- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
مجدي الحداد يكتب : إعلام السامسونج
مجدي الحداد يكتب : إعلام السامسونج
- 11 يونيو 2021, 8:00:56 م
- 3062
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
هذا العنوان ، أو التعبير ، يعود للدكتور ممدوح حمزة ، في حقيقة الأمر ، وأرجو أن يسمح لي بأستعارته .
دأبت دولة العسكر بعد الصعود على درج الخيانة ، والبدأ من ثم بتخطي ، أو تسلق ، درجة الخيانة الأولى بعد " كامب ديفيد " ، أن "يحج" كل حاكم عسكري ــ والذي يمثل حرفيا قوى الإحتلال الداخلي بالمدفع والدبابة للشعب والقوى المدنية الحقيقية الحية ؛ طالما ظل فارضا سطوته وكلمته هو ــ حتى ولو كانت كارثية ؛ وهي بالفعل كذلك في حقيقة الأمر ــ مانعا في ذات الوقت أو حاجبا أو بالأحرى مغيبا الوعي وكذا كل رأي مخالف ومهما كانت صحته ونفعيته وحجيته ، وذلك بشتي الطرق المادية أو المعنوية أو الإثنين معا . ولا يفعل ذلك عادة إلا قوى الإحتلال ؛ بل أن الإحتلال الخارجي ــ وليس تلك دعوة له وليعاذ بالله ؛ فكل صور وأشكال الإحتلال مرفوضة ــ أحيانا كثيرة يكون أكثر نعومة وأكثر تفهما وأكثر مرونة بل وأكثر عقلانية ومفهومية وحرصا على مصالح البلد المحتل ــ أنظر مثلا إلى كل الإتفاقيات السابقة التي كانت تحمى مياه النيل ، والتي تنازل عنها الآن حاكم مصر وفي عهد الإستقلال عن المحتل ..!
إذن فمنذ عهد السادات ــ وليس مبارك ــ دأب الحاكم المحتل الداخلي أن يحج سنويا ويطوف حول البيت الأبيض حتى ولو لم توجه له دعوة رسمية لزيارة البيت الأبيض ، وحتى ولو كان جدول أعمال الرئيس الأمركي مزدحما ولا يسمح بلقاء العملاء ، فيوكل عندئذ أحد موظفي الخارجية لإستقبال العميل نيابة عن الرئيس ، حتى لو اقتصر الأمر على حفل شاي في أي فندق ..!
وطبعا الغرض الأساسي من تلك الزيارة ليست هي رعاية المصالح التاريخية بين البلدين ، والمصالح المشتركة ، وغيرها من تعبيرات جوفاء ، ولكن الغرض الأساسي هنا هو غالبا تجديد بيعة هذا العميل أو ذاك ، بعد أو من خلال الطواف حول البيت .
وسبحان الله ؛ يلجأ العميل من هؤلاء بشتى الطرق والأساليب الإحتيالية ، وبمعاونة سحرة فرعون ، لتحويل الإنتخابات الرئاسية الداخلية خاصة وكأنها تظاهرة لبيعة العميل وليس إنتخابا حقيقيا يراعى فيه حرية الإختيار الحر بين أكثر من مرشح لمنصب الرئيس . لذا فكان من الطبيعي أن لا تحظى مثل تلك الإنتخابات بأي قدر من الإعتراف الداخلي أو الخارجي ولا حتى الإحترام ، فضلا عن إمتناع جل الناخبين أصلا عن الذهاب لصندوق الإنتخابات ــ لكنهم لايستحون ؛ وهيهات هيهات أن يفعلون ...!
المهم ، وأعتذر عن كل تلك المقدمة ، والتى أرى أنه لم يكن من مفر منها ، إن السادات والذي بدأ بهدم اللبنة الأولى من الدولة ــ الدور ، والرمز ، والحضارة ، والمستقبل ــ كان في زيارة للولايات المتحدة ، ولكنه كان يصطحب معه بعض الرموز في الفكر والثقافة كالدكتور مصطفى محمود مثلا ، وغيره ــ مش صبي عالمه ، أو قواد سابق فى ملهى " الميلون رووج " ..! ــ فقال له جورج بوش الأب ، وكان وقتها يشغل منصب نائب الرئيس رونالد ريجان ، وقبل ذلك كان يشغل منصب مدير المخابرات الأمريكية ــ ولاحظ ذلك ــ " السي . أي . أيه " ــ واستغفر الله العظيم ــ : " إن الله خلق الكون في ستة أيام واستراح في اليوم السابع ليخلق هذا الشيء العظيم " ، ويقصد بذلك ، وليعاذ بالله ، واستغفر الله العظيم ؛ السادات ..!
