مجدي الحداد : ما بين الصاروخ الصيني والحروب السيبرانية

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 9 مايو 2021, 1:45:57 ص
  • eye 790
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

دعمت الولايات المتحدة جمهورية الصين الشعبية ــ واحتفظت بذات الوقت بروابط وثيقة مع جمهورية الصين الوطنية ؛ التي هي تايوان .

 وهو الأمر الذي لا تقره بكين باعتبار تايوان جزء من الوطن الأم ، وحيث لا تزال ، وحتى اللحظة ، تطالب بضمها إلى جمهورية الصين الشعبية . 

وتعارض في ذات الوقت كل من يقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان وقد يصل الأمر حتى إلى قطع العلاقات ، وذلك باستثناء الولايات المتحدة طبعا

 ــ لقد دعمت واشنطن بكين إذن في حقبة الحرب الباردة وخاصة إزاء صراعها الخفي أحيانا ، والمعلن في أحيان أخرى مع الإتحاد السوفيتي السابق .

ويرجع دعم وشانطن لبكين لعدة أسباب رئيسية في حقيقة الأمر ، منها مثلا إعمالا لمبدأ عدو عدوي صديقي . وثانيا إعلان الصين صراحة ، ومنذ عهد ماو تسي تونج ،

 وحتى في أعقاب وأثناء ثورته الثقافية ، أن الصين لا تسعى إلى تصدير ثورتها إلى أي مكان أخر في العالم . وأكدت على أن الثورة الصينية ،

 وحتى النظام الشيوعي الصيني هو محض تجربة صينية خاصة ، و شأن داخلي ، وقد اخترته الصين لأنها رأت إنه أكثر ملائمة لشعبها في هذه المنطقة من العالم ،

 وذلك جنبا إلى جنب مع التعاليم ، أو التراث " الكنوفشيوسي " الصيني المعروف بطبيعة الحال .

ومرد العداوة السوفيتية للصين يعود إلى تبني الصين لنظرية شيوعية قفزت فوق التعاليم أو النظرية الماركسية ، والتي حاولت روسيا ما بعد القيصرية ،

 أو ثورة لينين في اكتوبر 1917  ، أو الثورة البلشيفية ، تبنيها على الرغم من أن روسيا في هذا الوقت لم تكن بلد صناعي ، وكما اشترط  كارل ماركس لنجاح نظريته .

وقد أعلنت الصين إن تطبيق الشيوعية لديها لا يشترط المرور بالمرحلة الإشتراكية . وهذا في حد ذاته كان كافيا لقلب النظرية الماركسية رأسا على عقب ،

 وخاصة في حال نجاح الصين وتفوقها إقتصاديا على الأقل على سائر العالم الثاني ــ ووفقا للتصنيف الغربي لعالم الأمس واليوم ..! 

ــ أو ما يعرف بالعالم الإشتراكي . وهذا كان سببا كافيا إذن لمعادة الإتحاد السوفيتي السابق ، ومعه حلف وارسو السابق لمعاداة الصين وخاصة عندما تظهر إخفاقهم جميعا ، 

ومع تبنيهم للنظرية الماركسية بحذافيرها ، بينما هي تبنت الشيوعية ، وكما أسلفنا ، وبدون المرور بالمرحلة الإشتراكية ، 

وبما يناقض حتى قول كارل ماركس بأن : " الإشتراكية هي التطور الحتمي للرأسمالية " ، وتنجح نجاحا باهرا حتى ولو اقتصر ذلك على الناحية الإقتصادية فقط ..!

ولعل تلك العداوة السوفيتية الصينية السابقة دفعت هيكل ليعلق على ذلك حصرا ؛ قائلا ؛ وما مفاده : " أن عداوة الصديق قد تصير أكثر شراسة من عداوة العدو الحقيقي " . 

وربما كان ذلك إنعكاسا لحالة الصراع المحتدم بين الصين وموسكو ، والذي ظهر بشكل جلي في الساحة الخلفية لكليهما ، وباختصار ، في الهند الصينية .

وهذا إذن ، بجانب كل ما سبق ذكره ، كان سببا كافيا للتقارب الأمريكي خاصة ، والغربي عامة ، مع جمهورية الصين الشعبية . 

وأكثر من ذلك ؛ فقد سعت الولايات المتحدة إلى فتح جبهة أخرى مع الإتحاد السوفيتي السابق وربما على تماس مع أرضه أو بالأحرى في حدوده المشتركة مع الصين .

ومن هنا رغبت الولايات المتحدة ، وحتى بناءا على رغبة الحكومة الصينية ــ تصور ..! ــ بتطوير وتحديث الجيش الصيني بنفسها ،

 وخاصة في مجال تكنولوجيا الإتصالات والإلكترونيات ، وحيث كانت الصين شديدة التخلف في تلك المجالات بالذات ..! 

وقد ترأس ، أو تصدى لهذه المهمة الأكاديمي ، والفني ، والعالم ؛ وليام بيري ، والذي شغل منصب وزير الدفاع فيما بعد ،

 وفي عهد كلينتون ، وكان ذلك ، وباختصار ، بمثابة  أخر منصب رسمي تولاه في الحكومة الأمريكية ، أو أي إدارة أمريكية .

