- ℃ 11 تركيا
- 19 نوفمبر 2024
كتل إسمنتية إسرائيلية على حدود غزة لاتقاء "الكورنيت"
كتل إسمنتية إسرائيلية على حدود غزة لاتقاء "الكورنيت"
- 2 يونيو 2023, 6:47:47 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي نشاطاته الأمنية على حدود قطاع غزة، والتي تستهدف بناء ونشر كتل إسمنتية يسعى من خلالها جيش الاحتلال إلى "حماية" مستوطناته ومستوطنيه، ولإحباط أنشطة المقاومة الفلسطينية عند اندلاع أي مواجهة محتملة جديدة، في ظل توالي المواجهات خلال السنوات الأخيرة.
وتركز المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية في الوقت الراهن على نشر هذه الكتل الإسمنتية التي تستهدف إحباط عمل وحدات إطلاق صواريخ "الكورنيت" (الموجهة المضادة للدروع) التي تسعى لاقتناص الفرصة لإلحاق الأذى بالمستوطنين وبآليات قوات الاحتلال المنتشرة على الحدود.
إحباط صواريخ "كورنيت"
وتمتلك حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة سلاح صواريخ الـ"كورنيت" منذ أكثر من عقد، حيث أسهم دخول هذه الصواريخ الخدمة في تقليل أنشطة الاحتلال العسكرية على الحدود مع القطاع، لا سيما الدبابات أو المركبات العسكرية بمختلف أنواعها، وتحديداً في أوقات التوتر والتصعيد والمواجهات المفتوحة.
و"كورنيت" هو صاروخ مضاد للدروع، روسي الصنع، مُوّجه ومُصوّب بأشعة ليزر، وبشكل نصف أوتوماتيكي، بحيث يُصوّب الرامي الصاروخ نحو الهدف، ويوجه علامة تصويب الصاروخ حتى الإصابة، ويمكن إطلاقه من خلال منصة تُثبت على الأرض أو الكتف مباشرة.
ويجرى توجيه الصاروخ عبر موجّه بصري من خلال الرامي الذي يتابع توجيهه حتى يصل إلى هدفه. ويمتلك هذا الصاروخ قدرة على المناورة من خلال الالتفاف في حلقات دائرية أثناء تحليقه باتجاه الهدف حتى المرحلة الأخيرة، التي يطبق فيها على الهدف ويتوجه إليه بشكل مباشر.
ولا يوجد تاريخ محدد لدخول الـ"كورنيت" إلى غزة، غير أن تسريبات إعلامية تشير إلى أن أول وصول له كان عام 2011 في أعقاب اندلاع الربيع العربي، غير أن استخدامه الأول جرى خلال مواجهة عام 2012 في أعقاب اغتيال إسرائيل القائد في "كتائب القسام" أحمد الجعبري (نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس") في نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام.
يحاول جيش الاحتلال طمأنة جنوده ومستوطنيه القاطنين في غلاف غزة
وتتابعت إثر ذلك عمليات استهداف المركبات والدبابات الإسرائيلية بهذا السلاح خلال مواجهة عام 2014 التي استمرت 51 يوماً، بالإضافة إلى استخدامه خلال جولة التصعيد عام 2018 في أعقاب تسلل قوة خاصة إسرائيلية إلى غزة. وفي مواجهة عام 2021، استخدمت المقاومة هذا السلاح 3 مرات، بدايةً بضربة وجهتها "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد"، لجيب عسكري إسرائيلي شمال شرق القطاع، وضربتين لـ"كتائب القسام" خلال هذه المعركة.
وتقدر المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن أسباب استخدام المقاومة هذا السلاح هو لرغبتها في تحقيق صورة نصر أولية خلال بداية المواجهات وجولات التصعيد، فضلاً عن فعاليته العسكرية في استهداف المركبات الإسرائيلية وقدرته على إصابة الأهداف بدقة.
وفي 23 مايو/أيار الماضي، ذكر تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن الجيش الإسرائيلي يواصل تحصين مستوطنات غلاف غزة لمنع إطلاق الصواريخ المضادة للدروع، حيث كثّف من نصب جدران دفاعية وسدود ترابية تخفي بشكل كامل الحدود ما بين القطاع ومستوطنات الغلاف.
ووفق "يديعوت أحرونوت"، فإن حركة "الجهاد الإسلامي"، خلال الجولة الأخيرة (9 – 13 مايو الماضي)، كانت تبحث عن هدف لإطلاق صاروخ مضاد يتيح لها الحصول على صورة النصر بعد الضربة التي تلقتها باغتيال قيادتها، حيث سعت الذراع العسكرية للحركة إلى تنفيذ هجمات، إلا أن جيش الاحتلال زعم إحباطه تلك المحاولات قبل وقوعها باستهداف مجموعات إطلاقها. لكن الحركة نجحت مرة واحدة في إطلاق صاروخ واحد سقط في منطقة مفتوحة.