فما كان من السادات النرجسي المريض ــ وكلهم كذلك في حقيقة الأمر ، ولكن بدرجات متفاوته ، يأخذ منحى صاعد وبكل أسف ..! ــ والذي كان يلقب نفسه بالرئيس المؤمن ، أن طرُبَ كثيرا لما قاله له جورج بوش الأب . وكل من كان حول السادات يعلم تماما أنه كان ؛ ليس ينافقه ، لأنه هو ، وإدارته طبعا ، من يملك حقيقة عزله أو إبقاءه ، وليس الشعب بكل أسف ــ وكما في وضعنا الراهن ــ ولكن ، وبلغة الشارع ؛ كان ب" يقرطسه " ، وكما فعلوا معه في عهد كارتر وحصلوا منه على توقيعات ملزمة بشأن إتفاقيات كامب ديفيد مثلا . فقال السادات لمصطفى محمود ــ وحسب رواية الأخير غالبا ــ " أيه رأيك يامصطفى لو ننشر هذا الكلام في الجرايد عندنا ، وينزل "مانشت" عريض في كل الصحف ..؟!"
فقال له مصطفى محمود : " لا يجب أن نفعل ذلك ، بل يجب أن ننسى ما قاله نائب الرئيس . ونحن بلد مؤمن ولدى شعبها حساسية شديدة لكل ما يمس أو يتعلق بالقضايا الإيمانية . ومتنساش كمان إنك اتخذت شعار ؛ " العلم والإيمان " ، شعارا رسميا لعهدك ... " ــ ولكن للأمانة أيضا ؛ فقد كان موسى صبري من أكثر المتحمسين للنشر ، وكان يشغل منصب رئيس تحرير جريدة الأخبار على ما أتذكر ــ المهم إنه كان يتبع مدرسة على ومصطفى أمين ــ فلقد كان الراحل أيامها شيخ المعرضين .. صحيح لكل عصر ، أو لكل عرص معرصينه ، ولا مؤاخذة ...!
وامتثل السادات في حقيقة الأمر لقول أو نصيحة مصطفى محمود . بيد أن السادات ، وعلى كل سؤاته ، فإنه مع ذلك كانت له خطوط حمراء لا يمكن له أن يتجوازها ، كما كان مستشاريه بمثل هذا الثقل النسبي ، والذين كانوا لا يخشون من إسداء النصح له حتى ولو أقتضى الأمر عدم نشر مديح نائب رئيس أمريكى له ، وهذا أمر جلل طبعا لكل نرجسي مريض دونه حتى هلاك البلاد والعباد ..!
أقول ذلك بمناسبة نشر صورة للحاكم على غلاف إحدى المجلات المصرية ، وهو مرتديا نظارة شمس ، " ولاوي" وجهه أو " بوزه " بطريقة مسرحية مبتذلة مصطنعة لإظهار نوع من العظمة المزيفة ــ أو إن شئت الفنكوشية ؛ وحيث صار الأخير ، وبحق ، شعار المرحلة ...! ــ فأظهر كل ما به من حقارة " . ولا يهم الصورة ، ولا حتى " لوية بوزه " المصطنعة ، بقدر ما يهم ما هو مكتوب من تعليق أسفل الصورة ، وحيث كتب ؛ " مصر هبة السيسي " ، أفلم يكن أحد من حوله غير الخصي وقوادي الملاهي الليلية ، يقول له مثلما قال مصطفى محمود للسادات عندما كان معا في واشنطن ؛ " أن هذا لا يصح فالشعب المصري لديه حساسية شديدة للقضايا الإيمانية ، وإن مصر ليست حتى هبة النيل ولا هبة الشعب المصري ، ولكنها فقط هبة الله ؛ مصر هبة الله ..؟!
ثم ما هذا الإستفزاز يا أخي ؛ ده لا يوجد حاكم في العالم ، ولا حتى في التاريخ ، فرط في أرضي وثروات ومياه ونيل وحتى كرامة بلده مثلما فرط فيها الحاكم الحالي ، وجاي بعد كدا تحط صورته كغلاف للمجلة ، وتكتب عليها ؛ " مصر هبة السيسي " ..؟!
هقول أيه بس ، عيب وأنا في السن ده تخرج مني كلمة مش ظريفة على مثل هذا التبجح والبجاحة التي ليس لها نظير ..!
بيد أن إعلام السامسونج لم يعد قاصرا الآن على المذيعين والمذيعات ، والسياسيين والسياسيات ، و حتى المدارس والجامعات والكيجيهات ، بل إنه انتشر حقيقة كوباء ، حتى وصل ؛ الجوامع ، وحيث يأتي لخطيب الجمعة رسالة بالخطبة التي يجب أن يخطبها ، وذلك على مستوى الجمهورية . والله لولا الحرمانية لصليتها ظهر ــ قضاء ــ في البيت ..!
وعلى الله قصد السبيل .