- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
ماذا تريد “حماس” من نشر فيديو الإسرائيلي المُحتجز؟
ماذا تريد “حماس” من نشر فيديو الإسرائيلي المُحتجز؟
- 18 يناير 2023, 9:54:00 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
غزة- نور أبو عيشة: يرى محللون سياسيون أن كتائب عز الدين القسّام، الذراع المسلّح لحركة “حماس”، تسعى من وراء نشر مقطع فيديو لأحد الإسرائيليين المحتجزين لديها، لكسر حالة الجمود في ملف تبادل الأسرى.
ويقول المحللون في تصريحات منفصلة لوكالة الأناضول، إن “حماس” تحاول إثارة المجتمع الإسرائيلي وخلق حالة من الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو لإعادة الحراك لملف تبادل الأسرى.
لكن بعضهم يستبعد أن يُفضي أي حراك يبذله الوسطاء في هذا الملف، لنتائج إيجابية، وذلك لعدم وجود رغبة لدى إسرائيل في تقديم تنازلات في ظل تمسّك “حماس” بشروطها.
وعن دلالة توقيت النشر، يعتقد المحللون أن هذا الفيديو من شأنه أن يضع الحكومة الإسرائيلية أمام استحقاقات ومهام شاقة خاصة في ظل الأزمات التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
والإثنين، نشرت “القسّام” مقطع فيديو، للإسرائيلي أبرا منغستو، وهو يرتدي قميصا أزرقا ويرسل رسالة صوتية لحكومته.
وقال منغستو في الفيديو: “إلى متى سأظل هنا في الأسر أنا ورفاقي بعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة والألم؟، أين دولة وشعب إسرائيل من مصيرنا؟”.
ولم تكشف الرسالة عن أسماء “الرفاق” الذين يقصدهم منغستو، حيث سبق وأن أعلنت “القسام” عن احتجازها لأربعة إسرائيليين بينهم جنديان أعلنت تل أبيب مقتلهما عام 2014.
وفي مقطع الفيديو، قالت “القسّام”، في رسالة مكتوبة: “كتائب القسّام تؤكد فشل رئيس الأركان المُغادر أفيف كوخافي ومؤسسته وكذبه على شعبه وحكومته بإنجازات مدعاة موهومة”.
وأضافت: “على خلف كوخافي، هرتسي هاليفي (يتولى مهامه اعتبارا من الثلاثاء)، أن يعدّ نفسه لحمل أعباء هذا الفشل وتوابعه”.
كما نشرت “القسام”، تصريحا سابقا لكوخافي، قال فيه “أنا آسف جدا أني لم أتمكن من إنجاز ملف الجنود في فترتي”.
وتحتفظ “حماس” في غزة، بجنديين إسرائيليين هما أورون شاؤول وهدار غولدين، بعد أن أسرتهما خلال حرب صيف 2014، فيما تقول إسرائيل إنهما قُتلا وتحتفظ الحركة برفاتهما.
كما تحتفظ الحركة بمدنيَين إسرائيليَين هما أبرا منغستو وهشام السيد، بعدما دخلا القطاع في ظروف غامضة في سبتمبر/ أيلول وديسمبر من العام ذاته، فيما كشفت “حماس” في يونيو/ حزيران 2022، عن تدهور طرأ على صحة “السيد”.
موقف جاد
وتعقيبا على الفيديو، قالت حركة “حماس” إن كتائب القسام “جادة في التعامل مع ملف الأسرى وقضية صفقة التبادل”.
وأضاف حازم قاسم، المتحدث باسم الحركة، في بيان وصل الأناضول: “ما نشرته كتائب القسام من تسجيل مصور لأحد الجنود الأسرى (الإسرائيليين) يؤكد الجدية في التعامل مع ملف الأسرى وصفقة التبادل”.
وأوضح أن “الحكومات (الإسرائيلية) المتعاقبة تمارس حالة من المماطلة والتسويف والتضليل المتعمّد حول وضع الأسرى (المُحتجزين) لدى القسام وصحتهم”.
