- ℃ 11 تركيا
- 26 ديسمبر 2024
مايكل عزت : مصر في حلمية عكاشة
مايكل عزت : مصر في حلمية عكاشة
- 30 مايو 2021, 6:31:36 ص
- 1890
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في ذكرى رحيل عملاق الدراما المصرية أسامة أنور عكاشة نتذكر كلمته عن الدراما بأن الدراما ليست جريدة يومية تجد بها اخبار كل شئ بل الدراما كفن تهضم التجربة وتستخرجها ولا تكون فن مناسبات ولا تنفع والا كانت فنا ضعيفا.فالظروف متغيره والفساد علي سبيل المثال كظاهرة لها جذورها وليس كاحداث وما يهم الكاتب الدرامي جذور الظاهرة واسبابها وليس مجرد احداثها الظاهره.
يتميز عكاشة بالحيادية في كتاباته وعدم الانحياز المطلق لفكرة معينة او انتماء، فعلي سبيل المثال المسلسل الاشهر بالنسبة للمصريين عموما مسلسل ليالي الحلمية،نشاهد في حلقات الجزء الأول مصر في عهد الملك فاروق الاول و حياة الرخاء لدي نسبة قليلة جدا لا تتعدي ١٠ ٪ من الشعب المصري الذين يطلقون عليهم البشوات او الاقطاعيين، وحالة الفقر و الاحتياج المتمثلة في ٩٠ ٪ المصريين الذين لا يجدون قوت يومهم و استعباد الطبقات الارستقراطية لهم ،و نشاهد أيضا الفدائيين الذين يوهبون حياتهم في سبيل وطنهم تاركين عائلاتهم و مستقبلهم ، ويكونوا الفدائيين اغلبهم من أصحاب الطبقات الفقيرة مثل طه السماحي شقيق القهوجي زينهم و عمال المصنع أمثال زكريا و شاهين و طقطق و غيرهم،
الا ان أسامة أنور عكاشة أظهر الجانب الوطني و الإنساني عند نسبة وحتي لو بسيطة من أبناء البشوات مثل ابن العمدة سلمان غانم الذي يمثله الفنان الكبير صلاح السعدني الذي استشهد على يد الإنجليز، و في جنازته نري والده العمدة سلمان غانم برغم الحزن علي فقدان ابنه الا انه كان فخور و طلب من المتواجدين في العزاء عدم البكاء عليه لأنه بطل و شهيد و طلب من زوجته ان تفتخر بابنها و طلب منها ان تزغرد، ثم تأتي ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ونرى فرحة الشارع المصري و خصوصا الاحياء الشعبية، وانهيار الطبقات الارستقراطية خصوصا بعد التاميم و غضبهم بسبب تحويل مصانعهم و شركاتهم إلى قطاع عام و الحماس الزائد لدي عمال المصانع و الفلاحين، لأن العمال شعروا بأنهم يعملوا في مصانعهم بالفعل ليس عامل باليومية، و الفلاحين عادت لهم أراضيهم، و تمر الأيام و السنين ويبدأ بعض رجال السلطة بالانحراف عن أهداف ثورة يوليو لتحقيق أغراضهم الشخصية و أصبحت مصالحهم الشخصية تعلو مصلحة الوطن،
و الموظف كلما اراد الترقية من منصبه كلما كتب تقارير عن زملاءه و العمال مثل شخصية حلمي الذي جسدها الفنان القدير سامح الصريطي وصل لمنصب المدير العام ليس بسبب كفاءته لكن بسبب كتابته التقارير عن زملاءه، حتي بعض رجال الدولة الذين كانوا مع الفدائيين على القنال لطرد الإنجليز تركوا السلطة و ظلوا يبحثوا عن مصالحهم الا ان جاءت نكسة ٥ يونيه ١٩٦٧، التي فضحت بعض رجال السلطة امام الشعب و امام الرئيس عبد الناصر شخصيا ، وبعد النكسة تأكد الرئيس و الشعب بأنهم لن يخسروا الحرب بل خسروا مجرد جولة، و نري حزن سليم البدري الذي يجسده الفنان يحيي الفخراني علي هزيمة الجيش المصري بالرغم من عداوته مع النظام الحاكم الا انه قال ومصر مالها من ده كله انا مع مصر بلدي اللي مدفون فيها ابويا و امي، فتقول له زوجته التي يعود أصولها للعائلة المالكة بسخرية خلاص روح اقف جنب عبد الناصر في محنته، فنلاحظ انحياز عكاشة لثورة يوليو و أهدافها ولكن هذا لا يمنع من وجود بعض الرجال الفاسدين في دولة عبد الناصر وان دل على شي يدل على وطنية أسامة أنور عكاشة و استخدام الدقة في الكتابة،
ونلاحظ أيضا لهفة المصريين في المقهى لسماع الاخبار فى الراديو و تهليلهم لسماع خبر تفجير الجيش المصري لايلات الاسرائيلية، حتي المصريين المقيمين في باريس المحسوبين من بقايا النظام الملكي والمختلفين مع نظام عبد الناصر و حتي ان كان بهم أخطاء و انتهازيين الا ان وقت تفجير ايلات فرحوا جدا، وان دل على شي يدل على حب المصريين لبلدهم حتي وان اختلفوا في الإنتماءات و الديانات وغيره، فاغلب المصريين يقدمون مصلحة وطنهم الا نسبة قليلة.