"لوموند": ما يسميه إيلون ماسك "صحافة المواطن" ليس سوى سلاح دمار شامل للحقيقة الموضوعية

profile
  • clock 24 نوفمبر 2024, 8:57:51 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في مقال رأي بصحيفة لوموند، يرى المؤرخ والخبير الإعلامي ديفيد كولون أن إيلون ماسك، مالك منصة (إكس) المعروفة سابقًا باسم تويتر، يجسد بوضوح التحول الجديد الذي يجمع بين تأثير المؤثرين، وسيطرة الخوارزميات، وتفاعل الجماهير الرقمية.

"أنتم الإعلام الآن"

بهذه العبارة غرد إيلون ماسك في 6 نوفمبر، في منشور شاهده أكثر من 105 مليون مرة. لم تكن هذه التغريدة مجرد تعبير عن حملته ضد الإعلام التقليدي، بل كانت إعلانًا عن حقبة جديدة من الإعلام، حيث تتحكم وسائل التواصل الاجتماعي بالمشهد، دون اعتبار لجودة أو صحة المعلومات التي تُنشر من خلالها.

يعكس ماسك بشكل بارز هذا التحول، الذي تناولته الباحثة رينيه دي ريستا في كتابها Invisible Rulers ("الحكام غير المرئيين"). هذا التحول قائم على مزيج من المؤثرين الرقميين، وآليات الخوارزميات التي تدفع بالمحتوى، والجماهير التي تستهلك هذا المحتوى بشكل كبير، وهو ما يؤدي إلى هيمنة هذه المنظومة على مصادر المعلومات على حساب الإعلام التقليدي.

تشير منصة (إكس) إلى فكرة مشابهة لتلك التي وصفها الفيلسوف يورغن هابرماس، وهي مساحة مفتوحة للنقاش العام حيث يمكن للأفراد مناقشة القضايا العامة بحرية وبعيدًا عن السيطرة التقليدية للسلطات.

إلا أن هذه الساحة الرقمية تحولت كذلك إلى مساحة يتشكل فيها الخطاب العام بناءً على التفاعلات الرقمية والقرارات الفردية. منذ أن استحوذ ماسك على تويتر، أصبح يستخدم المنصة للتعبير عن استيائه من الإعلام التقليدي. ففي صيف 2023، قيد الوصول إلى المنشورات التي تتضمن روابط لمقالات صحيفة نيويورك تايمز. ومنذ فبراير 2023، زادت خوارزميات المنصة من ظهور منشوراته الشخصية بشكل كبير، مما يجعل رؤيتها شبه حتمية، رغم احتوائها في كثير من الأحيان على معلومات غير موثوقة.

في عام 2022، أتاح ماسك إعادة تفعيل عشرات الحسابات التي أُغلقت بعد أحداث اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021. كما استبدل نظام التحقق التقليدي الذي كان يضمن موثوقية الحسابات، بما في ذلك حسابات الإعلاميين والصحفيين، بنظام مدفوع يمنح العلامة الزرقاء مقابل اشتراك. هذه الخطوة فتحت الباب أمام انتشار واسع للمعلومات المضللة، وأسهمت في إنشاء اقتصاد يعتمد على التضليل. تمكن بعض المؤثرين، مثل أندرو تيت ومات والاس، من تحقيق دخل شهري يصل إلى 20,000 دولار عن طريق نشر معلومات مضللة أو محتويات تحريضية.

على الرغم من الانتقادات السابقة التي وُجهت إلى "تويتر سابقا"، والتي أشارت إلى سرعة انتشار الأخبار الكاذبة مقارنة بالحقيقية، فإن النسخة الجديدة من المنصة، (إكس)، أصبحت بشكل واضح أداة تستهدف بشكل متعمد تقويض أسس الصحافة القائمة على الحقائق. على سبيل المثال، روبوت الدردشة "Grok"، الذي أطلق في نوفمبر 2023، يعيد نشر المعلومات الزائفة المنتشرة على المنصة ويمنحها مصداقية.

شهدت وسائل التواصل الاجتماعي تحولًا جوهريًا نحو نموذج اقتصادي يعتمد على الإعلانات، مما أدى إلى زعزعة نظام الإعلام التقليدي القائم منذ أكثر من قرن. في الولايات المتحدة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي المصدر الرئيسي للمعلومات، حيث يستخدمها 70% من السكان.

وتشير الإحصائيات إلى أن منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك هي الأكثر استخدامًا، بينما تضم منصة (إكس) حوالي 105 ملايين مستخدم.

مع انهيار الصحافة المحلية في العديد من المناطق، ظهرت مواقع إخبارية زائفة تدعي المصداقية، لكنها مرتبطة بمجموعات سياسية أو حكومات أجنبية. استغلت هذه المواقع أدوات الذكاء الاصطناعي لتوسيع انتشارها، مما أدى إلى تضليل الرأي العام وتشويه نتائج محركات البحث.

إن ما يطلق عليه ماسك "صحافة المواطن" يمثل تهديدًا واضحًا للصحافة التقليدية، حيث يُسهم في نشر المعلومات الزائفة ويقوض مصداقية منتجي المعرفة الموثوقة. ويعكس لقاؤه مع روبرت مردوخ، قطب الإعلام المعروف بتأثيره الكبير على السياسة الأمريكية، هذا التحول في أدوات التأثير على المشهد السياسي.

في مواجهة المخاطر التي يشكلها هذا النظام الإعلامي الجديد، تصبح الدعوات لمغادرة منصة (إكس) غير كافية.

المطلوب هو العمل على ضمان بيئة إعلامية تتميز بالمصداقية والتعددية، كما تعرفها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتشير أفعال ماسك، الذي أعلن نيته التدخل في الانتخابات الكندية، إلى الحاجة الملحة لتطوير منصات اجتماعية أوروبية تتميز بالنزاهة والمسؤولية.

التعليقات (0)