- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
قصيدة " الخواجة لامبو " عبد الرحمن الأبنودي
قصيدة " الخواجة لامبو " عبد الرحمن الأبنودي
- 23 مارس 2021, 3:58:33 ص
- 1483
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الضباب كان بات ليلتها ع القزاز
كانت القرية اللي مات فيها الخواجة لامبو
نايمة ع الجليد..
في الصباح
اتحركت جوه المطابخ الصحون والخدامات
وابتدا الدق ف محلات الحديد ..
والمكاكية ف حظاير الدواجن ..
لبست الاطفال في ايد الامهات في غير عناد ..
النهار ده العيد يا كاسبر
لما سمعت ندهة الديك من بعيد ..
ضحكت البنت اللي واقفة تشد في حبال الجرس جوه الكنيسة..
طالع القسيس سعيد..
وبإيدو بينفض عبايتو م الجليد
كل اسبانيا بتضحك
عيد ... وعادي .. والجديد
الخواجة لامبو .. مات
كانت القرية الي دايسه عليها اسبانيا .. ضلام من غير عيون..
فلاحين فقرا .. بلا غيط .. او كانون ..
اسبانيين بس في شهادة الميلاد ..
يندغوا الاحزان مع كاس النبيت ..
انما ..
كان فيه كمان ناس اغنيا ..
ليهم بيوت ..ليها سقوف طايلة السما..
ممتلية باللي اسبانيا فراغ منه ..
لامبو .. كان شاعر مغني
يمشى والجيتار عشيقه
يلمسو ..
يملا ليل اسبانيا بفصوص الاماني والاغاني البرتقاني ...
عم لامبو قضى عمره في الحارات والخمارات ..
كان يغني للعيال المقروضين ..
كان يغني للارامل ..
والغلابا ...
والسكارى ..
السكارى اللي يعودوا من جحيم الحر .. في المنجم
السكارى اللي المحاجر حولتهم زيها
أزمة وحجارة ..
الجيتار يعشق زحام الاسطوات ..
والاغاني بتتولد في الغلبانين والغلبانات ..
عم لامبو
قضي عمره في الحارات والخمارات ..
كان يحب الشمس ..
والناس ..
والغيطان ..
والجيتار ..
وقطته ..
أول الناس اللي تحفظ غنوته ..
كان يغني بألف صوت ...
يا قمر .. يا رغيف بعيد ...
النهارده الحد .. عيد ..
الفقير ليه مش سعيد ..
والغناي ليه مبسوطين؟
يا قمر يابو عمر لسه
العباد ع الحانة كابسة..
عاوزه تنسي ..عاوزه تنسي ...
والغناي لو يسكروا
يبقى لجل يفكروا..
يسرقوا م المسروقين ؟؟...
وجيتاره .. كان عجوز زيه تمام..
انما .. لُه في الكلام ..
لامبو ما كان لوش سكن..
الحياة في قريته مالهاش تمن..
قلب اسبانيا برونز..
قلب اسبانيا صفيح..
قلب اسبانيا عطن..
برد اسبانيا مراكب اترمت فيها القلوع..
واقفة في شطوط الزمن..
كل أطفال البلد كانت تحبه
كلهم كانوا في يوم كورس للامبو
فوق جبينه...
قريتو كانت بترمي ضل اسبانيا الغميق..
وشه كان وش البلد
تبتسم .. يضحكلها...
تزعل القرية ..اساه يصبغ خضار ورق الشجر
كان له قطة يعزها
واما كان البرد مرة يغزها ..
لامبو يضحك لما يرفعها ف ايديه .. ويهزها ..
«ايه يا قطة ؟
يعني عيطنا أهه ..
انزلي ..
اجرى ..
حلاوتك ..يلا بينا ع العمل ..
الخواجه لامبو ماشي ..
دخل الخماره .. حيوه السكارى ..
تاره بالضحكه .. وبالفزيتا تاره ..
غنى لامبو وبرد أسبانيا مزنهر مناخيره
ياغلابا ...
سيروا في الارض العريضة ....
والسعوا النسمة بطواحين الهوا ...
فيه في قلب الظلم حتة نجم بيضا ..