وذكر أن الفصائل الفلسطينية المُسلّحة “قادرة على الإفراج عن الأسرى من داخل السجون الإسرائيلية إذ أثبتت قدرتها على الإبداع في الوسائل والأدوات”.
وجدد قاسم تأكيد حركته بعدم الإفراج عن الإسرائيليين المُحتجزين لديها إلا “بصفقة تبادل مُشرّفة”.
رسائل ودلالات
قال حسام الدجني، الكاتب والمحلل السياسي، إن مقطع الفيديو يحمل عددا من الرسائل التي تبثها حماس للحكومة الإسرائيلية ورئيس الأركان الجديد هرتسي هاليفي.
وأضاف أن حماس أرسلت رسالة لـ”هاليفي بضرورة اختصار الوقت وإنجاز صفقة تبادل، فَشل رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي بإنجازها”.
وأوضح الدجني، أن مقطع الفيديو أظهر منغستو بصحة جيدة بخلاف ما ادّعت عائلته والحكومة بأنه “مضطرب نفسيا”.
كما يتضمن الفيديو رسالة لإسرائيل بأن هناك المزيد من الإسرائيليين المحتجزين “أحياء”، بحيث تدّعي إسرائيل أن الجنديين المحتجزين لدى حماس عبارة عن “جثث”، كما قال.
واستكمل: “حينما قال منغستو (أنا ورفاقي)، هناك كناية أن عدد منهم ما زالوا أحياء، ومن المتوقع أن المقصود هو هدار جولدن، الذي عرضت القسام بندقيته الشهر الماضي في مهرجان انطلاقتها، وكانت بلا خدوش، ما يدحض الرواية الإسرائيلية التي تقول إنه قُتل بانفجار خلال حرب 2014”.
ولم تفصح حركة “حماس” عن مصير الجنديين المُحتجزين لديها، فيما كشفت في يونيو/ حزيران لعام 2022، عبر مقطع فيديو، عن الوضع الصحي للمدني هشام السيد.
ويعتقد الدجني أن مقطع الفيديو من شأنه أن “يُحرّك ملف تبادل الأسرى خلال عام 2023”.
ويرجح أن حديث الإعلام الإسرائيلي عن هذا المقطع والتعقيب عليه بشكل واسع، يتماشى مع إرادة نتنياهو بـ”ضرورة وجود غطاء ودعم شعبي للذهاب لصفقة تبادل”.
وأشار إلى أن الفيديو سيزيد من حجم الضغط الداخلي من المجتمع الإسرائيلي تحديدا من عائلات الجنود على الحكومة.
متغيرات إسرائيلية
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو زهري، إن كتائب “القسام” وجّهت هذه الرسالة المصوّرة في وقت حرج للغاية يتزامن مع عدة متغيرات في المجتمع والحكومة الإسرائيلية.
أبرز هذه المتغيّرات، بحسب أبو زهري، مرتبطة بـ”تغيير قيادة الأركان في إسرائيل ورغبة هاليفي في تحقيق أي إنجاز في ظل الإخفاقات المتكررة لحكومته”.
وأضاف: “القسام تقول لرئيس الأركان الجديد أن مهمتك شاقة وأن السبيل الوحيد للإفراج عن جنودكم هي إبرام صفقة تبادل وإلا ستتحمل أعباء وتداعيات خطيرة”.
وذكر أن نشر الفيديو، يأتي أيضا، “في ظل احتدام الخلاف السياسي داخل الكيان الإسرائيلي وارتفاع وتيرة تبادل الاتهامات تزامنا مع الحراك الداخلي مع عائلات الجنود المُحتجزين”.
كما يأتي هذا الفيديو في ظل “استمرار حالة المماطلة الإسرائيلية لتقديم أي ثمن حقيقي لإنجاز صفقة تبادل”، وفق قوله.
