- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
كيف حوّل أردوغان المنافسة الرئاسية إلى صالحه وتغلب على توقعات خسارته؟.. هذه أبرز نقاط قوته
كيف حوّل أردوغان المنافسة الرئاسية إلى صالحه وتغلب على توقعات خسارته؟.. هذه أبرز نقاط قوته
- 19 مايو 2023, 6:57:52 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تغلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التوقعات التي ذهبت إلى هزيمته في الانتخابات الرئاسية يوم الأحد 14 مايو/أيار، وخالفت نسب تأييده استطلاعات الرأي التي رجَّحت انتصار غريمه؛ إذ تمكن أردوغان من الحافظ على كتلة الناخبين التي كانت قد أوصلته إلى السلطة في أول مرة منذ عقدين.
حصل أردوغان على المركز الأول في السباق الرئاسي بنسبة 49.5% من الأصوات، لينتقل إلى جولة الإعادة في 28 مايو/أيار أمام منافسه كمال كليجدار أوغلو، مرشح المعارضة الذي حصل على نحو 45% من الأصوات.
شهدت السنوات الأخيرة قدراً من التراجع لشعبية أردوغان بين الناخبين، تأثراً بأزمة الارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة، وانخفاض قيمة الليرة التركية. ومن الشواهد على ذلك أنه حصل في هذه الانتخابات على عدد أصوات أقل مما حصل عليه في انتخابات 2018 الرئاسية، بحسب تقرير لصحيفة The Financial Times البريطانية.
ومع ذلك، فإن كليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، فشل في استغلال هذا التراجع في تأييد الناخبين لأردوغان، بينما استفاد منه المرشح الثالث سنان أوغان -المرشح القومي عن حزب الأجداد- بحصوله على نسبة أصوات بلغت نحو 5%، وحرمت أردوغان جزءاً من الأغلبية التي احتاج إليها لحسم انتصاره من الجولة الأولى.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان – الأناضول
في غضون ذلك، تمكن أردوغان من حشد تأييد الناخبين المحافظين والقوميين والمتدينين في جميع أنحاء منطقة الأناضول الشاسعة في الجولة الأولى.
في ريزا، وهي ولاية مُحافِظة تقع على البحر الأسود وأمضى أردوغان فيها بعض سنوات شبابه، حصل الرئيس التركي على ما يقرب من 75% الأصوات. كما انتزع ما يقرب من 70% من أصوات الناخبين في ولاية قونية، إحدى أكبر مقاطعات البلاد، والتي تقطنها أغلبية كبيرة من السكان المتدينين.
ومما استدعى الدهشة من بعض المراقبين أن أردوغان فاز بسهولة أيضاً بأصوات الناخبين في ولاية كهرمان مرعش، على الرغم من أنها إحدى الولايات التي تضررت بشدة من زلازل فبراير/شباط.
واجهت الحكومة في بداية الزلزال انتقادات شديدة لتعثر استجابتها الأولية في بعض المناطق المتضررة، لكن تعهدات أردوغان بإعادة البناء بسرعة وتعويض المتضررين استعادت الدعم المحلي له. وحتى في ولاية هاتاي، التي دمر الزلزال معظم مبانيها، حصل أردوغان على قرابة 50% من حصة التصويت.
لماذا فاز كليجدار أوغلو في إسطنبول وأنقرة؟
وبحسب الصحيفة البريطانية، جاءت نتائج التصويت لكليجدار أوغلو في إسطنبول وأنقرة، أكبر مدينتين في تركيا، أفضل بكثير من نتائج تصويته في الولايات التي أشرنا إليها، وتمكن من تجاوز أردوغان فيهما والحيلولة دون بلوغه نسبة 50% في الأصوات. وقال بعض المحللين إن تركيز كليجدار أوغلو على الإصلاح والاقتصاد وحرية التعبير كان له صدى أكبر في هذه المناطق الحضرية.
من جهة أخرى، فإن نتائج التصويت في قونية، التي تضم عدداً كبيراً من السكان المحافظين المتدينين، تجلَّى فيها تنازع العوامل المؤثرة في تصويت الناخبين بهذه الانتخابات، فعلى الرغم من أن أردوغان حصل بسهولة على أعلى عدد من الأصوات في هذه الولاية التي يبلغ عدد سكانها 2.3 مليون شخص، فإنها كانت -في الوقت نفسه- إحدى الولايات التي انخفض فيها نصيبه من الأصوات انخفاضاً حاداً عما كانت عليه في الانتخابات الرئاسية الماضية.
رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كليجدار أوغلو / رويترز
ذكرت صحيفة The Financial Times البريطانية في أبريل/نيسان أن كثيراً من الناس في قونية مستاؤون من الأزمات الاقتصادية التي عاشتها البلاد ويريدون التغيير. ومع ذلك، قال كثيرون أيضاً إنهم لا يثقون بقدرة مرشح المعارضة كليجدار أوغلو على تجاوز الأزمة الاقتصادية وتحسين معيشتهم.
تكشفت هذه الآراء في انتخابات يوم الأحد 14 مايو/أيار، فقد جاءت نتائج التصويت لكليجدار أوغلو أفضل من نتائج مرشح المعارضة (محرم إنجه) في انتخابات عام 2018، الذي حصل على 14% فقط من الأصوات في قونية. لكن أوغان، مرشح الحزب الثالث، فاجأ المراقبين بالحصول على 5% من أصوات الناخبين في الولاية في انتخابات عام 2023، فاقتطع بذلك نسبةً من أصوات الناخبين الساخطين الذين كان كليجدار أوغلو يتودّد إليهم.
