- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
لهذه الأسباب.. أوهام قيس سعيد تغرق تونس
لهذه الأسباب.. أوهام قيس سعيد تغرق تونس
- 30 أبريل 2023, 3:58:34 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اعتبر المحلل المتخصص في الشؤون التونسية، دانيال برومبرج، أن تخيلات وأوهام الرئيس التونسي قيس سعيد عن أعداء وهميين وحرب تحرير ضد الغرب سوف تغرق بلاده التي تتزايد فيها معاناة المواطنين من تقلبات الانهيار الاجتماعي والاقتصادي.
وأوضح في تحليل مطول نشره المركز العربي واشنطن دي سي، (مؤسسة بحثية غير ربحية)، أن كل ذلك يأتي بينما لا تملك تونس بدائل إقليمية يمكنها أن تقدم لها يد العون.
وذكر برومبرج أن أحد المكونات الرئيسية لاعتقاد الرئيس التونسي بوجود مؤامرة كونية ضده هو اقتناعه بأن القوى الغربية تحاول فرض إصلاحات في السوق تهدف إلى دعم النخبة الفاسدة التي، كما يدعي، أوصلت تونس إلى أزمتها الاقتصادية الحالية.
واستشهد المحلل بتصرفات عناصر الشرطة الذين فتشوا منزل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قبل اعتقاله وسؤالهم المتواصل والمتكرر عن مكان إخفاء الذهب والمجوهرات.
ومهما كان ذلك غريبًا، فإن هذا الجهد للكشف حرفياً عن ثروة خفية مفترضة؛ يشير إلى أن قوات الأمن تؤيد نظريات المؤامرة التي نشرها سعيد - وحلفاؤه في وسائل الإعلام على الإنترنت - بنجاح كبير.
تناقض وانهيار
وذكر المحلل أنه وفقا لتلك المعطيات رفض سعيد في 6 أبريل/نيسان حزمة الإنقاذ التي قدمها صندوق النقد الدولي لتونس بقيمة 1.9 مليار دولار، وأصر أن تونس ليست للبيع.
وزعم سعيد أن قوى داخلية لم يسمها تبيع تونس لمصالح أجنبية، وحذر من أن التونسيين "يجب أن يعتمدوا على" أنفسهم.
كما يلاحظ النقاد وغيرهم، لا يوجد لدى تونس بديل واضح للعمل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ناهيك عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
كما تفتقر الصين ودول الخليج العربية إلى الوسائل وحتى الإرادة السياسية لإنقاذ تونس.
كما لا يمكن لبنك التنمية الجديد ومقره شنغهاي والذي تموله مجموعة البريكس (البرازيل والصين وروسيا والهند وجنوب إفريقيا) أن يكون بديلاً عن صندوق النقد الدولي.
وقد أدركت رئيسة الوزراء التونسية نجلاء بودين، على ما يبدو، هذه الحقائق الصعبة، ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، وهما يحاولان إنقاذ صفقة صندوق النقد الدولي.
وتؤكد مساعيهما الصعبة على التناقضات العميقة التي تحرك مشروع سعيد الاستبدادي، ناهيك عن تحالف القوى الذي يحتمل انقسامه والذي جمعه لدفعه إلى الأمام.
لكن من غير المرجح أن يتحدى وزرائه رئيسًا لا يزال يحظى بتأييد واسع. وبالتالي، قد يتطلب الأمر انهيارًا اقتصاديًا تامًا لتشويه سمعة المستبد التونسي الطموح والمزيج السام من التخيلات والاستياء التي دافع عنها سعيد باسم "الشعب".
حذر كبار المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين من أن تونس تتجه نحو الانهيار الاقتصادي. لكن هذا الوضع الخطير دفع سعيد إلى محاولة تعزيز شرعيته المتدهورة من خلال تكرار معارضته لأي صفقة مع صندوق النقد الدولي قد تأتي على حساب أتباعه.
يبدو أن رفض سعيد للإملاءات الخارجية ودفاعه عن السيادة التونسية يشير إلى أن الرئيس قد اختار المخاطرة بقطيعة حاسمة مع صندوق النقد الدولي، حتى بينما لا يزال وزرائه يحاولون التوصل إلى اتفاق.
خيارات محدودة
وخلص المحلل أنه في حين أن الرئيس التونسي يحتقر اعتماد بلاده الفعلي على المؤسسات الغربية وعلى الولايات المتحدة على وجه الخصوص، فإن لدى سعيد القليل من الخيارات الأخرى.
وفي حين يستمر الدعم العسكري الأمريكي لتونس، لكن ميزانية وزارة الخارجية المقترحة لعام 2024 تقلل المساعدة الاقتصادية بنسبة هائلة تصل إلى 70%.
ولكن إذا كان من المرجح أن يؤدي التهديد بخفض المساعدة الاقتصادية إلى تعزيز عناد سعيد، فقد يستمر في حث بعض أعضاء حكومته على دفع الرئيس لشرب ما يراه كأسًا مسمومًا لدعم صندوق النقد الدولي.
الحقيقة المحزنة هي أن الأمر قد يتسبب في أزمة أكبر من أي وقت مضى لزعزعة التحالف المتذبذب الذي تجمعه سعيد لدعم مشروعه الاستبدادي.
توجد مؤشرات على مثل هذه الأزمة في كل مكان: إشعال لاعب تونسي شهير النار في نفسه، ونقص حاد في المياه، وانخفاض قيمة السندات والدينار التونسي - ناهيك عن ارتفاع الديون الخارجية التي تثير مخاوف بشأن التخلف عن السداد - كل ذلك يمكن أن يبشر بلحظة من الحقيقة الأليمة للاقتصاد المنهك والسكان الذين يكافحون من أجل البقاء في يوم آخر.
لكن مع معاناة المزيد من التونسيين من تقلبات الانهيار الاجتماعي والاقتصادي، يواصل الرئيس سعيّد الحديث عن أعداء متخيلين وحرب تحرير ضد الغرب.