- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مأمون الشناوي يكتب : مصر لا تُهزم .. يا غبي !!
مأمون الشناوي يكتب : مصر لا تُهزم .. يا غبي !!
- 12 يونيو 2021, 3:28:04 ص
- 1369
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الآن أكتب عن النكسة ، هذه الليلة بالذات أكتب عنها وقلبي عامر بالثقة !!.
كُنتُ يوم التاسع من يونيو أستعد لاستقبال الشهادة الإعدادية ، غلاماً نحيفاً ضعيفاً رهيفاً ، لكنني أحمل في رأسي عقلاً متأججاً ، وبين جنبيّ قلب يحترق ، وقوده حب هذا الوطن وناسه وتاريخه ، وفخور بنهضته القافزة والتي تطاول السماء !!.
فجأةً ، جاء من أقصى القرية رجل يصرخ : ( مصر اتكسرت يا ناس ) !!.
رجع صدي الصُراخ في نفسي تفجر حِمماً بركانية ذاهلة ، إنطلقتُ عَدوّاً إلى محطة القطار البعيدة لعلني أقابل بعضاً من جنودنا العائدين المكسورين فيشرحوا لي ما غاب عني فهمه ، لكن خاب مسعاي !!.
راديو بيتنا الضخم الراقد أعلي الجدار لا يروي فضولي ، ولامصدر لديّ سواه ، انتظرت سهراناً حتي جاءت تلك الليلة المشؤومة ، فإذا به يُعلن أن { عبد الناصر } تنحي ، الجبل الشامخ هوي من عليائه ، الآن فقط فهمت ، صدقت ذلك الفلاح الذي صرخ بأن مصر اتكسرت !!.
لم أفكر ، لكن هذا الغلام الضعيف النحيف الرهيف وجد نفسه محشوراً في إحدى عربات القطار إلى القاهرة وسط الآلاف ، وأمام بيت الزعيم كان ضمن الملايين يرتل أنشودة كتبها { صالح جودت } ولحنها { السنباطي } وشدت بها { أم كلثوم } في سويعات :
[ قُم واسمعها من أعماقي .. فأنا الشعب
إبق فأنت السد الواقي .. لمُني الشعب
أنت الخير وأنت النور
أنت الصبر علي المقدور
أنت الناصر والمنصور
قُم إنا جففنا الدمع .. وتبسمنا
قُم إنا أرهفنا السمع .. وتعلمنا
قُم إنا وحدنا الجمع .. وتقدمنا
قُم للشعب ، وبدد يأسه
واذكر غده واطرح أمسه
قُم وادفعنا بعد النكسه
قُل لله .. وقُل للناس .. قُل للعصر
رغم الجُرح ومُر الكاس .. عاشت مصر
وغداً سنؤذن في الناس .. طلع الفجر
وغداً ستُحي الأجراس .. يوم النصر !! ]
الحدث جلل ، والدموع لاتكفي ، والغضب الساطع المخلوط بالأمل بالحزن بالندم بالأسي بالعزيمة بالإصرار بالتحدي بهتاف الملاينن يعلو في سماء القاهرة : ( لاترحل ) !!.
( لاتتركنا ، نعم أنت المسؤول أمامنا وحدك ، لم نعهدك جباناً ولم تخذلنا قط ، عُد أيها الفارس وامتط صهوة فرسك وعاود مشوارك ، انصت إلى الأبنودي وحليم [ عدي النهار ، والمغربية راجعة تتخفي ورا ضهر الشجر ، وبلدنا قاعده علي الترعة بتغسل شعرها ، جانا نهار ماقدرش يدفع مهرها ] ) !!.
وانصاع الزعيم لنداء الجماهير الهادر ، تلك الجماهير التي غنت له من أعماقها كثيراً ، يومها فهمت - كما فهم عدونا أيضاً - أن مصر لم تُهزم ، تنكسر نعم ، لكنها أبداً لاتُهزم ، فالهزيمة استسلام ، الهزيمة توقيع علي معاهدة إذعان ، الهزيمة كسر الإرادة والركوع تحت أقدام عدوك تستجدي عفوّه !!.
في بورسعيد العظيمة وإبان العدوان الثلاثي الغادر في ٥٦ ، وجدوا ضابطاً انجليزياً مقتولاً ، واحتاروا في معرفة طريقة مقتله ؛ فلا هي بالرصاص ولابسكين ، ثم تبين لهم أن سيدة بورسعيدية رائعة انهالت علي رأسه العفن ب ( إيد الهون ) حتي هشمته !!.
هل هذا الشعب يُهزم يامن تحتفلون مع الصهاينة بيوم النكسة ، وتعرضون صوّر أسرانا في شماتة وقحة ، هذا الشعب يمرض ، لكنه لايموت ، ينكسر لكنه لايُسلّم رايته ولا كرامته !!.
هذا الشعب لايُهزم يا أيها الغبي القابع في اسطنبول ، وهنا وسطنا ترتع في خير مصر وتنعم ، ثم تبول في الإناء الذي تشرب منه !!.
مصر لاتُهزم يا غبي !!.