في المقابل، هيمن كليجدار أوغلو على أصوات الناخبين في ولايات الجنوب الشرقي ذات الأغلبية الكردية، لحصوله على تأييد السياسي الكردي المسجون صلاح الدين دميرطاش وقرار "حزب الشعوب الديمقراطي" الكردي عدم التقدم بمرشح للرئاسة ودعم كليجدار أوغلو.
هل تذهب أصوات سنان أوغان إلى أردوغان؟
والحال كذلك، لا يمكن لأحد أن يجزم بما سيحدث في جولة الإعادة، ويقول محللون إن مصير المنافسة يدور حول الوجهة التي ستذهب إليها أصوات سنان أوغان. وإن كان بعضهم يقول إن أردوغان له الأفضلية في هذا السياق؛ لأنه يميل إلى بعض الآراء القومية التي يؤيدها أوغان. وقد كان أوغان في السابق عضواً في حزب الحركة القومية اليميني الذي ينتمي الآن إلى التحالف البرلماني لأردوغان.
Instagram/ سنان أوغان المرشح الرئاسي عن تحالف الأجداد
لكن يجدر بالذكر أن أوغان وضع بعض الشروط الصعبة أمام المرشحين لكسب دعمه، فقد أصر مثلاً على ضرورة أن يتخلى أردوغان عن موقفه الرافض لرفع أسعار الفائدة كوسيلةٍ لمحاربة التضخم. وقال في الوقت نفسه، إنه لن يدعم كليجدار أوغلو إلا إذا تخلى عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي كان تأييده أحد العوامل الحاسمة في تأييد نسبة كبيرة من الأكراد لزعيم المعارضة في الانتخابات الرئاسية.
من جانب آخر، فإن أزمات الاقتصاد التركي أحد أبرز المخاطر التي يواجهها أردوغان في هذه الانتخابات. فعلى الرغم من أن الارتفاع الحاد في معدلات التضخم لم يؤثر في نسب التأييد لأردوغان بالقدرِ الذي توقعه منظمو استطلاعات الرأي، فإن البلاد قد شرعت في مجموعة واسعة من السياسات للدفاع عن الليرة، وإن لم تأت هذه السياسات بالنتائج المرجوة حتى الآن لكنها في المستقبل قد تأتي بنتيجة.
صمود القوميين
من أبرز الظواهر أيضاً في هذه الانتخابات: قوة التصويت للكتلة القومية، فقد حصل حزب الحركة القومية -الذي يدعم حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان منذ عام 2015- على نحو 10% من الأصوات، مخالفاً بذلك استطلاعات الرأي التي توقعت أنه بالكاد سيتخطى عتبة (7% من الأصوات) اللازمة لدخول البرلمان.
حاز دولت بهجلي -السياسي القومي البالغ من العمر 75 عاماً، وزعيم الحركة القومية على مدى 25 عاماً- نفوذاً كبيراً على حزب العدالة والتنمية بعد أن ساعده في الحفاظ على أغلبية الأصوات في المجلس التشريعي. وتسبب هذا النفوذ في ميل الحكومة ميلاً واضحاً نحو بعض السياسات اليمينية، لا سيما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والصراع الكردي.
الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي "الكردي" المعارض في تركيا، صلاح الدين دميرتاش / رويترز
وفي هذه الانتخابات، كان الأداء القوي لحزب الحركة القومية أحد العوامل التي عاونت أردوغان في الحفاظ على سيطرته على البرلمان، وحماية أغلبيته حتى بعد أن فقد حزب العدالة والتنمية الحاكم ما يقرب من 28 مقعداً.
على النقيض من ذلك، فإن القوميين المتحالفين مع المعارضة لم يبلوا البلاء الحسن الذي كان متوقعاً منهم. فقد ذهبت استطلاعات الرأي في وقت سابق من هذا العام إلى أن حزب الجيد -الذي أسسه منشقون عن حزب الحركة القومية، وتتزعمه ميرال أكشنار، وهو أحد الأحزاب الرئيسية التي تحالفت مع حزب الشعب الجمهوري منذ الانتخابات العامة لعام 2018- سيحصل على نسبة تصل إلى 19% من الأصوات، لكن الحزب لم يحصل إلا على 9.75% فقط من الأصوات في هذه الانتخابات.
أما حزب الشعوب الديمقراطي اليساري، فقد اضطر في أبريل/نيسان إلى التقدم بمرشحيه على قائمة "حزب اليسار الأخضر" لتلافي حظر محتمل من المحكمة الدستورية؛ بسبب الصلات المزعومة لحزب الشعوب بالمسلحين الأكراد. وقال قادة حزب الشعوب الديمقراطي يوم الإثنين 15 مايو/أيار إن الحزب خسر بعض المقاعد البرلمانية التي كان يسيطر عليها منذ عام 2018 لأن هذه المدة القصيرة لم تكن كافية لنشر دعاية الحزب تحت راية جديدة، وزاد على ذلك قيود "الرقابة والعزلة التي تفرضها وسائل الإعلام الرئيسية بالبلاد"، على حد زعمهم.