- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
لتعزيز الاستيطان.. "المسيرات التوراتية" أحدث حيل الاحتلال لتهويد الآثار الفلسطينية
لتعزيز الاستيطان.. "المسيرات التوراتية" أحدث حيل الاحتلال لتهويد الآثار الفلسطينية
- 6 أغسطس 2023, 9:56:44 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نابلس- في مسيرات جماعية تبدأ صباحا وتنتهي مساء دعا مجلس المستوطنات في شمال الضفة الغربية إلى حشد مئات المستوطنين أسبوعيا وطوال شهر من الآن في مناطق سبسطية والمسعودية وجبل عيبال بنابلس، في محاولة لتثبيت أقدام المستوطنين في تلك المواقع عبر عملية تهويد توصف بأنها الأخطر للمنطقة برمتها.
الدعوة جاءت بنص صريح مرفق بالصور وبرنامج شامل لكل التحضيرات اللازمة، وأهمها النقل الآمن والحماية الكاملة لإنجاح عمليات الاقتحام التي أعد المستوطنون لها في شمال الضفة الغربية، ولا سيما في مدينة نابلس خلال أغسطس/آب الجاري، وحددوا الزمان والمكان وطريقة تلك الاقتحامات أيضا.
وعلى مقربة من بلدة سبسطية الممتد تاريخها الأثري لأكثر من 3 آلاف عام -وتحديدا في مستوطنة "شافي شمرون" الجاثمة على أراضي البلدة والقرى المجاورة- تتجمع هذه الحشود الاستيطانية لتنطلق بحافلاتها المصفحة وبحماية من جيش الاحتلال إلى تلك المواقع، بداية من سبسطية ثم المسعودية وانتهاء بجبل عيبال، حيث يدعي المستوطنون أنه مذبح نبي الله "يوشع بن نون".
تجمع الحشود الاستيطانية بحماية من جيش الاحتلال بداية من سبسطية ثم المسعودية وانتهاء بجبل عيبال (الجزيرة)
4 مواقع دفعة واحدة
وفي هذا السياق، قال رئيس بلدية سبسطية محمد عازم إن برنامج الزيارات هذه المرة لم يضع موقع "جبل عيبال" على قائمة اقتحامات المستوطنين إضافة إلى موقعي سبسطية الأثريين فحسب، بل تزامن مع إعادة مستوطنة "حومش" القريبة وإقامة المدرسة الدينية فيها، والتي رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية أول أمس إخلاءها.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف عازم أن الاحتلال -عبر هذا المخطط- يقسم منطقة شمال نابلس ويحاول تهويدها، وذلك عبر تعزيز الاستيطان في 4 مواقع تتصل في ما بينها بشبكة طرق وخدمات بنى تحتية متكاملة.
وثمة خطر أكبر يراه عازم تهدف إليه هذه الاقتحامات، وهو خطر ذو "صبغة توراتية مفبركة" يتمثل في تشجيع المستوطنين على الوجود بشكل أكبر والضغط على حكومة الاحتلال لتسريع العودة بشكل موسع إلى منطقة حومش، وتسريع تنفيذ مشاريعهم الاستيطانية في سبسطية، والتي رصدوا لها حوالي 32 مليون شيكل (نحو 10 ملايين دولار).
وسبق برنامج المسيرات الذي أعلنه المستوطنون اقتحامات لجيش الاحتلال طوال عامين تسببت بخسائر تجاوزت 70% لعشرات المنشآت السياحية في سبسطية والمناطق المذكورة، وكذلك اقتحام من طرف دائرة الآثار الإسرائيلية وسرقة المقتنيات الأثرية، ومنع عمليات الترميم والتنقيب الفلسطينية.
إسرائيل تريد تهويد المنطقة الاثرية في سبسطية وإحداث وجود استيطاني فيها استمرارا لسياسة فرض الأمر الواقع (الجزيرة)
مشاريع التهويد وطرقها التدميرية
وتتلخص أهم تلك المشاريع -حسب محمد عازم- في فتح شوارع التفافية بديلة داخل الموقع الأثري لخدمة المستوطنين المقتحمين فقط، وبناء جدار شائك يعزل الموقع الأثري عن باقي البلدة، والقيام بأعمال تنقيب داخل الموقع الأثري، وهو مشروع سرقة للمواقع الأثرية.
ويعمل الاحتلال على إنشاء أبراج رقابة وحماية تضم كاميرات وثكنات عسكرية، وإقامة مكتب تذاكر لصالح الحدائق الوطنية التابعة للاحتلال، والتي يريد ضم الموقع الأثري إليها.
وتابع عازم "يسعى المستوطنون إلى وجود دائم لهم وغير مقيد بإجراءات جيش الاحتلال في سبسطية والأماكن المستهدفة، في صورة أشبه باقتحامات قبر يوسف في نابلس".
وأضاف أن المستوطنين يسابقون الزمن في ظل حكومتهم اليمينية المتطرفة للاستيلاء على أكبر كم من الأرض تحت حجج مختلفة.
