قفزة سعر الفائدة على الدولار في مصر ... مكاسب ومخاطر

profile
  • clock 10 أكتوبر 2022, 10:12:55 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بدأ بنكا الأهلي المصري ومصر الذراعين الماليتين للحكومة والبنك المركزي المصري، رفع أسعار الفائدة على شهادات الإيداع بالدولار، بأكثر من الضعف، اعتباراً من أمس الأحد.

فاجأ البنكان الحكوميان الجمهور بتوجيه رسائل لعملائهما، مساء يوم السبت، موعد إجازة رسمية بالدولة والأسبوعية بقطاع البنوك، برفع البنكين الفائدة إلى 5.30% سنوياً للشهادات الدولارية، لمدة 3 سنوات، و5.15% للشهادة 5 سنوات، و5.5% لمدة 7 سنوات.
تسبب القرار في حالة من القلق الشديد، بين رجال الأعمال ورؤساء الشركات، الذين رأوا أن شح الدولار، لدى البنوك يدفع الحكومة إلى اتخاذ أية تدابير لجذب الودائع الدولارية، بما سيرفع تكلفة التشغيل والإنتاج، ويحد من قدرة المستثمرين على تنفيذ المشروعات المتعاقد عليها، وبخاصة التي تعتمد على شراء مستلزمات من الخارج.

فاجأ البنكان الحكوميان الجمهوربرفع سعر الفائدة إلى 5.30% سنوياً للشهادات الدولارية البالغ مدتها 3 سنوات

تباينت آراء الاقتصاديين حول أهمية القرار، حيث يرى خبراء أنه وسيلة جيدة لدفع الدولارات المخزنة بالمنازل إلى أوعية الادخار الرسمية، بما يساهم في تجميع رؤوس أموال متناثرة، وضخها في اقتصاد يعاني من ندرة العملة الصعبة، ويهدد الحكومة بعدم قدرتها على سداد الديون المطلوب سدادها للأجانب بصفة عاجلة خلال الأسابيع المقبلة.

على النقيض من ذلك، توقع المحلل المالي وائل النحاس أن يكون الإقبال ضعيفاً من قبل الجمهور على شراء شهادات الادخار التي طرحها البنكان، مؤكداً أنهما أخطآ في التقدير لقيمة الفائدة والتوقيت الزمني والظروف الدولية السائدة في الأسواق الدولية.
وصف النحاس في حديثه لـ "العربي الجديد" قرار رفع العائد على شهادات الادخار بالدولار، بأنه متعجل ويحتاج إلى إعادة دراسته مرة أخرى، مؤكداً أن العائد سيصبح غير مجز بالنسبة لحاملي الشهادات على المدى القريب، في وقت يتجه فيه البنك الفيدرالي الأميركي إلى رفع معدلات الفائدة، في اجتماعه القادم، بنحو 100 نقطة، مع استمراره في التشدد النقدي ورفع الفائدة مرة أخرى في الربع الأول من العام المقبل لتتجاوز 5.25%.
أوضح النحاس أن ربط البنكين زيادة الفائدة، لمدد تتراوح ما بين 3 إلى 7 سنوات، يعني أن حامل الدولار سيبيعه لهما بدولار آجل دون أن تكون الفائدة مجزية له، في ظل ارتفاع معدلات الفائدة في العالم، منوهاً بضرورة أن تكون تلك الفائدة مناسبة والتقدير مناسباً أيضاً.

توقع المحلل المالي وائل النحاس أن يكون الإقبال ضعيفاً من قبل الجمهور على شراء شهادات الادخار التي طرحها البنكان

ويرى أن البنوك الأخرى، لن تتسرع تجاه رفع الفائدة وفقاً لهذه المعدلات، لحين صدور قرار الفيدرالي الأميركي، مشيراً إلى أن تقديرات البنكين مبنية بهذه الطريقة، على توقعات باستمرار تراجع الجنيه المصري، للسنوات الخمس المقبلة، بما يتطلب مراعاة حقوق المودعين، الذين سيفقدون نسبة عالية من قيمة ودائعهم، في حالة تراجع الجنيه، مقابل الدولار.

وفي مقابل ذلك، يرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن رفع الفائدة على الودائع الدولارية، أحد الأمور الجيدة للتغلب على ما يعانيه الاقتصاد المصري من شح العملات الأجنبية. وقال في تصريحات لــ "العربي الجديد" إن عودة إصدار شهادات الاستثمار بالدولار، في ظل تراجع الجنيه، وحاجة البنوك الملحة للحصول على الدولار، أمر حدث من قبل عام 2016، عندما قرر البنك المركزي تعويم الجنيه.

وففقد الجنيه المصري نحو 60% من قيمته، عقب قرار التعويم بشهرين، مقابل الدولار والعملات الصعبة، بينما تراجع بنسبة 25%، منذ مارس/آذار 2022، متأثراً بتراجع الاحتياطي النقدي، وزيادة الديون الأجنبية، وعدم قدرة الحكومة على طرح سندات في الأسواق الدولية، أو الحصول على قروض رخيصة، كما فعلت، على مدى 8 سنوات.