قوات الاحتلال تسابق الوقت
ويقول الباحث المختص في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة إن الاحتلال وجد نفسه أمام المزيد من التحديات التي فرضها تطور قدرات المقاومة، فهو في حالة سباق الجاهزية من خلال ابتكار أحدث التحصينات والعوائق لصدّ أي هجوم يستهدف مواقعه وآلياته العسكرية.
ويضيف أبو زبيدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يدرك أن كل إجراءاته الدفاعية على الحدود لن تستطيع صدّ أي هجوم أو استهداف موجه كعملية استهداف باص جنود الاحتلال بصاروخ "كورنيت" (مايو 2021)، أو كمين العلم (نوفمبر 2018)، إلا أنه يجد نفسه مضطراً إلى بناء ما يرى أنه قد يساهم في تعزيز العراقيل أمام هذه المقاومة ويحد من قدراتها، وكجزء من محاولة طمأنة جنوده ومستوطنيه القاطنين في غلاف غزة.
ويرى الباحث الفلسطيني أن التحصينات والجدران، التي يقيمها جيش الاحتلال على الحدود مع غزة، تعكس حالة الهزيمة التي يعيشها، بسبب الخسائر المتكررة التي مُني بها وألقت بظلالها الوخيمة على عقيدته العسكرية، عدا عن رغبته في رفع معنويات جنوده التي انهارت. ويعتقد الباحث في الشؤون العسكرية أن هذه الاجراءات تأتي في إطار الحرب النفسية لإيهام المقاومة بفشل مستقبلها العسكري ونهاية الخدمة لأدواتها العسكرية، عبر إخراج نتائج تحقيقات يجريها إلى العلن بعنوان تلافي الأخطاء واتخاذ إجراءات تمنع تمكن المقاومة من نجاح عملياتها في المستقبل.
تريد المنظومة العسكرية الإسرائيلية منع المقاومة من تحقيق صورة نصر أولية خلال بداية المواجهات
في الوقت ذاته، يشير أبو زبيدة إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار استخلاص العبر ومكامن الضعف التي تعتري القوات الإسرائيلية على الحدود في ظل ما تمتلكه المقاومة من قدرات عسكرية واستخبارية قادرة على إيلامه، وهذا ما كان واضحاً خلال عدد من المعارك مع المقاومة.
استخلاص للدروس والعبر
بدوره، يرى الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي أن ما يحصل هو بمثابة استخلاص للدروس والعبر من قبل المنظومة العسكرية الإسرائيلية في أعقاب مواجهة عام 2014، ومحاولة لإحباط عمليات المقاومة الفلسطينية على الحدود.
ويضيف الرفاتي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الإسرائيليين يسعون من وراء بناء الكتل الإسمنتية إلى عدم منح المقاومة الفلسطينية صورة نصر أولية خلال المواجهات، وتحديداً خلال الأيام الأولى لها، كما كان هذا الهدف حاضراً خلال المعركة الأخيرة التي أطلق عليها فلسطينياً اسم "ثأر الأحرار".
ويذكّر الرفاتي بأن الاحتلال عمل على مشاريع عدة منذ عام 2014، أبرزها بناء العائق الأرضي الذي يستهدف الأنفاق الاستراتيجية والهجومية للمقاومة في غزة، فضلاً عن الجدار فوق أرضي الذي أعلن الانتهاء منه العام الماضي، إلى جانب نشر الكتل الإسمنتية.
ووفق الرفاتي، فإن نشر الكتل الإسمنتية يجرى بطريقة هندسية تشرف عليها المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وتتمثل في محاولة إخفاء الأهداف القريبة من غزة، سواء مدنية أو عسكرية، إلى جانب مشروع التشجير الذي أطلقه عام 2014 ويستغرق 10 سنوات.
ويلفت الباحث إلى أن التركيز الإسرائيلي منصب على محاولة إحباط قدرات المقاومة العسكرية وتنوعها وجعلها منحصرة في سلاح واحد، يتمثل في القدرات الصاروخية التي يواجهها الاحتلال بالقبة الحديدية ومنظومة "مقلاع داود"، إلى جانب مشروع الليزر الذي يعمل عليه حالياً.
ويشير الرفاتي إلى أن بناء الاحتلال هذه الكتل الإسمنتية والإسراع في نشرها لا يعنيان بالضرورة أن هناك مواجهة جديدة وقريبة مع المقاومة في غزة، كون ما يحصل يندرج في إطار استخلاص الدروس من المواجهات السابقة.