصة المنازل ومنعوا الدخول والخارج، للقضاء على كتيبة طولكرم وخاصة قائدها أبو شجاع الذي يعد من كبار المطلوبين لدى إسرائيل، حيث تعرض للحصار لمدة 18 ساعة.
واشتبكت كتيبة طولكرم مع جنود الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر، وبعد مرور نحو 10 ساعات من الاشتباكات أعلنت إسرائيل أنها قتلت أبو شجاع، فاندلعت اشتباكات هي الأكبر في الضفة الغربية منذ عامين، ولكن تبين أنه ما زال حياً ليتحول إلى أيقونة فلسطينية جديدة.
وليست هذه العملية إلا واحدة من بين أكثر من 20 اقتحاماً تعرضت لها طولكرم ومخيم شمس في الفترة ما بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 و18 أبريل/نيسان 2024 وخلفت استشهاد 56 شخصاً، واستخدم فيها الجيش الإسرائيلي ضربات جوية في حالات نادرة على مدن الضفة الغربية. كتيبة طولكرم تتحدى الاحتلال وتطالبه بالكشف عن قتلاه
وبعد المعارك الأخيرة، أكدت كتيبة طولكرم أنّ مقاتليها بخير، متحديةً المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ورقابتها العسكرية وقيادتها بالكشف عن عدد القتلى والجرحى من الاحتلال.
وأشارت إلى أنّ عدداً من الكتائب والمجموعات الفلسطينية تمكنت من مساندة كتيبة طولكرم في تصديها للعدوان الإسرائيلي يوم الخميس.
ومساء الخميس، تحدث الإعلام الإسرائيلي عن إصابة 10 عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي (وحدة المستعربين)، 9 منهم إصابتهم خطرة، نتيجة انفجار عبوة ناسفة استهدفتهم في مخيم نور شمس، الواقع في مدينة طولكرم في الضفة الغربية.
كتيبة طولكرم تطور من أساليبها وتتصدى للاقتحامات الإسرائيلية
واشتهرت كتيبة طولكرم بالتصدي للاقتحامات التي تعرضت لها المدينة والمخيم، كما طورت أساليبها القتالية والتدريبية، وعملت على تصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات.
وتفيد تقارير بأن مقاتلي الكتيبة ظهروا في أكثر من مناسبة بكامل لباسهم العسكري وسلاحهم، ملثمين يتلون البيانات ويؤكدون على المبادئ، ويعلون الاستمرار على نهج المقاومة.
وعملت الكتيبة منذ نشأتها على مراقبة كلّ مداخل المدينة والمخيم لرصد تحركات الاحتلال تجاهها، مع زرع صفارات إنذار لتحذير المواطنين والمقاومين عند اقتحام دوريات الاحتلال. كذلك نصبت الكمائن لآليات الاحتلال المدرّعة، واشتبكت مع الجنود من مسافة صفر، ونفّذت عمليات إطلاق النار تجاه الحواجز المحيطة بها (مثل حاجز "الطيبة"، وحاجز "جبارة")، والمستوطنات المحيطة.
من ناحية ثانية، انشغلت الكتيبة في توفير الأمن ضمن طولكرم ومخيمها، وعملت على ملاحقة العملاء الذين يزرعهم الاحتلال بين الصفوف الفلسطينية. وأعلنت أنها ألقت القبض "على خلية عملاء كانت تخطط لتصفية ثلاثة مقاومين من الكتيبة وتم تسليمهم للأجهزة الأمنية في المدينة لاستكمال التحقيق".
وقُدر عدد عناصرها في سبتمبر/أيلول 2022 بحوالي 40 فرداً مجهزين.
في 2 أبريل/نيسان 2022 استشهد أبو لبدة رفقة اثنين آخرين من شباب المقاومة أثناء اشتباك مع وحدة إسرائيلية حاولت اعتقالهم في جنين، بينما أخذ جنود الاحتلال جثمانه.
وجاء في وصيته التي نشرها الاحتلال "أقدّم روحي رخيصة في سبيل الله وفي سبيل تحرير فلسطين المسلمة من دنس اليهود المعتدين"، مشيداً بأداء شهداء مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية.
وفي فبراير/شباط 2023، أعلنت "كتيبة طولكرم" عبر قناتها على "تليغرام" في بيان مصور تشكيل "مجموعات الرد السريع"، رداً على مجزرة الاحتلال الإسرائيلي بنابلس في 22 فبراير/شباط من ذلك العام التي استشهد فيها 11 فلسطينياً، وقبلها مجزرتا أريحا وجنين، وجاء ذلك بعد انضمام فصيل أسسه أمير أبو خديجة في فبراير/شباط 2023 للكتيبة، وهذا الفصيل هو الذي بات يطلق عليه "مجموعة الرد السريع"، ويحمل الفصيل شعار كتائب شهداء الأقصى، إلا أن مؤسسه ظهر في مقاطع فيديو وصور بمناسبات مختلفة وخلفه شعار كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حسب تقرير لموقع "الجزيرة.نت".
وفي 23 مارس/آذار 2023 استشهد أبو خديجة برصاصة أصابته أثناء اشتباك مع وحدات إسرائيلية خاصة حاصرت مبنى كان يتحصن فيه بقرية عزبة شوفة جنوب مدينة طولكرم.
تطوير الأساليب القتالية
وحققت كتيبة طولكرم تطوراً في التكتيك والأساليب القتالية وتدريب الأفراد وتصنيع العبوات الناسفة، وتعمل أيضاً على تطوير وحدات الرصد والدعم اللوجستي التي تعمل جنباً إلى جنب مع الوحدات القتالية.
وتعرض عناصر كتيبة طولكرم للملاحقة من طرف الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وقُتل بعضهم برصاصها إثر عمليات الملاحقة، حسبما ورد في تقرير "الجزيرة.نت".
الكتيبة تضم أعضاء من فصائل فلسطينية عدة
ويعتقد أن أعضاء الكتيبة يضمون خليطاً من أبناء حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لفتح)، حيث كان لافتاً أن شعار "كتيبة طولكرم"، يحمل شعار "كتائب شهداء الأقصى"، ما أدّى إلى التساؤل عما إذا كانت تعبّر عن توجّه "حركة فتح" حالياً.
ولكن على الرغم من أن كتيبة طولكرم تضم عناصر من فصائل فلسطينية متعددة، فإنها تصنف على أنها تابعة لمجموعة سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، التي تعتبر الخيار العسكري طريقاً وحيداً لتحرير فلسطين وإنهاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.