إذن فكانت الصين ، ولا زالت ، تعتمد على الولايات المتحدة ــ كما تدين لها في ذات الوقت بما وصلت إليه من تقنية متقدمة جدا في هذا المجال ،

 ولكنها مع ذلك مشروطة ، أو مقيدة بطبيعة الحال ..! ــ في تكنولوجيا الإتصالات ، وحتى في تطبيقات " السوفت وير " التي ابتدعتها الصين ؛ كتطبييق "تيك توك " مثلا .

وعندما " شبت " الصين عن الطوق الأمريكي في مجال تكنولوجيا الإتصالات ، وربما حتى الرقائق الإلكترونية ، ظهر على العلن الخلاف أو الصراع الأمريكي الصيني ، 

والذي أخذ ، أو اتخذ صور شتى ؛ كالحرب التجارية والخاصة بالرقائق الإلكترونية ، والجيل الخامس ، وشركة " هاووي " وغيرها . وقد ظهر ذلك جليا ، وبطريقة أكثر شراسة ، 

 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب ، والذي نادى ؛ كما تبنى مبدأ ؛ " أمريكا أولا " .

هذا وقد ظهرت بوادر وثمرة ثورة تكنولوجيا الإتصلات ، والتي كان رائدها وليام بيري ، في تزويد طائرات الشبح الأمريكية بهذه التكنولوجيا من ناحية ،

 ونجاح بيري أيضا في أن يكون هو بمثابة الرائد لحرب إلكترونية جديدة ، والتي تعارف عليها ، وعُرفت فيما بعد بالحرب " السيبرانية " ..!

وكان أول تجربة عملية ناجحة في تلك الحرب السيبرانية التي ابتدعها بيري ، هو تخريب مفاعل نووي إيراني عن بعد ،

 وفي مرحلة مبكرة جدا ــ وقد تلا ذلك ، وحتى بعد رحيل بيري عن البيت الأبيض ، تفجيرات عديدة أخرى في مفاعيل نووية عددية وغيرها في إيران ، وكان أخرها مفاعل نطنز .

لكن هل يمكن أن تكون تلك الحرب السيبرانية ، وفي أوج الحرب البارة ، مع الإتحاد السوفيتي السابق ، وحلف وارسو ، قد شملت أيضا ، وفي مراحلها المبكرة ، مفاعل " تشرنوبل " بأكورانيا عام 1986 ..؟!

وقد تطورت الحروب السيبرانية ــ وربما خرجت عن السيطرة قليلا ــ على أية حال ، وحتى قد غطت ، وشملت العالم كله تقريبا الآن . 

وكنا قد سمعنا مؤخرا أن الولايات المتحدة استطاعت أن تخرج صاروخ صيني قد أطلقته الصين ، عن تحكم الصين ، أو حتى مجال رؤيتها وتحكمها ،

 وذلك بامتلاك الأولى ناصية تكنولوجيا التتبع المتقدمة ــ أو " الجي . بي . إس " . وبعدها مباشرة سمعنا بالصاروخ الصيني الذي خصصته الصين لنقل بعض أجزاء محطتها الفضائية التي تزمع إنشائها في الفضاء الخارجي ،

 والذي يدور الآن حول الأرض بسرعة بلغت حوالي 26000 كم في الساعة مرة كل 90 دقيقة تقريبا ، ولا يدري أحد ، 

وبما في ذلك الصين ذاتها مطلقة الصاروخ ، أين ومتى سيسقط ذلك الصاروخ ، وما الأثار السلبية التي يمكن أن تترتب على سقوطه ..؟!.

إذن فمن غير المستبعد أن تكون الحرب " السيبرانية " التي تشنها الولايات المتحدة ــ بجانب الحرب التجارية ، والميكروبية ــ والخاصة باتهام الصين بإنها السبب في إنتشار وتفشي وباء كورونا حول العالم ،

 والذي ظهر أولا في مقاطعة "وهان" بالصين ، وحتى أن ترامب قد أسماه بالفيروس الصيني بدلا من " كوفيد 19 " ..! ــ وغيرها من حروب أخرى ــ قد تكون من صنعها ،

 و تداعيتها ، حرف الصاروخ الفضائي الصيني عن مساره الطبيعي ، أوالمخطط له سلفا من قبل الصين ، للجم الطموح الفضائي و" السيبراني " الصيني من ناحية ،

 وعقاب الصين من ناحية أخرى لتجرأها على الخروج من العباءة أو "المظلة" الأمريكية وإظهرها بمظهر الملام ، والعاجز في ذات الوقت ، أمام العالم ، حتى في التحكم فيما تطلقه من صواريخ فضاء ..!

وربما أن الصين قد سعت إلى إنشاء المحطة الفضائية الخاصة بها ، عندما رغبت في الإنضمام إلى محطة الفضاء الدولية ،

 وحيث قد انضم إليها أيضا ، عدو الأمس ، وصديق اليوم ــ وخاصة بعد تبنيه نظرية السوق ــ دولة روسيا الإتحادية ؛ وريث الإتحاد السوفيتي السابق ، ورُفض طلبها ..!

التعليقات (0)