- ℃ 11 تركيا
- 27 ديسمبر 2024
محمد كامل خضري يكتب : سرقة الملائكة
محمد كامل خضري يكتب : سرقة الملائكة
- 12 يونيو 2021, 2:57:04 ص
- 931
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قالوا لى أن جدى كان تاجرا كبيرا وإنهارت تجارته بعد موته المفاجئ ولم يكن من أعمامى أو أخوالى تاجرا بل كانوا فلاحين أصحاب إقطاعات ألفية إذا قدرناها بالأمتار وأبى كان موظفا ولكنى عملت بعد فترات حياتى المدرسية تاجرا صغيرا فى الأجازات أو فى أعمال لها صفة التجارة وتخرجت وفى دمى جينات التجارة وأصبحت تاجر أدوية فالصيدليات ماهى إلى متاجر فى بضاعة متخصصة لها قوانينها ...وعملت لدى الغير وأقمت مشروعى الخاص بى وتعاملت مع البشر وكثيرا ما إنتهت فى إيرادى آخر النهار عملات مزورة تنهى مكاسب اليوم ولكن بحمد الله كانت تنتهى عندى بإعدامها وأستعيض الله فيها...وتعرضت صيدليتى للسطو من خلال هدم جزئى للحائط المطل على المنور ولكن الله سلم وأكتشفت الحادث الذى كان يتم بليل صدفة...وتعرضت لعمليات مغافلة كثيرة تم فيها السطو على كراتين أدوية كاملة وأذكر أن من أطرفها لص غافلنى وسرقة كرتونة أدوية شرب منتهية الصلاحية فشلت فى إرجاعها وكانت ثقيلة الوزن وأنتظرت أن أتخلص منها بطريقة آمنة ...وجاء صاحب النصيب وسرقها كتر خيره !
وتم مغالطتى من زبائن بإدعاء أننى تسلمت الثمن مقدما وهو لم يحدث...تلقيح جتت ونصب...مرة تعدى ومرة ماتعديش...
وتعرضت للخيانة من بعض العمال بعضهم كان يسرق نقدا وبعضهم كان يسرق الأدوية الغالية ويبيعها لصيدليات أخرى بأبخس الأثمان فالصيدلية مال سايب صعب حصره يوميا أو ملاحظة عجز إلا بالصدفة أو عند الجرد فهى ليست محل بطاريات أو كاوتش ينطبق عليها عد غنماتك ياجحا...طبعا ليس كل الصيادلة ملائكة فهناك صيدليات معروفة لنا تعتمد على تجارة الأدوية المسروقة من المستشفيات العامة والخاصة ومن التأمين الصحى ومستشفيات الشرطة والجيش وتحقق مكاسب هائلة وتعطى خصومات غير منطقية لزبائنها...وقد تعرضت لخيانة من أحد العاملين (رحمه الله) وقد أخذته فى جولة بعد كشفه لكى أسترد أدويتى المبخوسة من عدة صيدليات ولقنت كل منهم درسا فى أخلاقيات المهنة ...وطبعا كان ممكن حبسهم لإخفائهم مسروقات أو شراء أدوية مجهولة المصدر ...ولكن تغلبت الشفقة على زملاء مهنة حتى لا أكون السبب فى خراب بيوتهم...ويوما قال لى زميل أن صيدليتك تبيع الترامادول وهو من الأدوية المخدرة خارج القانون وهذا لم يحدث طبعا ولكنى عندما تحريت وجدت أن أحد العمال يختلس علبة كل فترة ويبيعها لحسابه وكانت نهايته ...ومثل هؤلاء عمره قصير وأتذكر أن أحدهم ذهب للعمل لدى صيدلية أخرى فسألنى صاحب الصيدلية عن سيرته فقلت له حرامى إيده طويلة فأعفاه من العمل عنده وذهب إلى صيدلية بعيدة ولم يذكرنى ووالده ترجانى ألا أذكره بشر عندما يستفسر أصحاب الصيدليات عنه فقلت له أبدا لن يكون ومن حسن حظه أن صاحب الصيدلية البعيدة لم يستفسر ومن سوء حظه أن الأمر إنتهى بفضيحة أيضا ...وهذا جزاء من لا يسأل عن عماله...
عموما معظم الذين عملوا معى كانوا ناس على قدر كبير من الأمانة وطالت عشرتهم لسنوات لدرجة أننى أعتبرهم أصحاب مال وأعطيهم نفس صلاحياتى...وفى يوم حضر زبون وطلب عددا من الأدوية محضرا معه علبا فارغة وبطريقة ما غافلنى ونقل محتوى عِلبى إلى عِلبُه وأستأذن للحظة حتى يطمئن على دراجته البخارية ...
وأختفى وإكتشفت أن العلب التى أمامى فارغة ...مرة أخرى طلب منى شاب دواء معينا غالى الثمن فأعطيته له وعندما مسك العلبة...إختطفها وأطلق ساقيه للريح...وراح
التجار عموما والصيادلة خصوصا يتعرضون لحالات سرقة يوميا وللأسف معظمها ناجح...وأذكر أن زميلا يعمل معى كان يعلق سويتره الشتوى فى المعمل لم يجده بعد إعطاء مريض حقنة ...المريض سرق السويتر بمافيه !
ويوما إختفت شنطة صغيرة تخصنى كانت موجودة معى بالصيدلية إلى أن وجدت فاعل خير يعيد لى أوراقى الثبوتية والشخصية التى لن ينتفع بها اللص ...كتر خيره...وحتى بعد توافر الكاميرات (الكومبيوتراتضبطت حالات الإختلاس الداخلية)فمافائدة أن تتعرف على اللص ولكن لا تعرف له موطنا...فغالبا هو ليس من أهالى المنطقة وحرامية المنيب يسرقون فى شبرا وحرامية المرج يسرقون فى المهندسين وحرامية سوهاج يسرقون فى المنيا ...وهكذا ...
الأطباء يتعرضون كذلك للسرقة من مرافقى مرضاهم ...زميل تم سرقة تليفونه المحمول من على مكتبه ...ولذا الطبيب الناصح الخبير يخفى كل ماغلا عن الأيدى الطويلة...
ملائكة الرحمة يطلبون من الحرامية الرحمة...كفاية عليهم الزبائن اللى عليها ديون مابتدفعهاش وإحنا لابنكتِب كمبيالات ولاشيكات زى بتوع الكاسات وأطقم الفناجين والكوفرتات...
طبعا ما أحنا ملايكة الرحمة والطمع فينا مع أن شركات الأدوية بتاخد فلوسها كاش أو شيكات مع تسليم البضاعة...وياما صيادلة تعرضوا للسجن بسبب مديونياتهم...
وعوملوا بلارحمة عندما تخلفوا عن السداد...أما اللصوص المتخصصون فى سرقة الصيدليات فأوجه إليهم نداء أرجوكم خفوا علينا شوية أما عن شركات الأدوية التى تبالغ فى تسعير منتجاتها بمساعدة فساد لجان التسعير فهذه سرقة من نوع آخر للمرضى وعلى الأطباء والصيادلة أن يراعوا الله فيهم أنتم ماعندكمش أخوات عيانين !