- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
لحظة الشرق الأوسط.. هكذا تقيم بكين نتائج زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية
لحظة الشرق الأوسط.. هكذا تقيم بكين نتائج زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية
- 25 ديسمبر 2022, 9:34:41 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلطت مؤسسة "أوبزرفر" للأبحاث في الهند الضوء على الاحتفاء الصيني بزيارة الرئيس "شي جين بينغ" إلى الرياض في الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، خاصة بعد توقيع اتفاقية للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
وذكرت الزميلة بالمؤسسة “أنتارا غوسال سينغ”، أن خبراء المجتمع الاستراتيجي الصيني رحبوا بهذا التطور، وجادلوا بأن الدبلوماسية الصينية دخلت "لحظة الشرق الأوسط"، وأن خسارة الولايات المتحدة مكسب للصين.
وأضافت أن الكثيرين يعتقدون اليوم أن العلاقات بين الصين والشرق الأوسط دخلت "العصر الذهبي" الجديد، حيث أصبحت السعودية، وهي حليف قوي للولايات المتحدة، واحدة من "دائرة أصدقاء" الصين، ما يرمز إلى اختراق كبير في استراتيجية الصين بالشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن زيارة الرئيس الصيني أثارت أيضًا بعض المناقشات داخل الدوائر الاستراتيجية الصينية، والتي تستحق الذكر، وقد يكون لها آثار سياسية على الهند.
ففي الفترة التي سبقت الزيارة وبعدها، برزت الكثير من المناقشات في وسائل الإعلام الصينية حول ما إذا كانت السعودية ستتحول من "البترودولار" إلى "البترويوان"، عبر التحول من تجارة النفط بالدولار إلى اليوان الصيني.
بعض التحليلات المتفائلة سلطت الضوء على كيفية زيادة تنافسية الصين في مجالات تصنيع السيارات، ومعدات الطاقة الخاصة، والمواد الكيميائية، بسرعة في الأشهر الأخيرة، حيث أدى الصراع بين روسيا وأوكرانيا إلى زيادة تكاليف التصنيع في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية، ما ساعد الصين على الاستحواذ على حصة اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا في سوق التصنيع تدريجياً.
ومع ترقية الصناعة التحويلية في الصين، يأمل المجتمع الاستراتيجي الصيني أن تزداد الواردات من الصين والطلب على اليوان الصيني، وسيصبح ذلك أساسًا لترويج البترويوان.
وجادل المتخصصون بأن هذا التغيير هو ما ستحدثه زيارة الرئيس "شي جين بينغ" إلى السعودية، ومع ذلك حذر آخرون من أن الصين لا تحتاج إلى الإفراط في التفاؤل بشأن ظهور البترويوان في أي وقت قريب.
وهنا ترى "أنتارا" أنه لا ينبغي أن تغيب حقيقة أن "الحكم الذاتي الحالي لدول الخليج محدود للغاية، فهي لا تزال تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في الأمن والتمويل".
فحتى إيران، التي لاتزال في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة وفُرضت عليها عقوبات منذ سنوات عديدة، إلا أن الكثير من صادراتها النفطية لا تزال مقومة بالدولار الأمريكي.
كما تشير "أنتارا" إلى أن الصين نفسها قد لا تكون جاهزة تمامًا من حيث الهيكل التجاري والنظام المالي لدعم وتعزيز البترويوان، وتحتاج إلى تجميع رأس المال يمكنها من تحقيق مبتغاها عن طريق بيع النفط في بلدان أخرى.
هل ستحقق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تقدمًا عل هذا الصعيد؟ تلفت "أنتارا" إلى أن العديد من الاستراتيجيين الصينيين عبروا عن أملهم في أن تسرع مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي بدء مفاوضات منطقة التجارة الحرة بين الصين والدول ذاتها في يوليو/تموز 2004، ومع ذلك كان التقدم بطيئًا وتم تعليقه مؤقتًا في عام 2009، بينما استؤنفت المفاوضات مرة أخرى في يناير/كانون الثاني 2014.
ويرى الخبراء الصينيون أن استئناف مفاوضات منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي مهم للأمن الاقتصادي وأمن الطاقة في بلادهم، ولتحقيق رؤية الصين الاستراتيجية لمشروع الحزام والطريق، وهو خيار لا مفر منه للصين لحماية نفسها من التهميش في المنافسة الإقليمية.
ويعتقد الخبراء الصينيون أن أساس العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي هو على أي حال أضعف بكثير من أسس أوروبا والولايات المتحدة والقوى الإقليمية الأخرى.
ومن ناحية أخرى، يشير العديد من الباحثين الصينيين إلى أن توقيع اتفاقية التجارة الحرة لمنطقة التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج CGFTA سيكون له تأثير هام في ازدهار التجارة بكل من الصين ودول مجلس التعاون، حيث يمكن للصين زيادة صادراتها من المواد الغذائية والمنسوجات والملابس والمعدات الإلكترونية والآلات وغيرها من السلع إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
كما يمكن أن تزيد صادرات دول مجلس التعاون الخليجي إلى الصين من النفط الخام والغاز الطبيعي والمنتجات الكيميائية، مع ما يمثله ذلك من تأثير سلبي لتحويل التجارة على البلدان الأخرى، بما في ذلك الهند واليابان والولايات المتحدة.