جانب من المدرسة الدينية في مستوطنة حومش شمال نابلس بالضفة الغربية (الجزيرة)
ادعاءات كاذبة
يأتي ذلك في سياق محاولات إسرائيل منذ احتلالها الضفة الغربية عام 1967 تهويد الأرض الفلسطينية، وذلك عبر طرق شتى، مثل وضع اليد مباشرة، والمصادرة لأغراض العسكرية، والمحميات الطبيعية ومناطق الأحراش، والاستيطان الرعوي، وليس انتهاء بالمواقع الأثرية والمسيرات وزيارة القبور وأماكن العبادة، وغيرها.
وكل تلك "ادعاءات كاذبة" -حسب محمد عازم- خاصة المتعلقة بالمواقع الدينية والتراثية، فهناك ربط بين العقلية التهويدية الاستيطانية والأيديولوجية التي يعمل بموجبها الاحتلال.
ولفت المتحدث إلى اعتقاد المتطرفين بأن "سبسطية هي العاصمة الشمالية لمملكة إسرائيل، وأن المسعودية تمثل بالمباني القديمة وسكة حديد الحجاز جزءا من التراث اليهودي، إضافة إلى المدرسة الدينية التي أقامها المستوطنون في حومش"، متابعا "لقد حرفوا التوراة التي تحرم أصلا السكن في سبسطية لأجل التهويد".
يتجمع المستوطنون في مستوطنة شافي شمرون ويطلقون مسيراتهم التوراتية باتجاه المواقع الأثرية الفلسطينية (الجزيرة)
تاريخ مزور
ما تقوم به إسرائيل تجاه الآثار الفلسطينية هو عكس ما يقع عليها بصفتها دولة محتلة، حيث يلزمها القانون الدولي بأن تحافظ على المواقع الأثرية في فترة النزاع المسلح، وفق مدير عام الحماية في وزارة الآثار الفلسطينية جهاد مصطفى.
وأكد مصطفى أن "إسرائيل لم تلتزم نهائيا بهذه القوانين، بل أحدثت حفريات مخالفة بذريعة البحث العلمي وغيره، وتمت سرقة المواد الأثرية كما حدث مؤخرا في الجفتلك بالأغوار الفلسطينية وفي قريتي دير نظام وعطارة قرب رام الله".
وبشأن تلك المسيرات ذات الصبغة الدينية والتوراتية، لفت المسؤول الفلسطيني إلى أن إسرائيل جاءت بفكرة التوراة كدليل بالنسبة لهم وخارطة طريق لتكريس الاحتلال للأرض، مضيفا "في الواقع هذه "خرافات وتاريخ وتوراة مزورة، وأن كل ما وجد على هذه الأرض تراث فلسطيني بامتياز وبشهادة علماء الآثار الإسرائيليين".
وشدد على أن كل روايتهم ووفق ما أكدته الآثار المكتشفة تختلف كليا عن الواقع، وأن إضفاء الصبغة التوراتية على مسيراتهم ليس إلا مبررات حكومة الاحتلال الاستيطانية للعب على عواطف الإسرائيليين، وحشد أعداد أكثر للاقتحامات، متابعا "كلها خرافات وروايات كاذبة لبسط السيطرة على الأرض وتزوير الحقائق وخلق تاريخ جديد يتناسب مع معتقداتهم الدينية والأيديولوجية".
مكتب بيع تذاكر للمستوطنين في المنطقة الأثرية الفلسطينية بمنطقة سبسطية في الضفة الغربية (الجزيرة)
السيطرة على أكثر من 4 آلاف موقع أثري
مؤخرا، رصدت إسرائيل 150 مليون شيكل (الشيكل حوالي 3.6 دولارات)، لتهويد المواقع الأثرية الفلسطينية في مناطق "ج" المسيطر عليها إسرائيليا، ومناطق و"ب" الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، وبذلك ينسف الاحتلال القوانين الدولية واتفاق أوسلو وقانون اليونسكو، بحسب ما ذكره المسؤول في وزارة الآثار الفلسطينية جهاد مصطفى.
ومن بين أكثر من 7 آلاف موقع أثري فلسطيني جلها في مناطق "ج" (أكثر من 62%) وجزء منها في مناطق "ب" تضع إسرائيل ما يزيد على 4 آلاف موقع تحت دائرة الاستهداف المباشر بشتى الحجج والذرائع.
وبينما يدعي الاحتلال حماية هذه المواقع الأثرية يسمح للصوص الآثار بالتنقيب هناك والاتجار بها ويهيئ لهم كل السبل، فيما يجرم القانون الفلسطيني ذلك.
كما تستخدم إسرائيل "المواقع الأثرية والتراثية" للحد من الامتداد العمراني الفلسطيني، ولهذا -وبحجة قربها من الآثار- يلاحق الاحتلال أي مبان فلسطينية ويهدمها.
وأمام هذا كله يعوّل الفلسطينيون على التحركات الشعبية لصد تغول المستوطنين وجيش الاحتلال، في ظل مواقف دولية خجولة لا توقف إسرائيل عند حدها، وقوانين ترفض التعاطي معها.
جيش الاحتلال لاحق قبل فترة عمالا فلسطينيين ومنع عملية الترميم بالمنطقة الأثرية في سبسطية (الجزيرة)
المصدر : الجزيرة