- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
كيف تقدمت الصناعات الدفاعية التركية خلال الـ 20 سنة الماضية؟
كيف تقدمت الصناعات الدفاعية التركية خلال الـ 20 سنة الماضية؟
- 30 أبريل 2021, 3:25:06 م
- 1224
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
خلال الأعوام العشرين الأخيرة، نهضت تركيا في مجال الصناعات الدفاعية من طائرات من دون طيار إلى صناعة السفن والبوارج والدبابات إلى صناعة الأسلحة الخفيفة، حيث تتعدى مكاسبها من نهضتها في الصناعات الدفاعية التركية النواحي السياسية والعسكرية إلى مكاسب اقتصادية كبيرة مهمة، خاصة في ظل الضغوطات الأمريكية والغربية سياسيا واقتصاديا على تركيا وكانت تلك الضغوطات تؤدي إلى ارتدادات على الساحة الاقتصادية التركية من تضخم وديون تراكمية وانخفاض في قيمة العملة الوطنية التركية.
إذا اطلعنا على مدى تقدم الصناعات الدفاعية التركية خلال عام 2020 مقارنة مع نظيراتها الدولية نجد أنها حطمت أرقاما قياسية مع حجم مبيعاتها وصادراتها في الصناعات الدفاعية، وأدى ذلك إلى مساهمة هذا القطاع في التنمية الاقتصادية التركية، وحل مشاكل عجزها في تجارتها الخارجية، طبعا هذا انعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني وعلى كافة الأصعدة.
أيضا، إذا نظرنا إلى الصناعات الدفاعية التركية، فنجد أنها لا تتكون من تجارة الأسلحة فقط؛ بل مترابطة مع بعضها البعض في شتى المجالات مثل التعليم، ومجالات التوظيف الجديدة، والبنية التحتية الاستثمارية القطاعية الواسعة، والتطورات العلمية والتكنولوجية، والقوى العاملة المدربة، وتوسيع نطاق المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، وتغذية القطاعات الوطنية الأخرى.
إذ تشير الإحصائيات الرسمية التركية الأخيرة إلى أن الصناعات الدفاعية التركية المحلية تلبي الآن حوالي 75% تقريبا من متطلبات تركيا العسكرية بالمقارنة مع عام 2003، وهذا مبشر خاصة بعد التجربة المؤلمة في حظر الأسلحة الأوروبية والأميركية في بداية عملية نبع السلام التركية في الداخل السوري.
تحتل شركات الصناعات الدفاعية التركية قائمة أفضل 100 شركة للصناعات الدفاعية الأكثر شهرة عالميا، وتأتي في المرتبة السابعة، بالمقارنة مع الأعوام الـ5 الأخيرة، ونتيجة لذلك فقد انخفضت واردات الأسلحة التركية من الخارج بين عامي 2015 و2019 بنسبة 48%، وزادت مبيعاتها بنسبة 24.2% لتصل إلى 11.5 مليارات دولار تقريبا، مقارنة بـ8.8 مليارات دولار عام 2018 حسب الإحصاءات الرسمية التركية.
إضافة لذلك، فقد حددت تركيا أهدافها الاستراتيجية حتى عام 2053، لجعل الصناعات الدفاعية التركية مستقلة بنسبة 100%، لتصل قدرتها التصديرية إلى 50 مليار دولار.
تتربع شركة “أسيلسان” على قمة الشركات التركية للصناعات الدفاعية المصنعة للسلاح، وتحتل المركز الـ 63 بين أكبر مئة شركة عالمية في هذا المجال، حيث تشغّل الشركة نحو ثلاثة آلاف مهندس وتعتبر الأكبر في قطاع الإنتاج الحربي بتركيا، حيث نجحت شركة “أسيلسان” بتطوير أنظمة اتصال وتشويش ونظم تشفير لاسلكي حربية حديثة للاستخدام بالمعارك العسكرية أبرزها نظام “كورال” الذي يوضع على مركبتين منفصلتين.
كذلك فقد طورت منظومات “حصار-أو” و”حصار-إيه” للدفاعات الجوية، محلية الصنع، التي تجاوزت الاختبارات القياسية التي صممها الخبراء الأتراك لاختبار المنظومة الصاروخية قصيرة ومتوسطة المدى، والمجهزة بصواريخ “أرض-جو” مداها أكثر من 25 كيلومترا.
تمثل المنظومة أهمية استراتيجية كبيرة للجيش التركي؛ لأنها تستطيع العمل بصورة مستقلة لمواجهة الأهداف الجوية، التي تحلق على ارتفاعات منخفضة، ويصعب على وسائل الدفاع الجوية البعيدة المدى إسقاطها.
وتأتي صناعة الطائرات بدون طيار محلية الصنع التركية “بيرقدار” و”أقنجي” بشقيها الاستكشافي والمسلح؛ في قائمة الصادرات التركية من الأسلحة، وتحتل تركيا موقعا بين أول 4 دول في العالم في هذا المجال بعد أن كانت تريد استيرادها من إسرائيل والولايات المتحدة، بينما تخطط تركيا الآن لتصدير المسيرتين إلى أكبر عدد من الدول في العالم بعد نجاحاتها في عدة معارك حول العالم ومنها حرب “قره باغ” الثانية عندما استخدمها الجيش الأذري، وكذلك في ليبيا وفي شمال العراق.
الآن هناك أكثر من 6 آلاف شركة تركية تعمل في مجال الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا، حيث أنجزت أكثر من 30 ألف مشروع بحث وتطوير في تركيا، فيما لا يزال هناك 10 آلاف مشروع قيد التنفيذ في المستقبل.
والسؤال المطروح هنا، كيف استطاعت تركيا تجاوز العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على قطاع الصناعات الدفاعية؟
كانت أنقرة تستعد لهذه العقوبات منذ بداية عام 2017، لذلك وضعت لنفسها خطط احتياطية وخيارات “A،B وC”، وبالنظر إلى العقوبات نجد أنها ألقت بظلالها على التعويضات والنظام الفرعي والمحركات لبعض المشاريع الأرضية، وأن نسبة اعتماد الصناعات التركية على الاستيراد من سوق الصناعات الدفاعية الأمريكية والغربية غير محددة حتى الآن، لكنها تنحصر بشكل كبير في الحصول على قطع وأجزاء طائرات “F-16” وطائرات “F-4”.
هذا وكان تأثير العقوبات منخفضا للغاية خاصة على برنامج الطائرات المسيرة، التي تم تطويرها اعتمادا على الشركات المحلية، مع الأخذ بالعلم أن هناك أرقاما عالية من إنتاج الطائرات بدون طيار في تركيا الآن.
كما أن أحد الخيارات أمام الأتراك للتقليل من أثر العقوبات في الوقت الحالي، هو أنهم اتجهوا إلى شركات تركية لم تشملها العقوبات من أجل الحصول على القطع التي يتطلّبها سوق التصنيع للصناعات الدفاعية.
في النهاية نجد أن تركيا تمكنت خلال الفترة الماضية، وفي وقت قصير، من إنشاء بنية تحتية قوية لصناعاتها الدفاعية والتكنولوجية وستتحول خلال السنوات العشر المقبلة، إلى أحد البلدان التي تلعب دورا رياديا في عالم التكنولوجيا لأن شركات الصناعات الدفاعية التركية تحولت من استثمار عديم الجدوى في السابق إلى مكسب اقتصادي وطني طويل الأمد لصالح الوطن والمواطن التركي.