وأوضح أبو زهري أن كلام منغستو، خلال الفيديو، “يعكس مدى اليأس والاحباط من الحالة التي وصل إليها هو ورفاقه الأسرى نتيجة تخلي قيادة الاحتلال عنهم”.
استحقاقات جديدة
وقال أبو زهري إن نشر هذا الفيديو من شأنه أن يفرض “استحقاقات سياسية وأمنية” على إسرائيل، تدفع نحو تحريك ملف التبادل من جديد.
وعن الاستحقاقات السياسية، أضاف أبو زهري أن “رئيس الحكومة الإسرائيلية والجهة المكلّفة باتوا مُطالبين أمام المجتمع الإسرائيلي بالتحرك والتواصل مع الوسطاء وتقديم عروض جديدة لصفقة تبادل”.
وأردف: “مطلوب من الحكومة ومن يمثّلها أن يثبت لعائلات الجنود والمجتمع أنهم قادرون على تحريك الملف وإيجاد بدائل أُخرى، أو تغيير سياسات العمل في هذا الملف”.
وأما الاستحقاقات الأمنية، فهي مرتبطة بـ”زيادة العمل الأمني والاستخباراتي في هذا الملف بعد أن أثبتت الجهود السابقة فشلها”.
وقال عن ذلك: “قد تسعى إسرائيل لخيارات أمنية جديدة وبدائل، مثل شن عملية عسكرية على غزة لإضعاف حماس وإجبارها على الرضوخ (…) لكنه لن يفضي أيضا إلى نتائج”.
وأشار إلى أن حل هذا الملف لا يكون إلا بالتفاوض عبر وسطاء، في ظل تمسّك كل طرف بمطالبه ورفضه للتنازل عنها.
مفاجأة
من جانبه، يقول مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، إن الفيديو الذي نشرته كتائب القسام شكّل “مفاجأة للإسرائيليين خاصة وأنه جاء في توقيت تتعرض فيه تل أبيب لأزمات سياسية داخلية واحتجاجات”.
وأردف: “تريد حماس إثارة هذا الملف في الشارع الإسرائيلي في ظل المظاهرات والمعارضة القائمة”.
ويعتقد إبراهيم أن “حماس”، قد تنجح، من خلال هذا الفيديو في تحريك ملف صفقة التبادل، وسط الفجوات الكبيرة في الشروط والمطالب بين الحركة وإسرائيل لإنجاز هذا الملف.
ويرجح أنه، في حال تم خلق حراك حقيقي في هذا الملف، أن يتراجع الطرفان قليلا في الشروط لحلحة الملف.
ومساء الإثنين، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه لا يزال من غير الممكن تحديد مصداقية ما بثته حماس، لما يبدو أنه المواطن الإسرائيلي منغيستو المحتجز لديها منذ 8 أعوام.
وأضاف مكتب نتنياهو في رسالة بعثها للوزراء في حكومته ونقلتها قناة “كان”: “في هذه المرحلة، لا يزال من غير الممكن تحديد مصداقية الفيديو”.
واعتبر أن الفيديو “حيلة إعلامية دنيئة تتعلق بحالة إنسانية لمواطن إسرائيلي يعاني من مرض نفسي، مما يثبت أكثر من أي شيء أن حماس محبطة ومضغوطة”، على حد تعبيره.
وفي ظل انتقادات داخلية للسلطات الإسرائيلية في ملف الأسرى لدى “حماس”، قال مكتب نتنياهو إن “إسرائيل تستثمر كل مواردها وجهودها لإعادة أبنائها الأسرى والمفقودين إلى وطنهم”.
واتهم الحركة الفلسطينية بأنها “تعرقل أي فرصة للتوصل إلى صفقة”.
ومرارا، نفت “حماس” مثل هذه الاتهامات، وهددت بـ”إغلاق ملف الجنود الإسرائيليين لدى كتائب القسام إلى الأبد في حال ماطلت إسرائيل في صفقة التبادل”.
(الأناضول)