العمل مش حاجة ضايعة في الهوا..
برد اسبانيا استوى ...
لامبو كان نشوان وكل ما فيه مغني..
وجيتاره بين ايديه..
والعباد.. منطورة زي الفحم لاسمر حواليه
الشاويش دخل عليه..
(ايه يا اسبانيا يا بطن مافيهش عيش)
هس.. بس...
الضلام اللي في اسبانيا ظهر..
برم شنابات الشاويش
الشاويش صرخ في لامبو
لامبو خبى غنوتو اياها في عبو..
بس ما رضيش يجي جنبه
والفانوس اللي في سقف الحانة متعلق رعَش
الشاويش صرخ بقلبه
قلبه شايل كل دوسيهات الحكومة
لامبو ممنوع من اغاني الفقرا
غنى غير ده..
الحكومة مش حمارة
لامبو بص علي السكاري.
البرودة اللي في إيديهم جمدت كاس النبيت
لامبو دمَّع
الحياة .. عايزة جسارة..
والخلايق عاوزة ابطالها يكون فيها جدارة..
عايزه ابطالها في عز البرد مشحونة حرارة
الجيتارة.. واخده ع اللحن النضيف
الجيتارة..
برضو بتنام ع الرصيف
برضو بتموت زيي علشان الرغيف
بس ليل اسبانيا في الزنزانة له شكلو المخيف..
والبلاط.. والسقعة.. والعود النحيف..
لا ما غنيش للفقير .. والسجن لا..
لا أغني..
لأ ما غنيش..
بس انا راجل شريف
(ايه يا اسبانيا يا سجن في كأس نبيت...)
آه.. وآه...
لامبو من يومها وقولة آه .. غناه
قريته لمتها آه..
آه.. وآه.. والناس ترد الآهة آه..
الكفاح الحي اصبح آه..
و آه ع الكفاح لو يتقلب علي شكل آه..
والنهارد ده لامبو مات..
قتله ليل اسبانيا في الليل ع الرصيف
قلبه كان لابس خفيف
قتلته الآه..
قتلتو في الحانة شنبات الشاويش..
قتلته الدوسيهات في دواليب الحكومة..
قتله الطفل اللي مش لاقي الفطار
طلعت الناس النهار ده للكنيسة
لقوه جنب الجدار..
قطتو جنب الجيتار..
قاعدة مش شايفة النهار..
في انتظار الليل... واسبانيا.. وشنابات الشاويش
(لامبو مات..)
لامبو؟؟ يا عيني.. وتبكي الطفلتين
يمسحوا دموعهم بايد الامهات
في المناديل الجديدة
(آخرة الرحلة تموت يا لامبو على طرف الرصيف.
وانت لو جالك فقير..
كنت تشوي قلبك الطيب تحطوله في رغيف؟؟!)
قطته توطي
عشان دمعتها ما تعملش ع الاسفلت صوت
لامبو مات
توصل الناس في الشوارع..
يا سلام .. ده أنا سايبو وهو راجع
يدمعوا..
يرسموا فوق الصدور علامات صليب
والجرس يتلوى في حبال الكنيسة
كان حزين .. حزين .. حزين
قتله الحزن
يفرشو فوقه الجرايد
يركعوا الاطفال يرصوا حوالين جسمه الورود
والدموع .. غيمة على عيون الوجود
«يا حبيبي يا عم لامبو..»
روحي يا ماما الكنيسة وسيبيني قاعدة جنبه
يا حبيبي يا عم لامبو
امها تبكي وتاخذها من ايديها
مات شهيد
مات شهيد الليل في اسبانيا السجينة
مات .. وكان عاوز يعيش
غيرشي بس الظلم برَّمله شنابات الشاويش
الوداع يا عم لامبو
"الوداع يا عم لامبو "
الوداع يا قطته المرمية جنبه
"الوداع يا قطته المرمية جنبه "
الوداع
عربية الاغراب شالوه زي الهوا
الوداع .. دق الجرس فوق الكنيسة
غنت الناس غنوته
الضباب عمال يضيع
لاجل يدي فرصة للشمس اللي حتزور الربيع