ومع ذلك ، لا تزال أقسام داخل المجتمع الاستراتيجي الصيني غير مقتنعة بسهولة إنشاء الصين اتفاقية للتجارة الحرة مع دول الخليج، وبالتالي دفع نمو الصادرات الصينية إلى المنطقة، نظرًا لاعتماد هذه الدول على هيكل اقتصادي موحد ودخل مرتفع للفرد، مع صغر حجم السوق.
وتشير "أنتارا"، في هذا الصدد، إلى أن العقبة الرئيسية الأخرى في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي هي مفاوضات التعريفة الجمركية على المنتجات البتروكيماوية.
ففي التقييم الصيني، فإن أحد الأسباب الرئيسية وراء إطالة أمد مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة يتمثل في أن شركات البتروكيماويات الصينية الأقل قدرة على المنافسة نسبيًا قلقه من أن تؤدي أي تخفيضات في التعريفة إلى إغراق المنتجات البتروكيماوية من دول مجلس التعاون الخليجي السوق الصينية، ما قد يؤدي إلى إغراق السوق الصينية، ويمثل ضربة كبيرة لصناعة البتروكيماويات قد تتسبب في بطالة واسعة النطاق.
ومن المثير للاهتمام، أن عضو مجلس الدولة، ووزير الخارجية الصيني "وانغ يي" التقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، في 19 سبتمبر/أيلول، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث برزت قضية اتفاقية التجارة الحرة المشتركة بين الدول الأعضاء بشكل بارز. وافادت الأنباء آنذاك بأن الجانبين اتفقا، خلال الاجتماع، على بذل جهود مشتركة للتوصل إلى أرضية مشتركة حول هذه القضية فى وقت مبكر.
ومع ذلك، فإن هذه القضية الحاسمة، والتي كانت نقطة نقاش رئيسية بين الاستراتيجيين الصينيين، لم تظهر تمامًا في البيانات الرسمية.
وهنا تشير "أنتارا" أيضا إلى أن الصين تجد أيضًا صعوبة في التنقل عبر المشهد الجيوسياسي المعقد للشرق الأوسط، وتريد إحداث "توازن إيجابي" في علاقاتها دول الشرق الأوسط، لاسيما إيران ودول الخليج العربية، عبر التعاون مع طرف، مع خلق قدر معين من الضغط على الطرف الآخر، وبالتالي، التأثير عليه لزيادة تحسين علاقاته مع الصين.
وأضافت أن الصين تريد تجنب "التوازن السلبي"، أي تقييد التعاون مع طرف واحد خوفًا من التأثير على العلاقات مع الطرف الآخر، وبالتالي تقييد مساحة عمل الصين في المنطقة.
وأشارت إلى أن الصين وقعت اتفاقية تعاون مدتها 25 عامًا مع إيران، لكنها لم توقع اتفاقيات مماثلة مع دول الخليج، قبل زيارة "شي جين بينغ" إلى السعودية، ومن خلال قيامها بإبرام اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية الأخيرة فإنها تمارس قدرًا معينًا من الضغط على الطرفين وتحفزهما على التعاون بشكل أفضل من خلال توسيع التعاون في مجال الاستثمار والطاقة وما إلى ذلك.
ومع ذلك، قد يكون القول بهذا التوازن الإيجابي أسهل من فعله، كما يشير "بان غوانغ"، مدير مركز أبحاث منظمة شنغهاي للتعاون، التابع لأكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية، موضحا أن الدول العربية كانت أكثر حساسية وتشككًا بشأن اتفاقية التعاون الاستراتيجي طويلة الأجل التي تبلغ مدتها 20 عامًا والموقعة بين الصين وإيران.
ومنذ إعلان الصين وإيران عن الاتفاقية الاستراتيجية بينهما، دون الإفصاح عن كامل محتواها، والعرب والإسرائيليون قلقين بشأن التعاملات السرية بين طهران وبكين، ما ألقى بظلال طويلة من الشك على أفق التعاون الصيني العربي.
ولذا تراقب إيران عن كثب تطور العلاقات الصينية العربية، وتداولت وسائل الإعلام أنباء عن استياء إيران من تواصل الصين الأخير مع دول مجلس التعاون الخليجي، بل واستدعت طهران سفير الصين بشأن بيان بكين المشترك مع الدول العربية، الذي تضمن قضية ملكية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، الجزر الثلاث في مضيق هرمز، التي تطالب بها دولة الإمارات العربية المتحدة.
واختتمت "أنتارا" تحليلها بأن المتابع يمكن أن يجادل بأن زيارة الرئيس الصيني الأخيرة إلى الشرق الأوسط ربما أضافت زخمًا جديدًا إلى نموذج التعاون الصيني مع دول المنطقة، لكنها فشلت إلى حد ما في معالجة بعض النقاط الشائكة الرئيسية في العلاقات بين الصين والدول الخليجية بشكل خاص.