وقال الخبير الاقتصادي إن البنوك طرحت عام 2016 شهادات استثمار دولارية بفائدة بلغت 4.25% إلى 5.50%، وكان العائد يختلف باختلاف المدة، التي تراوحت ما بين 3 سنوات و5 سنوات و7 سنوات، واستفاد منها البنك المركزي، بينما كان سعر الفائدة العالمي على الدولار أقل من 1%.
وشرح عبد النبي أن إصدار الجهاز المصري هذه الشهادات بأسعار فائدة تتناسب مع أسعار الفائدة العالمية، تستهدف استقطاب الأموال الموجودة لدى الأفراد، معتقداً أن هذه العوائد قد تغري كثيراً من المصريين الذين يكتنزون الدولارات، بشراء هذه الشهادات.

عبد النبي عبد المطلب: العوائد المرتفعة قد تغري كثيراً من المصريين الذين يكتنزون الدولارات، بشراء الشهادات الدولارية

وأضاف أن شراء الشهادات سيحقق الهدف المزدوج، للطرفين حيث تحفظ الشهادات لحائزي الدولارات توظيفه كمخزن للقيمة، وتضمن لهم الحصول على عائد، وعند الحاجة يستردون قيمة الشهادات، في أي وقت بعد مضي 6 أشهر على شرائها، أو الاقتراض بضمانها، بما يحقق للاقتصاد المصري جزءاً مهماً يستهدف زيادة الحصيلة الدولارية، ويوفر للاقتصاد جزءاً من التمويل الأجنبي.
في مقابل رؤية النحاس، يتوقع عبد النبي أن يقبل المصريون على شراء تلك الشهادات، لأن البنوك ستحرص على تقديم كل الحوافز اللازمة لجذب المتعاملين إلى شرائها، بما يدفع الأفراد إلى البحث عن شراء المزيد من الدولارات، لشراء شهادات استثمار ذات العائد الأجنبي، ولو تطلب الأمر تضحيته بما لديه من شهادات أو مدخرات بالعملة بالمحلية.

يتوقع عبد المطلب أن تؤثر زيادة الفائدة على الدولار على الاستثمار المباشر، مؤكداً أنه سيكون محدوداً، وغير ضار إلى حد كبير.
وأوضح أنه في حالة زيادة البنوك العائد على شهادات الاستثمار بالجنيه، خلال المرحلة المقبلة إلى نحو 20%، سيستمر توجه المشترين إلى حيازة الشهادات الدولارية، في ظل توقع المزيد من تراجع الجنيه خلال الفترة المقبلة.
يرى رئيس لجنة البنوك باتحاد المستثمرين أحمد عبد المقصود، أن قرار رفع سعر الفائدة، يستهدف بالدرجة الأولى، رفع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، واصفاً قرار البنكين الكبيرين في حجم العملاء، بالسوق المحلية، بأنه خطوة مواكبة لتوجهات الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة على الدولار، والبنك الأوروبي بزيادتها على اليورو.

وذكر أن المشروعات الاستثمارية لن تجني شيئاً من هذا القرار، إلا إذا وضعت في حساباتها توفير الدولار للشركات التي تحتاجه في شراء مستلزماتها من الخارج، وتوقفت أغلبها عن العمل خلال الأشهر الماضية، منذ وضع البنك المركزي قيوداً على الاستيراد من الخارج، لعدم قدرة البنوك على تدبير العملة الصعبة للمستوردين.

رئيس لجنة البنوك باتحاد المستثمرين أحمد عبد المقصود: رفع سعر الفائدة، يستهدف رفع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي

وأعرب عن أمله في أن تتمكن البنوك من سحب الدولار من السوق الموازية، مشيراً إلى أن رفع سعر الفائدة، سيكون تأثيره ملحوظاً على المستثمرين الذين يتولون تنفيذ مشروعات بالعملة المحلية، لاستمرار تراجع الجنيه، بينما المرتبطون بعقود توريدات أو مقاولات سابقة لحساب الحكومة بالدولار، لن يتأثروا بتلك الزيادة.
وتوقع خبراء أنه في حالة إقدام الحكومة على الاستمرار في نفقات متهورة، أو الإخفاق في تنفيذ سياسات صناعية وإنتاجية تؤدي إلى تراجع معدلات الإنتاج، سيشهد الاقتصاد حتماً نتائج مروعة.

ويتوقع خبراء أن يكون لدى البنك المركزي متسع أفضل، عام 2025 لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى، مع بلوغ الاقتصاد ذروة الانكماش في النمو للناتج الإجمالي، مما يقلل الحاجة إلى شراء السندات الأجنبية، أو الاعتماد على شهادات الادخار بالعملة الصعبة.
وأشار تقرير لمجلة "إيكونوميست" الاقتصادية، إلى أن لجوء البنك الفيدرالي الأميركي إلى رفع الفائدة على الدولار بأسرع وتيرة منذ 40 عاماً، تسبب في حدوث فوضى، خارج الولايات المتحدة، أدت إلى خفض الأسهم العالمية بنحو 25% من قيمتها الدولارية، واتجاه السندات الحكومية إلى تحقيق أسوء عام لها منذ عام 1949، بخسائر بلغت 40 تريليون دولار، مع شعور بالغ بالقلق بأن النظام العالمي يجري رأساً على عقب، وانتهاء عصر الهدوء الاقتصادي في ظل توجه العولمة إلى التراجع، واستمرار أزمة الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات (0)